فجأة أصبحت الأخطار تهددنا من كل حدب وصوب، وبعد أن كانت الجبهة الشرقية هى الوحيدة التى تشغل بالنا، لوجود عدو غادر.. غاشم على الحدود، تعددت الجبهات لتضم الغرب حيث الثورة الليبية التى «تأخرنا» فى دعمها،.. ثم «تأخرنا» فى الاعتراف بسقوط النظام، ثم «تأخرنا» فى تحديد موقفنا من «فلول» نظام القذافى المنتشرين فى مصر،.. ثم «تأخرنا» فى تقديم ملفات عروض محترمة للمشاركة فى إعادة تعمير ما دمرته فترة إسقاط القذافى. ولا ننسى نقطة التحول التى سببت «جفاء» بين المجلس الانتقالى الليبى والمجلس العسكرى الحاكم فى مصر، والتى أوضحها الليبيون صراحة فى «تباطؤ» الاعتراف بهم فى بيان رسمى للمجلس الانتقالى «استنكر» فيه هذا التباطؤ، ويبدو أن زيارة المشير طنطاوى فى يناير الماضى لم تنجح فى إزالة الفجوة والتئام الجرح، والدليل استمرار ضعف المشاركة المصرية فى قوافل إعادة تعمير الشقيقة ليبيا. هذا عن الجبهة الغربية التى تحولت إلى المصدر الرئيسى لتهريب السلاح غير الشرعى إلى مصر ليصل إلى أياد مختلفة ذات أهداف متباينة، كلها لا تصب فى صالح استقرار مصر بالتأكيد، الأمر الذى شكل عبئاً كبيراً على الجيش المصرى الذى يتولى حماية حدود المحروسة. الجبهة الثانية هى الجنوب الذى يضم حدودنا الهادئة «تاريخياً» مع السودان الشقيق، غير أن تغير الظروف عقب نجاح اقتطاع دولة الجنوب، وما أعقب ذلك من توترات بين الخرطوم وجوبًا، جعل الحدود الهادئة تشتعل بعمليات التهريب بكل أنواعه، بدءاً من تهريب «الأفارقة» المتواصل إلى إسرائيل، وانتهاء بتهريب السلاح. ويبدو أن الأسابيع القادمة ستحمل «هموماً» أقسى وأكثر إيلاماً من مجرد مواجهة عمليات التهريب، أو مداواة ال«جراح» المتراكمة من قضية «حلايب»، مع تصاعد المخاطر فى قضية سدود إثيوبيا وكينيا التى تهدد مصر بالعطش. ما دمنا نواصل سياسة «التباطؤ» التى جعلتنا ننتظر حتى نجحت إستراتيجية فصل جنوب السودان التى ستعانى مصر الأمرين منها فى المستقبل القريب؛ لأن نظام مبارك تغاضى عن التصدى لمخطط الانفصال الشيطانى، بسبب انشغاله بقضية التوريث، وغض النظر عن التحركات الإستراتيجية التى قامت بها إسرائيل فى أحضان جنوبنا الحيوى، وسيطرت من خلالها بنجاح على السياسات الخارجية والمائية لدول منابع نهر النيل، وقدمت الغالى والنفيس لدول إفريقية تملك إغلاق «محبس» المياه عن نيلنا «النجاشى» فلا يعود «حليوة وأسمر»! وأما الجبهة الثالثة، فهى الامتداد الشمالى للجبهة الشرقية، وأعنى حدودنا مع قطاع غزة، وما يحدث عليها بين الحين والآخر، سواء من خلال «الأنفاق» غير السرية، أو التهريب عبر المعابر، أو المسلحين الملثمين الذين يهاجمون المدن، ويفجرون خطوط الغاز سواء لإسرائيل أو للأردن الشقيق. .. ما يخيف أن تفاقم مشاكلنا كان يعود فى جزء كبير منه إلى البطء أو التباطؤ والتأخر والتأخير فى اتخاذ القرارات المصيرية أثناء حكم «المخلوع المتخلى»، غير أننا - بعد أكثر من 15 شهراً على قيام الثورة - ما زلنا نعانى من نفس العقلية القديمة؛ وعلاقتنا بليبيا تحديدًا خير دليل على ذلك! اللهم ارزق مصر رئيساً شاباً قوياً حازماً حاسماً راشداً، لا يخشى فيك لومة لائم يخرجها مما هى فيه إلى رحابك الواسعة. [email protected]