توقعت يومًا أن "يطرد" الإخوان المسلمون د. محمد حبيب من الجماعة.. فالرجل كان يرتب ل"انقلاب" داخلى على المرشد العام آنذاك مهدى عاكف.. ولم يكن من الصعب على المراقب المدقق، رصد "خطط" حبيب، وأبرزها تأسيس إعلام مواز ناطق باسمه، وإصدار رسالة أسبوعية "موازية" لرسالة المرشد "الشرعى".. فيما لم يبد أية "مهارات" تغرى الجماعة للحفاظ عليه فى ثانى أرفع منصب داخل التنظيم. طرد "حبيب" إذن كان متوقعًا.. بعد أن بات عبئًا على مشروع "نقل السلطة" سلميًا، والذى تم لاحقا.. بعد إقصاء حبيب.. فيما اعتبر واحدة من أكبر المفاجآت السياسية فى ذلك الوقت، وفى بيئة حزبية مؤطرة بتقاليد السلطة الرسمية: التأبيد والتوريث والتزوير أو الانقلابات الدموية.. حتى إن حزب "الوفد" الليبرالى حسم صراعاته الداخلية فى ذلك الوقت بالاحتكام إلى قوة "السلاح" وأقصى رئيسه الأسبق د. نعمان جمعة فى انقلاب دموى شهير جاء بخلفه محمود أباظة.. وذلك بالتزامن مع تورط الحزب العربى الناصرى، فى تزوير انتخاباته الداخلية. الإخوان.. طردت "حبيب".. وفصلت "أبو الفتوح".. والتجربة أثبتت الفارق بين الرجلين.. إذ ما انفك الأول يكيل الاتهامات والكلام الجارح للجماعة.. فيما تحرى الثانى العفة والتعالى على المهاترات حال سئل بشأن علاقته مع الإخوان.. ما حفظ ل أبو الفتوح منزلته من التوقير بين الأجيال الشابة وبين قطاع ليس بالقليل من الحرس القديم. حبيب.. هذه الأيام بات "نجمًا" على فضائيات "مبارك".. وعلى كل فضائية شاءت تنظيم حفلات "زار" ليلية.. لشق الجيوب ولطم الخدود على إعلان الجماعة اختيار "الشاطر" مرشحًا لها على منصب رئيس الجمهورية. لم أسمع من "حبيب" أى نقد سياسى.. إنما محض "شتائم" فى الرجل.. واتخاذه "مربعًا" لتصفية حساباته مع الحركة التى أجهضت خطط انقلابه على المرشد الشرعى.. واكتفت ب"طرده" وأمسكت لسانها عن الخوض فى أى تفاصيل تتعلق بمؤامرته. كل ما يقال بأن حبيب هو الذى ترك الجماعة.. ليس صحيحًا، إذ غالبية "الخارجين"عنها.. كانوا "مطاريد" منها.. إلا بعض الشخصيات التى يتفق الرأى العام على نبلها وطهرها السياسى.. مثل أبو الفتوح وتيار حزب "الوسط" وعلى رأسه المهندس أبو العلا ماضى.. ويمكن استكشاف ذلك بتقصى التصريحات التى صدرت بعد "زلزال" الشاطر.. إذ اكتفى "المطاريد" بالشتائم.. والتزم "المنشقون" بالنقد السياسى، وراعوا "حرمة" العشرة وسنوات النضال السياسى المشترك، ومحنة السجن والاعتقال والتعذيب. قرار ترشح الشاطر.. لم يكن "سهلا" ولا "بسيطًا".. وربما يأتى على غير ما كانت تتوقع الجماعة بنتائج شديدة التعقيد داخل التيار الإسلامى على تنوعه.. إلا أن أهم ثمراته العفوية.. هو "فرز" صحة قراراتها بشأن "تطهير" صفوفها من الداخل.. ولعل محمد حبيب هو أول "الغيث" فى هذا الإطار. [email protected]