مدرسة تطرد الطلاب وتأمرهم ب"الغياب".. ومقابر تتحول إلى "وكر" للمخدرات وجرائم الاغتصاب مستشفى مهجور تحول إلى مخزن لمواسير الغاز.. وشوارع غارقة في الظلام بسبب إطفاء أعمدة الإنارة
لكان أمرًا عاديًا وطبيعيًا أن نسمع عن طلاب يتهربون من حضور حصصهم اليومية بالمدارس أو يقفزون من الأسوار خلال اليوم الدراسي أو يقومون حتى بأي أعمال شغب داخل المدرسة، لكن ما ورد ل"المصريون" من شكاوى ومعلومات كان غريبًا وصادمًا؛ فقد أكد أحد الأهالي وسكان منطقة "طرة" أن هناك مدرسة تقوم بطرد التلاميذ وتمنعهم من الحضور والانتظام وتحديدًا طلبة الصف الثالث الإعدادي، قمنا بعمل استقصاء لنوضح الأمر بصورة أعمق، وإذا بالعديد من المشكلات الخطيرة الأخرى تقفز إلى صدارة المشهد الذي يصرخ فيه أهالي المنطقة من إهمالها وتحولها إلى "خرابة". فأثناء وصولنا إلى المدرسة مررنا على مقابر تعتبر من الطرق القريبة للوصول إلى المدرسة، إلا أنه هالنا ما وجدنا هناك وكنا كطوق نجاة لسكان المنطقة الذين كانت أكثر أمانيهم أن تصل أصواتهم إلى النور، حتى تحل بعض من مشاكلهم". كانت أبرز مشاكلهم هي المستشفى الذي تم وضع حجر الأساس له منذ عدة سنوات ولم يبن حتى الآن؛ الأمر الذي يضطر معه سكان المنطقة الذهاب إلى مستشفى بعيد للكشف والعلاج، مشكلة أكبر تواجه المنطقة وهي المقابر القريبة جدًا من مساكنهم والتي يذهب إليها الطلاب هربًا من المدرسة ويتناولون بها الممنوعات، المنطقة كلها دون أعمدة إنارة وهو ما يثري الرعب في نفوسهم خاصة مع قربهم من المدافن. مدرسة تطرد تلاميذها "مدرسة الشهيد عبدالخالق نبيل أبو زيد، في منطقة "طرة"، تضم المرحلتين الابتدائية والإعدادية، تعتبر المدرسة الوحيدة في المنطقة". التلاميذ "إحنا 7 فصول تالتة إعدادي بيقسمونا على فصلين، في أوضة التربية الفنية في الحوش، ومافيش أساتذة اللي فاضي بيدخل لنا، يقولنا أي حاجة وخلاص، ويروحونا من المدرسة بدري، عايز أدخل أعمل استمارة الإعدادية مش عارف، أعدادنا بالمئات، والفصل يشيل 60 بالعافية، بنط من على السور وندخل النادي نلعب، وندفع 2 جنيه للبواب وبيسيبنا نلعب عادي، وبتاع الألعاب اللي هنا بياخدنا ويلاعبنا"، كلمات لبعض التلاميذ في المدرسة، رافضين ذكر أسمائهم، خوفًا من أن يعاقبهم المدرسون وأن يتسببوا في رفتهم من المدرسة أو رسوبهم. وأضاف طالب: "بيشتمونا وبيهزأونا والعيال بتهرب من الحصص، المدرسة وحشة وبيضربوا العيال والعيال بتعور بعض علشان مافيش حد بيهتم بينا، المدرس بيشرح حبة صغيرين ومش بمجهود و"كتّينا" من المدرسة علشان مش بنعمل حاجة، واللي مش هياخد درس هيسقطوه ومش بيعرفوا يشرحوا". ويقول مصطفى طالبًا بالصف الثالث الإعدادي محتميًا بوالدته التي تقف بجواره: "المدير قالنا ما تجوش المدرسة زي الناس اللي بتغيب، أنتوا بتيجوا ليه، ويوم لما نيجي بنمشي بعد الحصة الرابعة، نفسي أجي وأحضر بس هما اللي بيمشوني". أولياء الأمور تضيف والدة مصطفى: "مش بيحضر المدرسة خالص ومش مقدرتي إني