الطابور الطويل الذى وقفت فيه أمام قنصلية مصر فى دبى كان مبهجًا لى لأكثر من سبب.. الأول: الإصرار الذى دفع المصريين المقيمين فى إمارات بعيدة للمجىء إلى دبى للتصويت فى أول انتخابات رئاسية تنافسية. الثانى: الأطفال الذين جاءوا بصحبة آبائهم وأمهاتهم ليشهدوا فى سن مبكرة من حياتهم ما لم نشهده حتى بلغنا الهزيع الأخير من حياتنا.. الثالث: كل الذين جاءوا للاقتراع قرأوا جيدًا عن المرشحين ويعرفون لمن يمنحون أصواتهم. لم تتأثر امرأة بزوجها ولا زوج بآراء آخرين ولا أحد تأثر بمناظرة أو بمقال فى صحيفة يهاجم هذا ويدعو لذاك. أنا مثلاً وضعت "علامة" على المرشح، الذى اقتنعت بعد بحث طويل أنه الأكفأ والأصلح للمرحلة القادمة، ولم أقل لزوجتى من هو حتى أدع لها حريتها الكاملة وعدم التأثر بى، لكنى فوجئت بأنها اختارت ذات الشخص لأنها بنت نفس الاقتناع. فى النهاية تكتشف أن لا علاقة باستطلاعات "الأهرام" باختيارات الناس، وأنها إذا لم تكن استطلاعات مضروبة، فهى على الأقل مغرر بها أو مغررة.. وما تحاوله محطات التليفزيون من الدعاية المباشرة أو غير المباشرة لمرشح بعينه لا يجدى شيئًا.. الشعب تجاوز "الكى جى بى" ديمقراطية ومرحلة التعليم الأساسى، وأصبح فى الثانوية العامة، وكثيرون تجاوزوها إلى الجامعة. فى الليل كانت بعض برامج التوك شو تراهن على ما تسميه الكتلة الصامتة أو الحرجة أو التى لم تتخذ قرارها بعد أو حزب الكنبة الباحث عن الأمان والاستقرار.. وبعد كلام طويل وممل انتهت إلى أن المستفيد من أصوات هؤلاء هو أحمد شفيق لأنه "ضابط" حازم يملك سلطة الضبط والربط والتأثير على الجيش! دعاية ممجوجة ومفضوحة، فالثورة لم تقم لكى يذهب الفرعون ويأتى فرعون صغير قابل للتسمين السريع. والثورة لم تقم ليظل يحكمنا الجيش. ثم من قال إن الكتلة الصامتة أو الحرجة أو حزب الكنبة هم الطرف الثالث الذى يقوده شفيق يا راااجل؟! الكتلة الصامتة ذكية للغاية، إنها مثل هؤلاء الذين وقفوا فى الطابور يدركون تمامًا من يستحق أصواتهم، لا من يضحك عليهم بجلب الأمن فى 24 ساعة.. ثم ما فائدة الأمن مع الفراعين.. ماذا استفادت مصر من أمن مصنوع بواسطة الديكتاتوريات التى أخرست الألسنة ودخلت على الناس غرف نومهم؟! [email protected]