بعدما فشلت الطرق التي سلكها الكارهون للأزهر، من أجل تشويه صورته، والقدح في مناهجه، سلك البعض منحى آخر وهو رفع دعاوى قضائية يتهم فيها فقه ابن تيمية، والمذاهب الأربعة ب "الإرهاب والتطرف". وتعرض الأزهر -أكبر مرجعية إسلامية في العالم –لموجة هجوم حادة في وسائل الإعلام المصرية بلغت حد اتهام مناهجه بدعم الفكر الداعشي، خلافًا للمعروف عنه من قيامه على المنهج الوسطي، ووصلت إلى حد التهجم على شيخ الأزهر وعلمائه. وأقام أحمد عبده ماهر، وحسين غريب، وعدد من المحامين، دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، طالبوا فيها بمراجعة فقه المذاهب الأربعة من قبل مجمع البحوث الإسلامية، مع وقف تدريس فقه المذاهب، ووضع علم جديد لأصول الفقه، يتناسب مع العلم والقرآن، ولا يتصادم معه، ومنع فقه ابن تيمية ووقف التعامل به. واختصمت الدعوى التي حملت رقم 28922 لسنة 71 قضائية، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر بصفته، وذكرت أن هناك أمورًا مختلطة علينا، يتم تدريسها، ويجد الإرهاب والتنظيمات المتطرفة فيها وسيلة لتبرير أفعالهم، وأن الأزهر بصفته المصدر الوحيد للعلم الدينى فى العالم بأسره، يجب عليه مراجعة تلك المذاهب وتنقيتها. تلك المحاولات قوبلت بالهجوم من قبل علماء الأزهر الذين أكد أن ذلك الأمر من جملة الحملات التشويهية التي تحاول النيل من قيمة الأزهر، مؤكدين أن الأزهر ماض في طريقه غير عابئ بتلك المحاولات. الدكتور محمد عبد العاطي، رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية جامعة الأزهر، أكد أن الأزهر لديه مناهج واضحة ومفهومة، ولن يعبأ بأقوال من هنا أو هناك، مشيرا إلى أن تلك المناهج تُدرس منذ ألف عام ويتم تطويرها ولم يقل أحد بمثل ما جاء به هؤلاء. وأوضح أن هؤلاء يريدون تشويه صورة الأزهر؛ لذا يلجأون إلى إقامة دعاوى قضائية، وحملات إعلامية وليس هذا فحسب بل يسلكون سبلا عديدة من أجل ذلك الغرض، مؤكدا أن حملاتهم جميعها ستبوء بالفشل، ولن يستطيعوا زحزحة الأزهر عن مكانته. وفي تصريحه إلى "المصريون" أوضح عبد العاطي أن "مناهج الأزهر لا يستطيع فهمها إلا من درس بالأزهر، وتتلمذ على يد علمائه الإجلاء"، مطالبًا هؤلاء ب "الجلوس أما علماء الأزهر لينهلوا منهم العلم ثم يتحدثوا بعد ذلك عن مناهج الأزهر الذي لا يستطيعون فهمها الآن". وزعمت الدعوى المرفوعة التي تقدح في المذاهب الأربعة أنه "لا توجد مخطوطة واحدة بخط يد أي من فقهائها تدل عليه، ومن ثمّ فلا بد من مراجعة تلك المذاهب بما يتماشى مع القرآن والسنة". وأشارت إلى أن "هناك أمورًا يجب مراجعتها فى علوم الفقه، وهى من المواد التى يدرسها الأزهر فى معاهده، ومنها النسخ والمنسوخ وغيرهما، كما أن هناك متذرعين يبيحون القتل وأشياء أخرى ما أنزل الله بها من سلطان". وقال عبد العاطي إلى أن الأزهر يقوم على تدريس فقه المذاهب الأربعة وفقه ابن تيميه وأيضًا فقه جميع المذاهب، فهو يقف على مسافة من جميع المذاهب. وأضاف أن الأزهر لو استمع لكل ناعق لهدم من مئات السنين، منوها إلى أنه الأزهر يعد المرجعية الدينية الأولى على مستوى العالم، متسائلاً: كيف يقول هؤلاء هذا في الوقت الذي يحظى فيه الأزهر بمكانة قوية في نفوس المسلمين وغيرهم على مستوى العالم؟ وتابع: "هؤلاء دأبوا دائمًا على السعي إلى تشويه وهدم الأزهر، ولكن الأزهر سيتحلى بأخلاق وسنة النبي، ولن يلتفت لكل هذا، وسيستمر في تحقيق هدفه الذي أنشا من أجله وهو نشر الدين الإسلامي الوسطي". وقال الدكتور أحمد خليفة، أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون طنطا، إن "الدعاوى القضائية التي يقيمها البعض ضد الأزهر وعلماءه ومناهجه، هي من جملة الحملات التشويهية للأزهر الشريف، الذي لا ينكره دوره إلا جاحد أو حاقد". وأوضح ل "المصريون" أن "أمثال هؤلاء لا يجيدون التعامل مع التراث الإسلامي ومن ثم فلا فقه عندهم في تلك المذاهب"، مشيرًا إلى أن "كل التهم التي توجه للأزهر ومناهجه باطلة ولا أساس لها". ولفت إلى أن "ذلك الكلام غير صحيح بالمرة ولن تجد أي قبول"، مشددًا على أن "دور الأزهر واضح وظاهر، فدوره ليس محليًا فقط ولكن عالمي، تقوم رسالته على نشر الدين الإسلامي وتعاليمه، وإصلاح حياة البشرية جمعاء". وتابع أستاذ الفقه المقارن: "هيهات هيهات لأي حد يريد النيل من الأزهر الشريف"، قائلاً إن الأزهر ماض في طريقه الذي خطاه لنفسه، دون الالتفات لتلك الأصوات الهدامة.