"تكدير السلم العام"، كانت هذه التهمة هي الأشهر في قاموس الاتهامات التي توجه للمعارضين، وأصحاب الرأي، ومع ما كانت ما تثيره من جدل وتهكم، إلا أنها لم تنل هذا الكم من التعليقات الممزوجة بالسخرية، كما حصل مع تهمة "خدش رونق القضاء", التي واجهها الصحفي طارق حافظ، بعد نشره تقريرًا عن تعيينات النيابة العامة الأخيرة. ويرى خبراء قانونيون أن هذه التهم في أغلبها غير قانونية، ولم تذكر في نص قانوني، ومن ثم يحصل أصحابها على الإفراج النهائي بشكل سريع, بينما يرى آخرون أنها تهم سياسية تؤكد تدخل الجهة التنفيذية في عمل القضاء, وتهدف لتكميم الأفواه وتقييد الحرية الشخصية. قال طارق نجيدة، الخبير القانوني، إنه "لا توجد عقوبة إلا بنص قانوني أو دستوري وإن أغلب الاتهامات التي وجهت للصحفيين أو أصحاب الرأي في الآونة الأخيرة، ومن بينها "خدش رونق القضاء" لا تعد قانونية ولم يتضمنها قانون العقوبات الجنائية أو الدستور، وبالتالي فإن توجيه الاتهام لأي شخص بهذه الاتهامات يعد غير قانوني في حد ذاته وتعرض للحرية الشخصية". وأضاف نجيدة ل"المصريون": "قضايا النشر بصفة عامة لا تعد جريمة وتعتبر محاولة لتكميم الأفواه واعتداء على حرية الرأي والتعبير وأن توجيه اتهامات بهذه الصيغة يعد أمرًا هزليًا". وأوضح أن "الكثير من أصحاب الرأي استخدمت ضدهم هذه الاتهامات كطريقة من النظام السياسي سواء إبان حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك أو محمد مرسي أو في عهد الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي؛ للسيطرة على العقول ومنع شتى الطرق للتعبير عن الرأي". وأكد نجيدة أن "مجلس النواب بدلاً من إصدار تشريع قانوني يمنع توجيه تهم مثل إهانة الرئيس أو خدش رونق القضاء وغيرها من التهم المتعلقة بحرية الفكر والتعبير, فإنه بصدد عمل قانون يمنع إهانة البرلمان، وهو الأمر الذي يفتح الباب أمام التتبع القضائي لمثل هذه القوانين التي تصادر الرأي وتعطي المؤسسات قدسية لا حق لها فيها". من جهته، قال المستشار عادل فرغلي، رئيس محاكم مجلس الدولة الأسبق، إن "توجيه التهمة إلى الشخصيات العادية أو الاعتبارية يراعي المنحي المادي والمعنوي ويأخذ في الاعتبار دواعي الصالح العام, والقانون المصري أكد عدم تجريم قضايا النشر وأن استنساخ تهم جديدة مثل "خدش رونق القضاء" أو إهانة البرلمان أو غيرها من هذه التهم لا تعتبر قانونية بأي شكل من الأشكال". واستنكر فرغلي في تصريح إلى "المصريون" التهم التي توجهها النيابة للصحفيين أو أصحاب رأي في الآونة الأخيرة مع عدم وجود نص قانوني لهذه الاتهامات ما يجعل القضاء في مرمى المواطنين ويجعله عرضة للتشكيك في نزاهته وتعرضه للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي. وأكد أنه "مع وجود اتهامات مثل إهانة الرئيس وإهانة القضاة تجعل التدخل الحكومي متاحًا في القضاء كما أنها تهم مهلهلة لا يمكن الاستناد عليها في تحويل أشخاص لمحاكمة".