فى الحلقة السابقة، تحدثنا عن القاعدة الأولى من القواعد الذهبية لمواجهة الحملات (الجوبلزية) الإعلامية؛ وهى (احذر الإشاعة ووثق أخبارك). ونواصل اليوم سرد ثلاث من هذه القواعد: القاعدة الثانية: أتقن فن التعامل مع ناقديك: هناك قواعد ثلاث لتتجنب القلق الذى يجلبه لك النقد؟: أولاً: بقدر قيمتك يكون النقد الموجه إليك: فالنقد الظالم ينطوى غالباً على إطراء متنكر؛ فمعناه على الأرجح أنك أثرت الغيرة والحسد فى نفوس منتقديك. وتذكر أن النقد الظالم إنما هو اعتراف ضمنى بقدرتك وأنه بقدر أهميتك وقيمتك يكون النقد الموجه إليك. وكما يقولون: (الصاعقة لا تضرب إلا القمم غالباً). ثانياً: لا تجعل النقد يعرقل مسيرتك: فركز جهودك فى العمل الذى تشعر من أعماقك أنه صواب وصم أذنيك بعد ذلك عن كل ما يصيبك من لوم الآخرين. وتذكر قول (شوبنهور): (ذوو النفوس الدنيئة يجدون المتعة فى البحث عن أخطاء كل رجل عظيم). ثالثاً: انظر إلى نصف الكوب الممتلئ: فاحتفظ بسجل تدون فيه الأخطاء التى ترتكبها وتنتقد بسببها، ولا تستنكف أن تسأل الناس النقد النزيه العف الأمين. وتذكر قول (لاروشفوكو): (إن آراء أعدائنا فينا؛ أدنى إلى الصواب من آرائنا فى أنفسنا). ثم ابدأ فوراً فى تصحيح أخطائك. [دع القلق وابدأ الحياة: ديل كارنيجى] وتذكر قول الأعشى للأحمق الذى يدمر نفسه بنفسه!: كناطح صخرةٍ يوماً ليوهنها... فلم يضرها، وأوهن قرنَه الوعلُ القاعدة الثالثة: لا خيرية بلا اختلاط ... ولا اختلاط بلا صبر: فالتصدر للمسئولية قدرة يلزمها تحمل. والاختلاط بالآخرين خير يلزمه صبر. فالخيرية فى المخالطة وإن أتعبتك: "المؤمن الذى يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجراً من الذى لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم، قال حجاج خير من الذى لا يخالطهم". [مسند أحمد] لذا توقع ما يؤذيك. والمسئولية عبء، وتحتاج إلى قدرات. ولكن لا تنزل إلى مستوى من سبك!؟: "إِذَا سَبَّكَ رَجُلٌ بِمَا يَعْلَمُ مِنْكَ فَلا تَسُبَّهُ بِمَا تَعْلَمُ مِنْهُ فَيَكُونَ أَجْرُ ذَلِكَ لَكَ وَوَبَالُهُ عَلَيْهِ". [أخرجه أحمد صححه الألبانى] القاعدة الرابعة: شبهوك بالنخلة ... فتشبه بسلوكها: هل تأملت النخلة؟. وكيف تقابل من يرميها بالحجر فتقابله بالثمر؟!. هكذا يجب أن تكون. تعطى أجمل ما عندك لمن قذفوك بأسوأ ما عندهم. وتأمل عندما قال له أحدهم للحسن البصرى رحمه الله؛ إن فلانًا يسبك ويؤذيك بلسانه، وأنت تحسن إليه. فقال: كلُ يٌنفق مما عنده. وتذكر قول الشاعر: فحسبكم هذا التفاوت بيننا ... فكلُ إناءٍ بالذى فيه ينضحُ ولهذا كان هذا التشبيه الرائع من الحبيب صلى الله عليه وسلم. فعن عَبْد اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ فَحَدِّثُونِى مَا هِىَ؟. فَوَقَعَ النَّاسُ فِى شَجَرِ الْبَوَادى، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَوَقَعَ فِى نَفْسِى أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ. ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِى يَا رَسُولَ اللَّهِ؟. قَالَ: فَقَالَ: هِى النَّخْلَةُ. قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُمَرَ. قَالَ: لأَنْ تَكُونَ قُلْتَ هِى النَّخْلَةُ أَحَبُّ إِلَى مِنْ كَذَا وَكَذَا". [رواه مسلم] وكلما كانت الشجرة مثمرة كان الرمى أشد وكان القذف أقسى. وكما يقولون: (كلما ارتفعت الأشجار كلما كثرت حولها الغيوم). فردد دوماً لكل متحامل: أيها المتحامل على رأيى، لن أقابلك بما قابلتنى به وسأدفع بالرأى والقول والفعل بل وبالصمت الأحسن؛ لأنه "وَلا تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِى هِى أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِى حَمِيمٌ". [فصلت34] واستبشر خيراً بهذا الوعد من الحبيب صلى الله عليه وسلم: "ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله رجلاً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله عز وجل". [مسند أحمد] وسنواصل بعون الله توضيح بقية القواعد. [email protected]