"لن نخضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات تحت أى ظرف"، هكذا عبَّرت قيادات كَنَسية عن رفْضها لطلب الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح المستقل لرئاسة الجمهورية، بضرورة إخضاع الكنيسة والأزهر لرقابة الدولة. وقال القمص عبد المسيح بسيط، كاهن كنيسة العذراء بمسطرد: "لن تقبل الكنيسة أن تفرض أى سلطة فى الدولة رقابة مالية على أنشطتها؛ فالكنيسة ليست جهة حكومية لتتم مراقبتها، وإنما تعتمد على تبرعات أعضائها فقط لتمول نفسها ذاتياً، فلا توجد وزارة أوقاف قبطية". فيما شدد القمص صليب متى ساويرس، كاهن كنيسة الجيوشى بشبرا، على أن الرئيس المقبل نفسه لا يستطيع أن يفرض رقابة مالية على الكنيسة؛ لأنها مؤسسة روحية وليست جهة حكومية. وكان مشروع قانون دُور العبادة الموحد اقترح فى إحدى مواده أن تخضع ميزانية الكنائس للرقابة المالية، الأمر الذى رفضه منصف سليمان المستشار القانونى للبابا شنودة السابق، مشددًا على أن الكنائس تموَّل "ذاتياً"، وهى كِيان مستقل بذاته، ولا يحق للدولة أن تراقبه بأى صورة، ولن تسمح الكنيسة أبدًا للجهاز المركزى للمحاسبات أو غيره بتمكينه من الرقابة على أموال وميزانيات الكنائس. ويقول المفكر القبطى بولس رمزى إن مكونات أموال الكنيسة تعتمد على عدة مصادر أهمها: العُشور والتى تمثل العصب الأساسى فى هيكل أموال الكنيسة؛ فالغالبية العظمى من أقباط مصر يدفعون ما يعادل 10% من دخولها الشهرية إلى الكنيسة لقناعة راسخة فى وجدانهم أن الكنيسة تجيد التصرف فى هذه الأموال، وفى كيفية استخدامها من أجل مساعدة الفقراء من الأقباط وإنشاء المراكز الخدمية التى تقدم لهم خدمات علاجية وتعليمية، بالإضافة إلى التبرعات الموجهة، والتى يتم تخصيصها من أجل بناء كنيسة أو إعادة تجديدها، والنذور، إذ أن هناك الكثير من الأقباط يتباركون بأحد القدّيسين، وينذرون نذورًا إذا تحقق الشىء الموقوف من أجله هذا النذر. ومن أهم هذه المواقع التى تجمع النذور بسخاء كنيسة العذراء بالزيتون وكنيسة العذراء بمسطرد وكنيسة القديس عبد المسيح المناهرى بالمنيا ودير السيدة العذراء بجبل الطير ودرنكة ودير المحرق بأسيوط، وذلك على سبيل المثال لا الحصر. ويوجد أكثر من 260 كنيسة قبطية أرثوذكسية فى جميع بقاع الأرض فى المهجر، ومن ضمن قوانين هذه الكنائس متحصّلات أى كنيسة خارج مصر، فإذا كانت هذه الكنيسة تم بناؤها ولا تحتاج إلى أى ترميمات أو إعادات أو إضافات، فموارد الكنيسة توزَّع كالتالى: 40% للكنيسة فى المهجر لمواجهة أعباء نفقاتها، و60% للكنيسة الأم فى مصر. أما إذا كانت الكنيسة فى مرحلة البناء أو التعديلات وخلافه فتحصل على 100% من الهبات والتبرعات إلى أن يتم الانتهاء من التجهيزات، علاوة على تبرعات المنظمات والجهات الدولية، وهى مبهمة ومجهولة، ولا أحد يعرف عنها شيئًا. وتقدر حصيلة الأموال السابقة بالمليارات لكن لا أحد يعرف كيفية إنفاقها ولحساب مَن هذه الأموال؟! وتقول مصادر كنسية إن العشور التى تعد الوسيلة الوحيدة التى تعلن عنها الكنيسة باعتبارها "المصدر الأوحد لتلبية متطلبات الكنيسة" لا تكفى معيشة الكهنة أو نفقات الكنيسة من فواتير المياه والكهرباء، وما لا تستطيع أن تخفيه الكنيسة أن هناك أموالاً طائلة كان يتم تحويلها من أقباط المهجر للبابا شنودة شخصياً، تصل إلى مليار دولار سنويًا!، وتلك الأموال لا تخضع أيضًا لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، التى لا تفرق بين مواطن ومواطن، ولا بين هيئة مسيحية أو هيئة مسلمة، وحتى الهيئات الخاصة المملوكة ملكية خاصة لذَويها تخضع لرقابة الهيئات المالية الحكومية . ولا يوجد حصر دقيق لممتلكات الكنيسة، إلا أنها لا تقتصر على امتلاك الأديرة والكنائس فحسب؛ لأن الكنيسة أخذت أوقافها من وزارة الأوقاف بعكس الأزهر فهناك العقارات التى تؤجرها الكنائس والأراضى الزراعية التى تمتلكها بجوار الأديرة ومئات المستشفيات والمدارس، بخلاف المشروعات الاقتصادية الضخمة التى تدخل فيها قيادات الكنيسة تحت أسماء مستترة لجلب المزيد من الأرباح. وعلى الرغم من أن الدسقولية "قوانين الرسل" لا تعطى أى أحقية لرجال الدين بممارسة أى نشاط بجانب نشاطهم الروحى؛ باعتبار أن "العلمانيين هم المنوطون" بذلك، إلا أنهم يعانون تهميشًا تامًا فى كل المناصب داخل الكنيسة، والتى يحتكرها كبار رجال الدين، سواء المناصب الروحية أو حتى المناصب المادية؛ لدرجة أن البابا وضع على المجلس الملى نفسه اثنين من رجال الكهنوت، وهما القمص صليب متى ساويرس والقمص بطرس؛ للتأكد من أن القرار التى يتم اتخاذها تخرج على هواه.