افتتح اليوم الرئيس عبد الفتاح السيسي عددا من المشروعات الخاصة بشبكة الطرق وما تشملها من كباري وأنفاق في مناطق مختلفة من الجمهورية ، وبدون أي مبالغة أو تكلف شعرت اليوم بسعادة لم أشعر بشيء منها يوم افتتاح تفريعة قناة السويس الجديدة ، لأني كنت مدركا أن هذا الذي فعله السيسي اليوم هو المشروع القومي الحقيقي الذي يخدم البلد ، ويرفع معنويات المواطن أيضا ، حسب بعض المستهدف من تلك المشروعات كما قال يوما ما لتبرير مشروع تفريعة القناة الجديدة رغم ضعف جدواها الاقتصادية ، فما حدث اليوم والذي نأمل أن يكتمل بقيته على خير وبنفس الكفاءة والسرعة ، هو التأسيس الحقيقي لأي حركة تنمية في البلاد ، لا يمكن أن تحقق نهضة في بلادك أو تنمية ، بكل أبعادها ، صناعية أو زراعية أو حتى سياحية ، بدون أن تكون لك شبكة طرق على أعلى مستوى وبكفاءة كبيرة ، وتجعل من حركة النقل والسفر متعة قبل أن تكون إنجازا لعمل أو تسويقا لمنتج . عدد كبير بالفعل من الطرق تم إنجازه خلال السنوات الأربع الماضية ، وكلها بالغ الأهمية ، منها عملية تحرير طريق الاسكندرية الصحراوي و طريق الإسماعيلية الصحراوي بالكباري الحديثة ، ومنها محور 30 يونيه الذي يربط طريق الإسماعيلية الصحراوي بالطريق الدولي الساحلي وبورسعيد ودمياط بصورة توفر الكثير من الوقت والجهد وحتى الوقود على المسافرين وحركة التجارة ، ومنها طريق أكتوبر الضبعة وهو عمل جبار بالفعل يختصر المسافة من القاهرة لمطروح نفسها لحوالي ثلاث ساعات فقط ، ومنها محور روض الفرج الجديد ، ومنها طريق بنها الجديد الحر والذي يفترض أن ينتهي منتصف العام المقبل ليحل مأساة الاختناق المروري في المسافة بين شبرا الخيمة ومدينة بنها الذي يستخدمه إجباريا سكان ثماني محافظات كاملة ، وهناك عدة طرق أخرى في الصعيد ، بخلاف استكمال الدائري الإقليمي ، هذا إنجاز حقيقي يحسب لكل من شارك فيه ، سواء الهيئة العامة للطرق والكباري أو الهيئة الهندسية للقوات المسلحة ، وهذا استثمار في البنية الأساسية وليس مجرد تحسين طرق . شبكة الطرق الجديدة تخدم مصر أفضل مائة مرة من تفريعة قناة السويس الجديدة ، كما أن تكلفتها أقل كثيرا من تكلفة القناة ، إضافة إلى أنها بالكامل بأيدي مصرية وعمالة مصرية وإمكانات مصرية ، وهي استثمار حقيقي إذا نظرت إلى الوقت الذي توفره للدولة والمؤسسات والأفراد والشركات ، إضافة إلى وفر الوقود الهائل الذي يترجم إلى مليارات الجنيهات تربحها الميزانية العامة ، كانت تذهب هدرا في حرق بلا مسافات ، بسبب زحام الطرق وسوء الخدمة أو عدم وجود الطرق الملائمة أساسا ، فالدولة تربح من هذه الشبكة مليارات الجنيهات بالفعل بدون أي جهد إضافي ، هذا بالإضافة إلى الراحة النفسية والبدنية التي يشعر بها ملايين المواطنين يوميا ، بل على مدار الساعة . الإنجاز في الطرق هو استثمار من نوع آخر ، يحيل التراب إلى تبر ، إلى ذهب ، فأي منطقة كان المتر فيها بجنيه واحد ، على سبيل الفرض ، بعد أن تتصل بشبكة طرق عالية الجودة يصبح المتر بعدة آلاف من الجنيهات ، فإذا كان هناك تخطيط جيد وعلمي يمكن أن توظف تلك الطرق في إنشاء مشروعات استثمارية مهمة أو مشروعات إسكانية ، توفر ملايين من فرص العمل بخلاف ما توفره من مسكن ملائم وسبل للعيش الكريم وتخفيف الكثافة السكانية في الوادي الضيق فضلا عن مليارات جديدة تدخل خزينة الدولة من عائد البيع . على كل حال ، هو يوم سعيد ، يوم مبهج ، في أوقات يحيط بنا الإحباط من كل جانب والتخبط وإهدار المال العام ، ولعل هذا الإنجاز يكون حافزا للنسج على منواله في أعمال جادة وتخدم التنمية بالفعل .