قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية, إن ما سمته القمع الوحشي الذي يمارسه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين, لم ينل من شجاعة الروس, الذين تظاهروا بعشرات الآلاف في العاصمة موسكو والمدن الأخرى ضد الفساد المستشري في البلاد. وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها في 28 مارس, أن المظاهرات التي شهدتها روسيا قبل يومين تعتبر الأوسع في البلاد خلال السنوات الخمس الماضية. وتابعت الصحيفة " بوتين سعى منذ وصوله للسلطة قبل عشرين عاما للقضاء على المعارضة السياسية، والإعلام المستقل، وحرية التعبير وحقوق الإنسان بشكل عام، بالإضافة إلى تدخلاته العسكرية بالخارج". واستطردت " لكن ما حدث في روسيا في 26 مارس, عندما خرجت مظاهرات واسعة في أنحاء البلاد, يؤكد أن قبضة بوتين الحديدية لن تستمر طويلا, في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد, واستشراء الفساد ". وكانت المعارضة الروسية إلى دعت التظاهر في 26 مارس في مائة مدينة روسية ضد فساد الطبقة الحاكمة, لكن السلطات عارضت تنظيم التظاهرات في 72 مدينة بحجة عمليات تنظيف أو تنظيم احتفالات أو تظاهرات يقيمها مؤيدون للرئاسة. وحسب "الجزيرة", شهدت مظاهرة المعارضة في ساحة بوشكين وسط موسكو إقبالا كبيرا، وقام المتظاهرون بقطع عدة شوارع رئيسة في العاصمة الروسية. وحذرت الأجهزة الأمنية المتظاهرين في موسكو بأنهم يخرقون القانون بسبب عدم حصولهم على ترخيص للتظاهر قبل أن تبدأ في تفريقهم بالقوة واعتقال بعضهم، كما قامت قوات الأمن باعتقالات مماثلة في مظاهرات المعارضة بمدن أخرى. وقضت محكمة في موسكو بسجن المعارض الروسي البارز ألكسي نافالني 15 يوما غداة المظاهرات الحاشدة في البلاد ضد الفساد، التي جرى خلالها توقيف أكثر من 1500 شخص، بينما رفض الكرملين الدعوات الغربية لإطلاق سراح المعتقلين. وحكمت محكمة تفيرسكوي في موسكو أيضا على نافالني بدفع غرامة بقيمة عشرين ألف روبل (نحو 350 دولارا)، وأدانته المحكمة بتهم عدة بينها تشجيع انتهاك القانون والتحريض على العنف. وكان المعارض الروسي ضمن 1500 شخص اعتقلوا في تظاهرات الأحد 26 مارس. وكانت لمظاهرات 26 مارس أصداء مدوية, نظرا لحجم المشاركة الواسعة بها والمدن التي جرت بها بطول البلاد، إضافة إلى أن مواجهة السلطات للمظاهرات كان قاسيا خصوصا مع اعتقال هذا العدد الكبير من المتظاهرين. ورد الكرملين على الانتقادات الغربية الموجهة إليه، ورفض دعوات الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي لإطلاق سراح المعتقلين، مؤكدا أن "هذه الدعوات بعيدة تماما عن الهدف". وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف "ما رأيناه في العديد من المواقع وربما في موسكو أكثر من غيرها كان استفزازا وكذبا"، وأضاف أن نافالني "كذب صراحة" بقوله إن هذه المظاهرات قانونية. وتابع المتحدث "نخشى أن يواصل أحد ما دعوة المواطنين إلى المشاركة في أعمال غير مشروعة ومحظورة، هذا ما يقلقنا"، وأضاف "هناك معلومات عن أن بعض القاصرين المشاركين في مظاهرات موسكو تلقوا وعودا بقبض مكافآت مالية". وكانت الولاياتالمتحدة وجهت انتقادا إلى السلطات الروسية على خلفية اعتقالها مئات المتظاهرين ضد الفساد، وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر في بيان إن "الولاياتالمتحدة تدين بشدة اعتقال مئات المتظاهرين السلميين في جميع أنحاء روسيا، ما يشكل إهانة للقيم الديمقراطية الأساسية". وفي السياق ذاته، دعا الاتحاد الأوروبي روسيا إلى الإفراج دون تأخير عن المتظاهرين السلميين الذين اعتقلوا خلال تحركات احتجاج ضد الفساد. وقال بيان للاتحاد إن "الشرطة الروسية حاولت تفريق متظاهرين وأوقفت مئات المواطنين بينهم زعيم المعارضة نافالني، ومنعتهم من ممارسة حرياتهم الأساسية بما فيها حرية التعبير والتجمع السلمي والاجتماع المدرجة كلها في الدستور الروسي". يذكر أن المعارض الروسي ألكسي نافالني أنتج مؤخرا فيلما وثائقيا عن ممتلكات رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف, التي تقدر بملايين الدولارات، وشاهده أكثر من 11 مليون شخص على موقع يوتيوب. ويندد نافالني منذ سنوات على مدونته بفساد النخب في روسيا، وأعلن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية في 2018.