منذ ثمانية أيام، تخوض الحكومة المصرية حربًا شرسة في المحافظات، لتنفيذ حملات إزالة بالمئات للمباني المخالفة والتعديات على الأراضي الزراعية والصحراوية وأملاك الدولة. لكن واجهت حملة الإزالة انتقادات كبيرة من جانب المواطنين والمتخصصين بأنها تستهدف فقط البسطاء، ومن لا يملكون نفوذ داخل الدولة، وتتجاهل رجال الأعمال وكبار المستثمرين نظرًا لعلاقتهم بالمسئولين في الدولة. وقال الرئيس عبالفتاح السيسي، إنه "لا مجاملة" في إزالة التعديات ولا يوجد أحد أعلى من القانون، وبعدها مباشرة بدأت الحملات في إزالة تعديات رجال الأعمال وكبار المسئولين السابقين في الدولة. وأزالت وزارة الري تعديًا للدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء الأسبق، بالبدرشين بالجيزة، لأنها كانت تقع في المساحة المخصصة لحرم النهر، كذلك نفذت الوزارة حملات لإزالة فيلل ومنازل تابعة لرجال أعمال ثقال في المحافظات، وكانت تلك التعديات موجودة منذ عام 2011 ولم تتخذ الدولة أي إجراء نحوها. وكانت "فيلا نظيف" موجودة بالبدرشين، وخاطبت وزارة الري الداخلية لإزالتها أكثر من مرة منذ عام 2011، فيما كانت الداخلية تتجاهل الطلب، خصوصا بعدما تم الإفراج عن نظيف وبراءته من القضايا المتهم فيها، لكنها بقدرة قادر نفذت إجراءات الإزالة ضمن حملة إزالة التعديات الضخمة بالمحافظات. وقال الدكتور صلاح عز، رئيس قطاع حماية نهر النيل، في تصريحات سابقة إلى "المصريون"، إن وزارة الري خاطبت وزارة الداخلية أكثر من مرة لإزالة فيلا نظيف أكثر من مرة، لافتا إلى أن الداخلية كانت تعتبر إن نظيف متهم لازال يحاكم في قضايا والتحفظ على أمواله وممتلكاته يمنع إزالتها. وأوضح عز أنه بعد الإفراج عن نظيف خاطب "الري" الداخلية مرة أخرى لإزالة الفيلا، لكن الإجراءات أخذت أكثر من عامين، لافتا إلى أنه لم يكن يعرف السبب، لكنه فوجئ بصدور قرارات الإزالة الفورية للفيلا ضمن عدد كبير من القرارات المتأخرة، وتم التنفيذ. ولا تقتصر حملة الري في المحافظات على إزالة تعديات لبعض الأشخاص، بل يصل الأمر لإزالة أبراج كاملة، كما هو الحال في محافظة القليوبية، وبالتحديد في مدينة بنها، أزالت البرج المخالف بمدينة بنها عن طريق "التفجير"، وأكدت أنها أخلت البرج من السكان، وتمت عملية التفجير بمساعدة القوات المسلحة. وأشارت الوزارة في بيان لها، إلى أنه لطول البرج، فإنه تم استخدام "التفجير" في إزالته، حيث كان يتكون من 12 طابقًا كاملاً، وكان يقع في البر الغربي لنهر النيل بقرية وروارة غرب مدينة بنها وصدر له قرار إزالة لوقوعه فى المنطقة المحظورة على نهر النيل. وأثناء إزالة البرج، أصيب الدكتور صلاح عز، رئيس قطاع حماية نهر النيل، نتيجة تطاير قطع من الطوب عليها خلال عملية التفجير، حيث تم نقله إلى مستشفى بنها الجامعي لتلقي العلاج، وكانت الإصابة بسيطة وخرج بعدها فورًا. ويتخوف اقتصاديون من تأثير قرارات الإزالة على المستثمرين، خصوصا وأن هناك عدد كبير من رجال الأعمال والمستثمرين المتعدين على أراضي مساحتها تقدر بعشرات الأفدنة، وهو ما قد يجعل هروب هؤلاء من السوق المصرية أمرًا "واردًا". وأوضح الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، أن هروب المستثمر من مصر لن يكون مرتبطا بإزالة التعديات وإنما لأنه لا توجد بيئة استثمارية مناسبة لهم، معتبرًا أن من حق الدولة استعادة أراضيها بكل الطرق المتاحة. وأضاف الدمرداش ل "المصريون"، أنه بالتأكيد فإن المتعدي سواء شخص عادي أو مستثمر، سيحاول تفادي حملات الإزالة عن طريق اتصالاته، وإذا لم يجد بد من ذلك، فسيأخذ ما يستطيع حمله ويرحل، مشيرًا إلى أن من ترتبط مصالحة بوجود التعديات سيتضرر كثيرا ولن يجد في مصر البيئة المناسبة له.
وبشكل عام فإن هناك مستثمرين يمتلكون آلاف الأفدنة والتي تقع بعضها في مباني مخالفة، إضافة إلى أن العديد منهم قام بتحول نشاط الأرض من زراعية إلى عمرانية، وهؤلاء سيجدون صعوبة كبيرة في التعامل مع حملات الإزالة الحالية.