قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى العاصمة الأمريكيةواشنطن، وقع تطوران خطيران سيكون لهما تأثير على وضع عدة دول عربية ومن بينها مصر. ويزور "السيسي"، الولاياتالمتحدة في 3 إبريل المقبل، وسط حديث عن وجود كيمياء، وتوافق بينه ونظيره الأمريكي، دونالد ترامب. ويعد التطور الأول في السياسة الأمريكية الجديدة، قيام إدارة ترامب بتقديم الميزانية المقترحة للعام المالي 2018، والتي تضمنت تقليص تكاليف الإنفاق على المساعدات الدولية والمبادرات الدبلوماسية الأخرى، وهو ما قد يكون له تأثير سلبي على مصر. أما التطور الثاني فيتمثل في تأكيد الإدارة الأمريكية رسميًا، التزامها فقط بعدم خفض المساعدات الأمريكية لإسرائيل، في حين لا يزال مستوى المساعدات للدول الأخرى ومنها مصر والأردن قيد التقييم. المساعدات الأمريكية تقدم الولاياتالمتحدة لمصر، نوعين من المساعدات منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد 1979 الأولى عسكرية وتصل إلى 1.3 مليار دولار سنويًا، والثانية اقتصادية أو مدنية، وكانت تبلغ 900 مليون دولار. حاليًا المساعدات العسكرية مستمرة كما هي، ولكن في صورة سلع أمريكية وتكاليف صيانة وخبراء لا أموال. وتلتزم الولاياتالأمريكيةالمتحدة بمساعدة مصر وإسرائيل بموجب اتفاقية كامب ديفيد، ولكن تم التَّلويح من قبل بوقف المساعدات الأمريكية لمصر أثناء إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، عقب أعمال العنف التي شهدتها البلاد عقب الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي صيف 2013. أما المساعدات الاقتصادية المدنية لمصر فقد تم تخفيضها من 900 مليون دولار عام 2003 إلى 150 مليون دولار في 2015، مما يعني أن واشنطن ترسل إلى مصر حاليًا ما يقرب من 1.5 دولار لكل مواطن مصري كمساعدات سنوية. ويرى مراقبون، أن أي قرار أمريكي بتخفيض ميزانية المساعدات لن يؤثر بشكل كبير على المجتمع المصري، بينما سيكون الحديث الفعلي على المساعدات العسكرية التي تحصل عليها مصر من الولاياتالمتحدة، والبالغة 1.3 مليار دولار سنويًا. ولم يتَّضح إلى الآن تفاصيل الخفض في الموازنة الأمريكية، ولكن تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" أشار إلى أن الميزانية الخاصة بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، المسؤولة عن جزء كبير من تمويل المساعدات الإنسانية الأمريكية لمصر، سيتم خفض مُخصّصاتها. ولأن المساعدة التي تُقدّمها الولاياتالمتحدة لبعض الدول تتمَحور حول مكافحة الإرهاب، وفقًا لوكالة "بلومبرج"، وهو أمرٌ تَتبنَّاه مصر، وهو ما دفع الرئيس الأمريكي ترامب للإشادة بسياسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، فالاحتمال الأرجح هو استمرار هذه المساعدات خصوصاً الجانب العسكري الأكبر والأهم. ويُشير تقرير لمجلة "بوليتيكو"، أن هناك شخصية واحدة قد تستطيع لعب دور رئيسي في رسم ملامح المعونة الأمريكية لمصر، وهي المصرية الأمريكية "دينا باول" التي اختُيرت لشغل منصب مستشارة الأمن القومي للشئون الإستراتيجية. وكانت "باول" تشغل سابقًا منصب مستشارة أولى لشون المبادرات الاقتصادية بإدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب. ويتوقّع أن تقوم "باول" من خلال مهام منصبها الجديد، بحسب الصحف الأمريكية بالعمل مع "ريموند ماكماستر" - مستشار الأمن القومي - والتركيز على قضايا طويلة الأمد فيما يخص التعاون الأمني والعسكري المصري الأمريكي الإسرائيلي المشترك. ويتوقع أن تُساعد "باول" أيضاً في قيادة عملية مُتعلقة بالسياسات بين الوكالات بالتعاون مع وزير الخارجية الأمريكي "ريكس تيلرسون" ومدير وكالة الاستخبارات المركزية "مايك بومبيو" و"جايمس ماتيس" وزير الدفاع الأمريكي. تخفيضات أخرى صحيفة "نيويورك تايمز" أشارت أيضًا إلى بنود مساعدات أمريكية أخرى سيتم تخفيضها بالفعل لمصر، يتعلّق بأحد معامل الأبحاث الخاصة بالبحرية الأمريكية في مصر، حيث سيتقلّص الدعم الأمريكي المُقدّم له، في سياق تأثر مصر بتقليص الإنفاق بميزانية الولاياتالمتحدة. والمعمل المقصود هو وحدة البحوث الطبية للبحرية – الوحدة الثالثة (نمرو 3) وهو جزء من شبكة معامل تخصُّ الولاياتالمتحدةالأمريكية لرصد ومكافحة الأمراض المُعدية. لكن المؤكد أن المساعدات العسكرية لن تنقطع، بينما الاقتصادية - التي لم تعُد تُساوي شيئاً - فقط قد تنقطع، أما سبب عدم قدرة ترامب أو أي إدارة أمريكية على قطع المساعدة العسكرية فلا يعود فقط لأنها أشبه ببند من بنود اتفاقية "كامب ديفيد"، ولكن لأسباب تتعلق بالإجابة على سؤال: مقابل المعونة؟ وفق دراسة قدَّمها مكتب "محاسبة الإنفاق الحكومي" التابع للكونجرس في مايو 2006 بشأن طبيعة وكيفية صرف مصر للمعونة، أكد مسئولون أمريكيون وعدد من الخبراء الذين تمّت استشارتهم في أثناء التحضير لهذه الدراسة بأن المساعدات الأمريكية لمصر "تُساعد في تعزيز الأهداف الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة"، ومن ثَمّ لا يمكن وقفها؛ لأنها مصلحة لأمريكا قبل مصر. ونشر موقع "تقرير واشنطن" يوم 27 مايو 2006 ملخصاً لهذا التقرير اكتفى بالتركيز على المساعدات العسكرية والمصالح الأمريكية التي يتم خدمتها نتيجة تقديم مساعدات لمصر على النحو التالي: تسمح مصر للطائرات العسكرية الأمريكية باستخدام الأجواء العسكرية المصرية، وخلال الفترة من 2001 إلى 2005 فقط، عبرت 36553 طائرة عسكرية أمريكية الأجواء المصرية (بخلاف الأعوام اللاحقة). منحت مصر تصريحات على وجه السرعة لعدد 861 بَارِجَة حربية أمريكية لعبور قناة السويس خلال الفترة نفسها، وقامت بتوفير الحماية الأمنية اللازمة لعبور تلك البوارج. أقامت مصر مستشفى عسكرياً، وأرسلت أطباء إلى قاعدة "باجرام" العسكرية في أفغانستان بين عامي 2003 و2005، حيث تلقَّى حوالي أكثر من 100 ألف مصاب منهم جنود أمريكان الرعايةَ الصحية. التقرير الأمريكي ركَّز على الخدمات المصرية المباشرة لأمريكا والمُتعلّقة بالتسهيلات، ولم يتطرق إلى أمور أخرى - أفصح عنها مسئولون أمريكان خلال مناقشات الكونجرس - تتعلَّق بدور مصري هام يُساند المصالح الأمريكية الإقليمية ضمناً، مثل الدور المصري في فلسطين والعراق و"دارفور" وحتى في الأزمة النووية الإيرانية. قامت مصر بتدريب 250 عنصراً في الشرطة العراقية، و25 دبلوماسياً عراقياً خلال عام 2004، بطلبٍ أمريكي. وأشار التقرير إلى أن مصر أنفقت المبلغ في شراء طائرات حربية (بنسبة 14% من المبلغ الإجمالي) ودبابات وصواريخ (بنسبة 9% من المبلغ)، ومركبات عسكرية (بنسبة 19%)، غير البواخر والصواريخ ومعدات الاتصال ومعدات وقاية للحماية من الغازات الكيماوية والبيولوجية وغيرها.