أديه، دروس خصوصية، ومش هعرف أذاكر له أعمل إيه مش عارفة ليه مش راضيين يدخلوهم المدرسة، وما بيدخلوش حد المدرسة علشان أشتكي وما جربتش إني اشتكي برة". وأنهت كلمتها موجهة رسالة إلى وزير التعليم قائلة: "ابني من حقه يحضر المدرسة". وتضيف ولية أمر أخرى قائلة: "الناظر بيبهدل التلاميذ وبيقولهم إيه اللي بيخليكم تيجوا، المفروض يحضروا زي زمان، والآخر يقولوا "230" درجة علشان يدخل ثانوي عام إزاي، ومافيش حد معاه فلوس للدروس". ويضيف علي شحاتة، عم لطالبين بالمدرسة: "ما فيش اهتمام بالتلاميذ الناظر بيمشيهم ويقولهم ما فيش حضور، وكل ما نتكلم يتهربوا مننا بحجج فاضية، أرجوك يا وزير التعليم اهتم بالطلبة ولا عايزين تبوظوا التعليم للفقراء، من أول السنة ويدفعوا التلاميذ تروح السنتر". ويقول محمد عطا، والد تلاميذ بالمدرسة: "المدرسة اتحولت لتجريبي من مجلس آباء وهمي كان موجودًا من أيام ياسر الوزير قبل أن يكون عضوًا في مجلس الشعب، وكتبنا طلبًا للإدارة التعليمية، ومافيش فايدة". ويضيف عطا ل"المصريون": "17 فصلاً تجريبيًا جديدًا بالمدرسة، ووزعوا الابتدائي في مكان والإعدادي في مكان، ولأن المنطقة عشوائية والمستوى المعيشي متدني مش هنقدر ندخل ولادنا تجريبي، والطلبة اللي في تجريبي مش من المنطقة، ولو عدد الطلبة من المنطقة 3 أو 4 طلاب وباقي التلاميذ من خارج النطاق السكني
من روض الفرج المعادي ويصرخ عطا قائلاً: "أقرب مدرسة إعدادي تبعد 4 أو 5 كيلو عن طرة، مش هنقدر نوديهم الطريق طويل وبعيد، وبنحاول من خلال مجلس الآباء الحقيقي نوقف المشكلة".
المدافن مأوى الطلاب وأشار عطا إلى كارثة تحدث في المنطقة وهي المدافن القريبة التي يستغلها التلاميذ الهاربون من المدرسة؛ لتكون مأوى لهم ويقومون فيها بتعاطي "المخدرات"، خاصة مع عدم وجود أي رقابة عليها، مؤكدًا أن المدافن يتم فيها اغتصاب بالليل وتعاطي مخدرات ليلاً ونهارًا. ملعب بقيادة المدرس قال محمد، أحد سكان المنطقة: "رئيس مجلس إدارة المركز مش بيجي خالص، والمركز بيدأ من الساعة 6 الصبح شتيمة وقلة أدب وشغال بالفلوس بالليل ب80 جنيه وبالنهار ب50 جنيه، وقدمنا شكاوي للحي ولا في فايدة، عايزين حد كويس يمسكه ويظبطه واللي ماسكه عمال المدرسة". أعمدة الإنارة ويضيف قائلاً: "أعمدة النور، المنطقة بالليل كحل، وجنبنا ترب بنخاف ننزل، غير أن الترب وكر لشرب المخدرات". المستشفى "تفضل الدكتور عادل عدوي وزير الصحة والسكان، وجلال سعيد، محافظ القاهرة بوضع حجر أساس مستشفى طرة... "حي طرة"، وذلك يوم السبت 20 من شوال سنة 1435 ه الموافق 16 أغسطس سنة 2014، تنفيذ شركة المقاولون العرب فرع القاهرة"، كلمات خطت على لافتة داخل أرض واسعة هي الأرض المخصصة لبناء المستشفى الذي ما زال مجرد أرض فارغة حتى الآن وبعد مرور عامين على وضع حجر الأساس له. وأكد "حجاج" حارس المكان، أن الحي يقوم باستخدام أرض المستشفى كمخزن ل"مواسير الغاز"، موضحًا أنه لم يأت أي مسئول للمستشفى أو لمعاينته منذ سنتين".