فرحات: عبث تشريعي.. حبيب: المؤسسات الصحفية أداة في يد النظام.. البلشي: تجزئة لوحدة الصحفيين تسعى الدولة لفرض سيطرتها على الهيئات والمؤسسات الإعلامية, وذلك من خلال وضع قوانين من شأنها تقليل الحريات الصحفية، وإجهاض النصوص الدستورية للإعلام والإعلاميين في مصر. ومن هذه القوانين قانون الهيئات الإعلامية "التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام"، الذي أقره مجلس النواب الأربعاء الماضي، والمادة "89" التي من شأنها السيطرة على الإعلام في الفترة المقبلة، خاصة بعد أن جمدت الحكومة مشروع قانون "الصحافة الموحد" الذي كان قد تم الاتفاق عليه في حكومة المهندس إبراهيم محلب. جدل كبير أثارته تلك المادة والتي تتعلق بتشكيل ومهام واختصاصات كل من المجلس للصحافة، والهيئة الوطنية للصحافة، والتي ستكون بديلًا عن المجلس الأعلى للصحافة وستدير شئون العمل الصحفي، والهيئة الوطنية للإعلام التي ستكون بديلًا لاتحاد الإذاعة والتلفزيون الحكومي, وبذلك تلزم تلك الهيئات الثلاث خلال شهر من تاريخ انعقادها بعد تشكيلها، بإبداء رأيها في مشروعات القوانين المنظمة للعمل الصحفي والإعلامي، دون تحديد موعد بعينه. من جانبه قال نور فرحات، الفقيه الدستوري, إنه تم وضع قوانين للصحافة والإعلام تجهض ما نص عليه الدستور من حريات صحفية, متوقعًا التحايل على النص الخاص بإلغاء العقوبات السالبة للحرية في قضايا الرأي والنشر. وأشار إلى أن الإعلاميين ذوي المصالح والارتباطات بالأجهزة مارسوا ضغوطًا لتقسيم قانون الصحافة إلى قانونين منفصلين، بهدف سياسي أن تأتى مجالس غير مستقلة تتحكم فيها السلطة التنفيذية. وأَضاف فرحات أن "الهدف السياسي أن تأتى مجالس غير مستقلة تتحكم فيها السلطة التنفيذية تضع لاحقًا قوانين تجهض بها الحريات الدستورية وتحكم قبضة الدولة على الإعلام". وتابع: "هذا عبث تشريعي لن يطول به الأمد، مؤكدًا أن مستقبل الإعلام واضح كالشمس متوقعًا إصدار قانون المؤسسات الإعلامية أولًا, ثم تشكيل المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام من أشخاص يتآمرون بأوامر السلطة التنفيذية. وعن ألاعيب الحكومة في صياغة القوانين المسمومة, قال فرحات إنه "تم الاتفاق مع حكومة المهندس محلب والمجلس الأعلى للصحافة ونقابتي الصحفيين والإعلاميين واتحاد الإذاعة والتليفزيون على تشكيل لجنة تسمى اللجنة الوطنية للتشريعات الإعلامية لصياغة مشروع قانون موحد لتنظيم الإعلام؛ تنفيذًا للدستور تتوافق عليه الجماعة الإعلامية". وتابع: "شُكلت لجنة من خمسين عضوًا، ووضعت مشروعًا متكاملًا تفاوضت عليه مع الحكومة وتم التوافق، وأرسل إلى مجلس الدولة لمراجعته تمهيدًا لعرضه على مجلس النواب". وأضاف "لوحظ في مشروع القانون الأول غلبة قبضة السلطة التنفيذية في تشكيل المجالس الإعلامية التي سيؤخذ رأيها لاحقًا في قوانين تنظيم المهنة". وتابع: "الحجة التي قيلت تبريرًا لذلك حجة متهافتة دستوريًا، قيل إن المجالس يجب أن توافق على القوانين، والمجالس غير موجودة، والقوانين ما زالت في طور الإعداد، أي أن كيانًا غير موجود يجب أن يوافق على قانون ينظم وجوده"، على حد قوله. وفى السياق قال كمال حبيب الخبير السياسي، في الشئون الحركات الإسلامية, إن "تجزئة قانون الصحافة والإعلام يعني أن النظام السياسي ماضٍ في تحقيق ما يريد، وهو إنجاز تشكيل المؤسسات الصحفية التي تحول تلك المؤسسات إلي أداة في يد النظام والحكومة، ومن ثم مصادرة وتأميم الحق في التعبير وإضعاف نقابة الصحفيين، وفتح الباب واسعًا لإعمال القوانين الجديدة التي تضع السيف مسلطًا بالحبس علي الصحفيين والكتاب وذوي الرأي بكل تنويعاته". وأَضاف حبيب أن "القانون الجديد الذي يهرول البرلمان في إنهائه دون اعتبار لجهد الجماعة الصحفية والإعلامية التي وضعت قانونًا متماسكًا للصحافة والإعلام سيفتح الأبواب مشرعة لمواجهة ضرورية بين النظام والجماعة الصحفية لحماية تلك الجماعة للحقوق التي حققتها من خلال نضالات مستمرة مع النظم السياسية التي حاولت دائما حصار الصحافة وتقييد الحق في حرية الرأي والتعبير، ومن ثم فإن الظن بأن عدم المواجهة مع النظام حول تأكيد حقوق الصحفيين في استقلال المؤسسات التي تسير شئونهم وحقهم في التعبير دون سيف الحبس المسلط علي رقابهم ليس صحيحًا". وعلى صعيد متصل قال خالد البلشي، وكيل نقابة الصحفيين ومقرر لجنة الحريات، "إن هناك نية واضحة للسيطرة على الصحافة، والموافقة على مشروع قانون الإعلام والصحافة المقدم من الحكومة وتقسيمه إلى جزئين دون الالتفات إلى مشروع قانون الإعلام الموحد المقدم من الجماعة الصحفية والإعلامية، والذي عكفت اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية على الخروج به بشكل توافقي على مدى عامين، ما هو إلا استكمال لهذه النية". وأضاف البلشي، في تصريح خاص ل"المصريون"، أن "الإصرار على إقرار قانون الحكومة استهداف صريح للعمل الصحفي والإعلامي الحر، وإصرار على هدم وانتهاك حالة التوافق بين الجماعة الصحفيين وحكومتين متعاقبتين حول قانون الإعلام الموحد الصادر عن الجماعة الصحفية". وتابع: "هناك من محاولات للتضييق والتقييد والسيطرة على حر العمل الصحفي من خلال تمرير قانون الحكومة، الذي يحتوي على كثير من المثالب، ونحن لدينا اعتراضات واضحة عليه، فهو يفرغ قانون الإعلام الموحد من مضمونه، ويتراجع عن كثير من الضمانات التي شملها قانون الجماعة الصحفية، وأعاد الحبس الاحتياطي في قضايا النشر". ولفت "البلشي"، إلى أن "المجلس الأعلى للصحافة أرسل ملاحظاته على مشروع القانون المقدم من الحكومة، وكذلك سترسل نقابة الصحفيين ملاحظاتها حول القانون، مؤكدًا أنه على مدى التاريخ لم يقف أحد في وجه الصحافة إلا ودفع ثمن لفعلته، مشيرًا إلى أن النقابة لديها مسارات قانونية أخرى للتحفظ على القانون الحكومة الذي اعتبر تمريره سيكون سببًا في أزمة كبيرة مستقبلًا".