تلقيت أمس عدة رسائل ومكالمات تليفونية من أصدقاء وزملاء أعزاء بشأن حديثى عن مشروع قانون تجريم إهانة ثورتى 25 يناير و30 يونية.. الرسائل والمكالمات كلها تلومنى على ما كتبته، ظناً منهم أن مشروع القانون سيكمم الأفواه، ويمنع حرية الرأى والتعبير. ولا أعرف سبباً لهذا الاعتقاد الغريب الذ0ى جعل زملاء أعزاء أكن لهم كل تقدير واحترام وأصحاب وجهات نظر سديدة فى الكثير من المواقف والقضايا، يقعون فى مثل هذا المطب. دارت نقاشات موسعة بينى وبين الزملاء والأصدقاء الأعزاء، ولكن فى نهاية المطاف اكتشفت أنهم يخلطون بين أمرين مهمين، الأول هو حرية الرأى والانتقاد والنقد، والثانى بين توجيه الشتائم والسباب والإهانات، والحقيقة أن هناك فرقاً شاسعاً بين الأمرين، فحرية التعبير والرأى مكفولة للجميع طبقاً للدستور أو طبقاً لمبادئ أى فكر إنسانى، أما التطاول وقلة الأدب والسفالات والاتهامات والتخوين وخلافها من القضايا مما هو على شاكلة ذلك مرفوض جملة وتفصيلاً طبقاً للدستور أو مبادئ الأخلاق أو الأديان. ونحن بصدد مشروع قانون يجرم إهانة الثورتين أو الانتقاص من شأنهما، ولسنا بصدد حرية الرأى والتعبير فهذا حق دستورى بالغ الأهمية ولا جدال بشأنه، ولا أحد يملك منع حرية الرأى أو تكميم الأفواه، فقد ولى الى غير رجعة هذا العهد، ولا يمكن أن يعود أبداً فى ظل قيام الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التى تم وضع لبناتها الأولى حالياً. الشق الآخر أن وضع مثل هذا القانون وكما قلت أمس فى المقال المطول، انه يتوافق مع نص الدستور فمن يقرأ ديباجة الدستور نجده يؤصل الى مرجعية ثورتى 25 يناير و«30 يونيو» واستغرب على الذين يردون أن هذا مناف أو ضد الدستور فمن أين جاءوا بذلك، ولو أنهم كلفوا خاطرهم واطلعوا على الدستور لوجدوا أن الدستور خصص الثورتين مرجعية بالإضافة الى ثورات مصر الأخرى التى سبقت 25 يناير و30 يونية. هناك أمر آخر هو أن مشروع القانون ليس بدعة قانونية، بل إن هناك قانوناً يجرم إهانة القضاء، فلماذا اللغط فى هذا الشأن، والذى لا يمكن تغافله أو انكاره هو أن جماعة الإخوان والمرتزقة والمزايدين وأصحاب المنافع الخاصة هم من وراء إثارة أزمة والاصطياد فى الماء العكر لإحداث فتنة فى البلاد.. فهؤلاء المستفيدون من المزايدة والتلاسن فى بعض الفضائيات هم الذين يؤججون الأمور من أجل مصلحتهم ولا غير ذلك.