الأب بطرس دانيال، وجه مصرى بارز، والسبب أنه رجل دين غير تقليدي، فله اهتمام خاص بالفن، هو مدير المركز الكاثوليكى المصرى للسينما والكورال، حاصل على ماجستير فى الإعلام بدرجة امتياز من جامعة إيطالية سنة 1998، وكانت رسالته عن الموسيقى القبطية، وهو حاليًا المشرف على مهرجان السينما، الذى يعقد سنويًا بالكنيسة لاختيار أفضل الأفلام "النظيفة"، وكان من الطبيعى أن يكون بداية حوارى معه علاقة كنيسته بالسينما.. قلت له: علماء الإسلام ورجال الدين عامة تجد موقفهم متحفظًا تجاه الفن عامة والسينما خاصة، ولكن وضعكم مختلف.. فما السبب فى ذلك؟ أجاب قائلاً: البابا "بيوس الحادى عشر" بابا روما، اكتشف مبكرًا مبدأ أهمية الاكتشاف الجديد، واسمه السينما وجعلها فى خدمة تعاليم السماء، وندعم أخلاقيات المجتمع، فأصدر رسالة خاصة عام 1936، تشجع الفن وتدعو الكنيسة للاستفادة منه فى خدمة البشر.. وهكذا نشأت مراكز كاثوليكية فى أنحاء العالم تربط كنيستنا بمختلف أنوع الفنون.. وأنشئ المركز الكاثوليكى للسينما فى مصر عام 1949، وبدأ فى تنظيم مهرجانه الأول لاختيار أفضل الأفلام المصرية عام 1952، حيث فازت الفنانة فاتن حمامة، بأول جائزة قدمها المهرجان عن فيلم "ليلة زفاف"، وهذه الفنانة بالذات تكرر فوزها أكثر من مرة فى المسابقة السنوية التى يشرف عليها المركز الكاثوليكي. "راهب وفنان" سألته عن علاقته بالفن.. فأجاب: من زمان.. ظللت عشر سنوات أعمل نائبًا ل"أبونا يوسف مظلوم"، منذ بداية القرن الحادى والعشرين وحتى 2010، وكان يرأس مهرجان السينما ثم توليت الرئاسة من بعده.. وأنا طوال عمرى أهوى الفن منذ أن دخلت الدير عام 1978، وكان سنى أحد عشر عامًا حتى الرهبنة الكاملة عام 1995 وأنا عازف ماهر فى "البيانو" منذ صغري، ولم يمنحنى كونى رجل دين التعلق بهوايتى الموسيقية، وحاليًا أنا مشرف على كورال الكنسية، ويضم أصواتًا جميلة جدًا. "ممنوع العنف والبوس" وعن المعايير التى يتم من خلالها اختيار الأفلام الفائزة سنويًا، قال الأب بطرس دانيال: يشاركنا فى هذا الاختيار كبار النقاد وأهل السينما فى مصر، حيث نشاهد الأفلام التى عرضت خلال العام ونقوم بتصنيفها واختيار أفضل الأعمال من وجهة نظرنا، وهى تلك التى تدخل التصفية النهائية. والأفلام الفائزة يجب أن يكون قوامها المعايير الأخلاقية والإنسانية، بالإضافة إلى كون الفيلم متميزًا من النواحى الفنية، ولذلك تخرج من التصفية أفلام العنف والجنس والبوس، وتلك التى تسخر من رجال الدين أو تتطاول على السياسيين ورموز المجتمع أو تلك التى تمجد الأشرار والنماذج السيئة بمجتمعنا، وشهد عام 2016 عرض 42 فيلما تمت تصفيتها إلى خمسة، وحصل فيلم "هيبتا" على المركز الأول، ومن إخراج مارى الباجوري، وتأليف محمد صادق، وأكثر من مرة شكلت الأفلام الفائزة مفاجأة للجميع، مثل اختيار فيلم "طباخ الريس" للفنان طلعت زكريا، حيث يقدم رسالة ممتازة فى ارتباط رأس الدولة مع شعبه، وأيام زمان فازت أفلام إسماعيل ياسين فى الجيش والأسطول وغيرها، وكانت تقدم نماذج جديدة غير مطروحة من قبل. والمهرجان الأخير كان رقم 65 وعادة لا يتم اختيار الأفلام الفائزة فقط، بل هناك جوائز أخرى لأفضل ممثل وممثلة ومخرج وأفضل تصوير سيناريو وكل ما يتعلق بفنون السينما الأخرى، أنه مهرجان سينمائى حقيقى مصرى لا مكان فيه لغير أبناء بلدنا، تحتضنه الكنيسة الكاثوليكية المصرية.. فشكرًا لها.