من الأصول الخرافية للشيعة الإثنى عشرية انتظار مهديهم ، حيث يزعمون أنه دخل سرداب سامراء بعد ولادته ، وذلك منذ أكثر من ثلاثة عشر قرنًا ، وهم من يومها ينتظرونه ويسِمونه كلما جاء ذكره ب "المنتظر عج" أي عجل الله فرجه ويكتبونها – عج – اختصارًا ومن يومها تخرج طوائف منهم كل يوم إلى السرداب بالخيول والطبول والسلاح ينادونه اخرج يا مولانا !! وما هو بخارج قطعًا إذ لا يعدو مهديهم هذا إلا إحدى خرافاتهم حتى صاروا مضحكة للتاريخ. ما آن للسرداب أن يلد الذي ** ناديتموه بجهلكم .. ما آنا ؟ فعلى عقولكم العفاءُ فإنكم ** ثلثتم العنقاء والغيلانا ويشبه هذا – من بعض الوجوه – انتظار الحزبية لمرشحها الرئاسي ، فهو وإن لم يكن خرافة فلا فائدة من انتظاره تذكر ، لأن الشبكة والحمد لله قد امتلأت بلغة الصيادين وبارك الله فيما رزق ، فلا يعقل أن يأتي رجل في أيام معدودات باقية فيتفوق في حس الشعب المصرى المُجمَع على وعيه وذكائه على أناس عرضوا أنفسهم أكثر من عام وملأوا الدنيا دعاية بكل أشكالها حتى عرفهم الناس وارتبطت بهم القلوب إلا أن يكون هذا المرشح المنتظر نبيًا مرسلًا مؤيداً بالوحى . أما وقد أيقنا أن الوحى قد انقطع وأن النبوة قد ختمت فإن مسألة المرشح المنتظر أصبحت الآن فكرة رديئة ومسلكاً خائباً ، فلا أدرى كيف انحدرت إليها عقول النخبة المعقود عليها الآمال إذ كيف يرجو التيمم من يسبح في البحر ؟ !! وهذا يذكرنا بخيبة ذلك العاشق الفاشل : "بفكر في اللي ناسيني وبنسى اللى فاكرنى ..." وإن شئت فقل : أفكر في الخيال والوهم. والظاهر – حسب ظني – والله أعلم ، أن السبب فى هذا الموقف الشائن والإنتظار المشين ، هو الحزبية المقيتة التي ينتهجها النخبة ولست أعنى –قطعا- الحزبية السياسية المباحة لتكثير الخير والصلاح وتقليل الشر والفساد ، وإنما أعنى الحزبية المرضية ، والعصبية الجاهلية الممقوتة على لسان النبي صلى الله عليه وسلم "دعوها فإنها منتنة" وهي –فيما نحن بصدده- الدوران في فلك شخص كائناً من كان ، بحيث يُوالى ويُعادى على شخصه ولا يُصدر إلا عن رأيه ، ولا تُقبل الفتيا في كل مسألة إلا منه ، ولا يُرى مجتهداً ولا شيخ زمانه ولا علامة أوانه إلا هو. فهو – وإن كان – في الحقيقة من شيوخ أهل السنة البارزين ، إلا أنه عند حزبه وأتباعه ، وربما كان كذلك عند نفسه أيضاً "خامنئى" مصر ، بل ربما خامنئى الزمان والعصر الذى يجب أن يخرج كل شئ من تحت يده ، أقول هذا على سبيل الإجمال فيما يخدم الفكرة ، ولا أذكر التفصيل إلا إذا اضطررت إليه ، فمشكلة حازم أبو اسماعيل التى أورثته غضب النخبة عليه هى أنه لم يستأذن "خامنئى" في الترشح أول الأمر ، ولم يبدى الإتباع والخضوع آخر الأمر ، ومعلوم أن الدولة لا تتسع إلا لخامنئى واحد ، ولو فاز أبو إسماعيل بالرئاسة فسيستأثر ب "الخامنئية" وحده ، وسيفسدها على كل المشتاقين لها – بطبيعة الحال- لأن منصب الرئاسة في الناس أعظم ، خصوصاً لشخصية مثل حازم لذا فلا بد من أن تبحث النخبة الحزبية وتنتظر مرشحاً لين العريكة سلس القياد يحسن الخضوع ويقدس الشيوخ ، ومثله الأعلى أحمدى نجاد. ولا يشفع لحازم عند الحزبية كونه في مقدمة أربعة مرشحين للرئاسة محترمين ، وهم –حسب ترتيبى- حازم ، والعوا ، وباسم ، وأبو الفتوح ، وإن كان حازم –حسب ظنى- بينه وبين من يليه في الفضل والمميزات مفاوز ومسافات ، ولا يشفع لحازم –عند الحزبية أيضًا- أن يؤيده كل شيوخ مصر في الداخل والخارج أو معظمهم ، ومعظم طلبة العلم ، ولا كونه أحظى من بين المرشحين بالشروط الشرعية التي أجمع عليها أهل العلم ، بل كل هذا وغيره مما يعيبه عند الحزبية الجاهلية لأنه أحمر الخدين. لا يزال شرر الحزبية المتقد تحت الرماد ، وإن كان لا يخفى على المتابع فضلاً عمن اكتوى بنارها ، ولا يزال يتقى لظاها مع تصديه لها بنصح أهلها ، وكشف زيفها ، فما دامت مستعرة فلن يسمح أتباعها لأي داعٍ في مصر ، ولا لطالب علم أن يذيع صيته أو ينتشر علمه إلا أن يدين بالفضل والولاء "لخامنئى" ، بل لا يمكنه أن يدخل الحمام وهو في الدعوة إلا بإذن "خامنئى" وإلا : أولاً : كان "حمامه" باطلاً. ثانياً حتى أخيراً : يا ويله !! ... ويا سواد ليله !!