الشعب المصرى بمختلف طوائفه وتياراته السياسية يعيش أول انتخابات رئاسية حقيقية بعد سنوات من فرض الرئيس بالاستفتاء أو الانتخابات المزورة وغيرها من أسلحة الأنظمة المستبدة، التى تريد توريث الدول عبر عائلات حاكمة تستعبد الشعوب لصالح فئات قليلة ظالمة وحاليًا فى مصر تتسابق الفضائيات على عمل مناظرات ومناقشات مع مرشحى الرئاسة، وهذا أمر هام جدًا لكل ناخب مصرى حيث يعرض نقاط الضعف والقوة فى كل المرشحين وتوجهاتهم السياسية وسماتهم الشخصية وخلفياتهم الثقافية والفكرية ويضعهم فى مواجهة مع الجمهور ليختار من بينهم الأصلح لقيادة مصر فى الفترة القادمة. وأحيى الإعلام المصرى لدورة الكبير فى تلك الفترة الحاسمة من تاريخ مصر فقد أظهر الكثير من نقاط القوة والضعف لدى أغلب المرشحين وأظهر لنا حقيقة بعض المرشحين فمن المعروف أن منصب رئاسة مصر ليس أمرًا يسيرًا خصوصًا فى ظل الميراث الثقيل من التدهور الاقتصادى والثقافى والتردى، الذى أصاب كل مؤسسات الدولة نتيجة للحكم الفاسد المستبد منذ الخمسينيات حتى الآن، ولكن نحن أم إشكالية كبرى وهى هل أظهر الإعلام الوجه الحقيقى للمرشحين أم أنه يصنع الرئيس القادم؟ من الواضح جدًا تفوق بعض المرشحين للرئاسة إعلاميًا عبر حضور قوى متوازن وإجابات واقعية تعكس تفهمهم لمشاكل مصر ورؤيتهم للعبور إلى المستقبل، وكذلك القدرة على ضبط الأعصاب واتخاذ القرارات الحاسمة وغيرها من الصفات والمقومات المطلوبة لرئيس مصر القادم وأيضًا على الجانب الآخر أظهرت ضعف بعض المرشحين واستخدامهم الهجوم ضد كل معارضيهم واستخدام كل الوسائل من أجل تشويه الآخرين أو ضعف فى الوعى السياسى وعدم إدراك خطورة المنصب ببعدية الداخلى والخارجى، ولكن فى المجمل العام الإعلام يشارك بدور متميز فى توضيح كل الحقائق للشارع المصرى من أجل اختيار رئيس حقيقى لمصر بعيدًا عن الشعارات أو الطائفية وغيرها من أساليب استقطاب الأصوات التى نعيشها فى ماراثون الانتخابات الرئاسية. ولكننا أمام إشكالية كبرى واتهام موجة للإعلام وهى عدم التوازن والحيادية فى نشر أخبار وجولات مرشحى الرئاسة وأيضًا فى زرع الألغام عبر أسئلة مثيرة للجدل وتجعل الرأى العام يغير تصوراته عن مرشح معين لصالح آخر، ولكن على أرض الواقع الجميع يعلم أن الإعلام له دور كبير فى صناعة الرئيس القادم ولكن المثير للدهشة هى قدرة أغلب الفضائيات والصحف على تقديم الفرصة الكاملة لكل المرشحين فى عرض أفكارهم وتصوراتهم لمصر المستقبل ماعدا طبعًا الصحف والقنوات الحزبية التى تؤيد مرشحين محددين ولهم توجههم فى دعم مرشحهم بشكل خاص ومكثف، وهنا يقع الظلم على بعض المرشحين الذين لايملكون المال لعمل دعاية تليفزيونية مكثفة ولكن هم استطاعوا توجيه الأنظار لهم عبر البرامج الحوارية المنتشرة فى كافة الفضائيات، والتى تتسابق لتقديم المرشحين للرأى العام. أتمنى من الإعلام المصرى فى الفترة القادمة المزيد من الجهد المتواصل لتوضيح حقيقة جميع المرشحين عبر مناظرات وحوارات وأسئلة عميقة تعكس جوهر كل مرشح وحقيقته لأن مصر تستحق رئيسًا قادرًا على العبور بها نحو المستقبل وفى نفس الوقت نتمنى ألا تنساق بعض المؤسسات الإعلامية وراء سلاح المال لدعم مرشح معين لأنها تعتبر خيانة عظمى للشعب المصرى كله فنحن فى مرحلة حاسمة يجب أن يتكاتف الشعب المصرى كله وراء مرشح حقيقى لرئاسة مصر. كاتب – محلل سياسى [email protected]