عندما يقول فقيه قانونى ومفكر كبير فى قامة د.محمد سليم العوا المرشح الرئاسى أنه لديه معلومات مؤكدة بوقوف جهات أجنبية وراء التمويلات الهائلة لحملات بعض مرشحى الرئاسة، فإن علينا ألا نسمع هذا الكلام، ثم يذهب كل منا إلى حال سبيله، فالاتهام خطير؛ خاصة أنه يمس المنصِب الأعلى فى البلاد، كما أن المتحدث يعِى كل حرف يقوله، فأين الجهات المختصة من مثل تلك التصريحات؟، ولماذا لم تقم باستدعاء د.العوا لسؤاله فيما قاله، وللحصول على المستندات التى قال إنها تحت يديه. هناك أكثر من ملاحظة على ما قاله د.العوا، بداية أنها ليست المرة الأولى التى يتهم فيها أحد مرشحى الرئاسة بعض منافسيه بتلقيهم أموالاً أجنبية، فقد سبقه إلى ذلك الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عندما حذر من انتشار المال السياسى فى فترة الانتخابات الرئاسية، وأعلن أنه سيتم شراء الأصوات، وحدد مبلغ ألفى جنيه سعرًا للصوت الانتخابى الواحد، ورغم ذلك صمتت كل الأجهزة المعنية، ولم تحقق فيما قيل. أيضًا سنجد أن الاتهامات بوجود أموال أجنبية جاءت على لسان مرشحيْن ينتميان للتيار الإسلامى، والمؤكد أنهما يُعنيان بالأموال القادمة من الخارج أنها سوف تصب فى صالح مرشحين رئاسيين منافسين، وهؤلاء المرشحون إما محسوبين على النظام السابق أو ممن ينتمون للثورة أو المستقلين. ثم إن عندى سؤالاً مهمًا هو: لماذا لم يتقدم المرشحان الرئاسيان أبو الفتوح والعوا إلى النائب العام بما لديهما من أدلة، تُثبت دخول أموال أجنبية إلى انتخابات الرئاسة، وذلك بعيدًا عن إطلاق الاتهامات عبر فضاء الإعلام والمؤتمرات الانتخابية؛ خاصة أن الاتهامات خطيرة. تبقى ملاحظة جديرة بالتأمل فيما قاله د.العوا وقبله د.أبو الفتوح: كيف لشخص - مجرد شخص - مهما علا قدرُه، وليس لديه أجهزة أمنية وحكومة وأجهزة أمن قومى واستخبارات أن يصل إلى مثل تلك المعلومات الموثقة، بينما لا تعرف أجهزة الدولة تلك المعلومات؟! لدينا هنا احتمالان: الأول إما أن الأجهزة الأمنية والاستخبارات فى مصر تعلم بحقيقة تلك الاتهامات، ولديها المستندات التى تثبتها، ومن ثم فإن السؤال سيكون: لماذا لم تتقدم تلك الأجهزة إلى النائب العام ببلاغ يحدد أسماء المرشحين المتهمين؛ حتى تظهر الحقيقة، وما سر صمت تلك الأجهزة حتى الآن، وما الفائدة التى ستحققها من هذا الصمت؟! الاحتمال الثانى: أن الأجهزة الأمنية المصرية لا تعرف شيئًا عن هذا الموضوع، ولم يصل إلى علمها ما يفيد بوجود أموال أجنبية فى انتخابات الرئاسة، ووقتها ستكون لدينا مشكلة مع أداء تلك الأجهزة مما يستوجب مساءلتها. إذا صحَّت الاتهامات التى أطلقها العوا، وثبت أن أجهزتنا الأمنية كانت تعلم وسكتت فتلك مصيبة، أما إذا ثبت أنها لا تعلم فإن المصيبة أعظم. نطالب النائب العام بالتحقيق فيما قاله العوا وأبو الفتوح. [email protected]