بعد معاناة وصلت إلى ما يقرب من ثماني سنوات، كان يحصل خلالها أكثر من خمسمائة خطيب بالمكافأة على راتب لايتجاوز مائة وأربعين جنيه شهريًا على أمل وعود وزارة الأوقاف بالتثبيت أكثر من مرة، إلا أن تلك الوعود ذهبت أدراج الرياح. إذ لم يتم تثبيت سوى 59 خطيبًا كلهم من حملة الدكتوراه والماجستير من خريجي الأزهر، ولم يكن من بينهم إلا خطيب واحد بالمكافأة. البداية، بحسب هؤلاء الأئمة، كانت منذ أسابيع حين جاءت نتائج المسابقة الأخيرة التي عقدتها الوزارة مخيبة لآمال الكثير منهم، ولا سيما أنها تضمنت شروطًا في الأوراق والمستندات المطلوبة تعجيزية تجاوزها الخطباء بصعوبة بالغة، ليس هذا فحسب، بل وصل الأمر أكثر تعقيدا وتعجيزا عندما وضعت الوزارة اختبارًا ليس له معنى سوى أنه تعجيزي يصعب الإجابة عليه بحال من الأحوال وكأنها تقول لهم "لن يتعين أحد"، كما يقولون. وقال إمام وخطيب بالمكافأة، فضل عدم نشر اسمه ل "المصريون"، إن "الخطباء المؤقتين العاملين بوزارة الأوقاف عددهم أكثر من 5آلاف و500خطيب، جميعهم من حملة المؤهلات الأزهرية العليا، موضحًا أن جميع شروط التعيين الخاصة بالإمامة والخطابة ينطبق عليهم. وأضاف ل"المصريون"، أن وزير الأوقاف أعلن عن شروط تخص خطباء المكافأة وهي أن تصبح المسابقة قاصرة عليهم فقط ثم فوجئوا بأنها متاحة للخطباء المكافأة وغيرهم، لافتًا إلى أن هناك شرطًا تعجيزيًا وهو أنه لا يحق دخول المسابقة إلا لخريجي 2015 وحتى بداية 2016. وأشار إلى أنهم كانوا قد قرروا من قبل النزول للاحتجاج في 12من الشهر الجاري، إلا أن حادث تفجير الكنيسة البطرسية منعهم قائلاً: "رأينا أنه لا يجوز أن تكون الدولة وإخواننا الأقباط في هذا الموقف وننزل لكي نطالب بحقوقنا فاتفقنا جميعا على عدم النزول وتم تحديد يوم 20 من نفس الشهر للاعتصام أمام مجلس الوزراء بشارع حسين حجازي، للمطالبة بالتثبيت وبالفعل نزلنا بعدما حصلنا على التصاريح الخاصة بالوقفة". وتابع: "لكننا فوجئنا بعدما طالب مجلس الوزراء مقابلة ممثلين عنا وبالفعل رشحنا ثلاثة من بيننا هم مصطفى فرج عبدالباقي ومحمد السيد بسيوني من محافظة البحيرة ورجب سمير عبدالفتاح من محافظة كفر الشيخ، بسحب تصريح الخطابة الخاص بالثلاثة بدون أي مقدمات وكأنهم يريدون تخويفنا". وناشد، شيخ الأزهر بالنظر إليهم والعمل على حل مشاكلهم مع وزارة الأوقاف التي تتعامل مع رجال الأزهر بلا رحمة، بحسب وصفه. لم يكن هذا هو كل شيء في الأزمة، فقد كشف خطيب آخر كان من المشاركين في الوقفة الأخيرة أمام مجلس الوزراء عن الكثير من الإهانة التي تعرضوا لها أثناء وقفتهم للمطالبة بحقوقهم المشروعة. "م.ع" خطيب بالمكافأة، قال إنهم ظلوا طوال يوم الوقفة أمام مجلس الوزراء بوجود العديد من رجال الأمن وعساكر الأمن المركزي، إلا أنهم وفي حوالي الساعة الثامنة ليلاً طالبهم الأمن بالرحيل ومع إصرارهم على الاعتصام حتى يسمع لهم المسئولون، وفوجئوا بالأمن المركزي يتعدى عليهم بالضرب بالعصي وبالسب بالعديد من الألفاظ النابية، ونتيجة لهذا الضرب والكر والفر تعرض خطيب كفيف لحادث سيارة ومازال يرقد في العناية المركزة حتى اليوم. وأضاف " ل"المصريون"، أن الوزارة تتعنت معهم بطريقة غير مسبوقة، فيما يتعلق الأوراق التي طُلبت أو في الاختبارين التحريري والشفوي اللذين أقامتهما الوزارة مؤخرًا بمسجد النور بالعباسية، موضحًا: "الوزارة لا تريد بهذه الإجراءات إلا تسريحنا"، بحسب قوله. وأشار إلى أن جميع خطباء المكافأة كانوا يتقاضون في بداية عملهم ما لا يزيد على 30 جنيهًا على كل خطبة وما يجعل معظمهم يعمل عملاً آخر حتى يستطيع مواكبة المعيشة وعول أسرته. وتابع: "كل هذا يحدث في الأئمة والخطباء من قبل وزارة الأوقاف على مرمى ومسمع من الأزهر، ولا أحد يحرك ساكنا في حماية خريجي الأزهر ورجاله". وقال "م.أ" خطيب بالمكافأة، إن المسابقة الأخيرة التي نظمتها وزارة الأوقاف كشفت عن نية الوزارة في عدم تعيين أحد، وخاصة بعد ظهور نتيجة الاختبارات والتي كشفت عن أن عدد المقبولين من بين 15 محافظة لا يتعدى 50 خطيبًا. وأوضح أن الوزارة أقامت هذه الاختبارات لا من أجل تعيين الأئمة ولكن من أجل استبعادهم، خاصة أن هناك شرطا ينص على أن من تقدم للاختبارات سالفة الذكر ولم يُقبل فلا يجوز التقديم مرة أخرى. وحاولت "المصريون" استيضاح الأمر من الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني بالأوقاف، إلا أنه رفض التعليق قائلاً: "ليس عندي ما أقوله في هذا الشأن".