أثارت مطالبة محكمة القضاء الإداري، وزارة الداخلية بملاحقة منظمة "هيومن رايتس ووتش" وغيرها من المنظمات الأجنبية غير المرخص لها بالعمل داخل مصر، التساؤلات حول ما إذ كان ذلك بمثابة ضوء أخضر لملاحقتها. وكانت محكمة القضاء الإداري، طالبت وزارة الداخلية بملاحقة منظمة "هيومن رايتس ووتش" وغيرها من المنظمات الأجنبية غير المرخص لها بالعمل داخل مصر، على أساس أن هذه المنظمات لا تملك ترخيصا بالعمل في البلاد وبالتالي يقع عبء التصدي لها باعتبارها تمارس نشاطا ينطوي على المساس بأمن الوطن وسلامته ووحدته. وقالت المحكمة إن "منظمة "هيومن رايتس ووتش" مارست نشاطًا داخل البلاد وصدر عنها تقرير عن فض اعتصامي رابعة والنهضة تضمن الكثير من المغالطات ويعد انتهاكًا لسيادة الدولة على أراضيها، وتدخلاً في الشئون الداخلية لمصر، حيث جاء ذلك التقرير على نحو غير محايد واعتمد على شهود مجهولين وتجاهل شهداء الوطن من أبناء الجيش والشرطة". راوية أبو القاسم، نائب رئيس منظمة "الحق لحقوق الإنسان"، قالت إن "الدولة يجب عليها أن تقدم الدعم الكامل للمنظمات المصرية التي تعمل في مجال حقوق الإنسان". وأشارت إلى أن "الجميع يحترم حكم القضاء ويتم الاحتكام إليه في جميع القضايا، بالإضافة إلى أن الكل ضد أي أمر يمس الأمن القومي، ولن يتحقق ذلك بغلق المنظمات". وفي تصريحهات إلى "المصريون" أوضحت أبو القاسم أن "ما يشاع الآن في الخارج هو عدم احترام مصر لحقوق الإنسان واختيار هذا التوقيت توكيد لذلك الأمر"، موضحة أن "الدولة عليها تقديم الدعم الكامل للمنظمات المصرية التي تعمل في مجال حقوق الإنسان". وتابعت: "وأيضًا يجب أن تتعاون مع جميع مؤسسات الدولة بصفه عامه والداخلية بصفه خاصة، تعاون راقي يرتقي بقيمة مصر في مجال حقوق الإنسان". وشددت على أن "الهدف من وراء ذلك حتى يكون للمنظمات المصرية مصداقية لدى المجتمع المصري والعربي والغربي أيضًا". ورأت أن "ذلك من شانه عدم ترك مجال لأي منظمات دوليه في التدخل في الشؤون الداخلية ما دمنا نحترم حقوق الإنسان"، مؤكدة أن "الدول المتقدمة اقتصاديا وسياسيًا وأمنيًا هي من تحترم حقوق الإنسان". وأضافت المحكمة أن "هذه المنظمة بثت تقريرها المشبوه إلى دول خارج مصر ما يسيء إلى سمعة الدولة"، مشيرة إلى أن "الإجراء المطلوب تجاه هذه المنظمة وغيرها طالما لم تحصل على ترخيص بممارسة نشاطها داخل مصر لا يكون من وزارة التضامن كما تقدم، وإنما يقع على عاتق سلطات الدولة الأخرى وبخاصة وزارة الداخلية، التي ناط بها الدستور والقانون الحفاظ على أمن الوطن وسلامته ووحدته سواء في الداخل أو الخارج والذود عن مصالحه تجاه كل من يجرؤ على المساس بها". وشددت المحكمة على أنه "من غير المقبول ترك مثل هذه المنظمات الأجنبية تجوب أرض الوطن دون ترخيص أو تصريح لتبث للعالم الخارجي سمومًا في تقارير وأخبار بعيدة عن الحقيقة. وبتمويل ودعم من جهات اتحدت معها في الفكر والأهداف". أما المحامي والحقوقي عمرو عبد السلام، قال إن "الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري، بإلزام الداخلية بالتصدي للمنظمات الأجنبية التي تمارس نشاطها داخل جمهورية مصر العربية دون أن يكون صادر لها تصريح بذلك من الجهة الإدارية المختصة، يكون قد صادف صحيح أحكام القانون". وأضاف: "وذلك لعدم وجود تصاريح وتراخيص لتلك المنظمات بممارسة أنشطتها، ومن ثم فهي جريمة جنائية يخضع فيها المسئولين عن تلك المنظمات للعقاب والغلق والترحيل إن كانوا أجانب". وأوضح عبد السلام ل "المصريون" أن "المشرّع نظم إجراءات عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية في مصر، وقد وضع المشرع عده ضوابط وقواعد تنظيمية لحصول المنظمات الأجنبية غير الحكومية التي تريد أن تباشر نشاطها في مصر". وأشار إلى أن أهم تلك الضوابط أن "تتقدم المنظمة الأجنبية غير الحكومية بطلب إلي وزارة الخارجية -إدارة شئون المنظمات الأجنبية- وتحدد فيه الإعمال والأنشطة التي تريد أن تباشرها داخل جمهورية مصر العربية، وأيضًا ألا تكون تلك المنظمة تخضع لنظام سياسي أو حكومي أو نقابي، وألا يتناقض نشاطها مع أحكام القانون المصري". ولفت إلى أنه "في حال موافقة وزارة الخارجية علي نشاط المنظمة الأجنبية يتم إبرام اتفاقية مكتوبة بين الخارجية والمنظمة الأجنبية لتقوم بإرسالها إلي الجهاز القومي لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية بمصر، ليقوم بدوره بإصدار الترخيص للمنظمة الأجنبية لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات"، منوها إلى أنه "يجوز تجديد التصريح لمده أخري عند موافقة الجهات الإدارية". وتابع: "طبقًا للمادة 59 من قانون الجمعيات الأهلية يحظر علي المنظمات الأجنبية أن تباشر أي نشاط داخل جمهورية مصر العربية، أو الدخول في أي صبغة من صبغ التعاون داخل البلاد إلا بعد صدور التصريح من الجهاز القومي لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية". جاء ذلك في حيثيات حكم المحكمة بعدم قبول دعوى إلزام السلطات بغلق مقار منظمة "هيومن رايتس ووتش" والمنظمات الأجنبية الأخرى التي تعمل داخل مصر، بعد أن ثبت من الإطلاع على الأوراق أن وزارة التضامن لم ترخص لتلك المنظمة، أو للمعهد الديمقراطي الأمريكي، أو لمنظمة "فريدوم هاوس" بممارسة أي نشاط داخل مصر وبالتالي فليس على وزارة التضامن اتخاذ قرار إداري تجاه هذه المنظمات سواء بوقف نشاطها أو سحب ترخيصها أو غلق مقارها.