عقب حادث تفجير بالكنيسة البطرسية الملحقة بالكاتدرائية بالعباسية، تصاعدت الدعوات المطالبة بإحالة المدنيين المتهمين في قضايا إرهابية إلى المحاكمات العسكرية، بعد مناشدة الرئيس عبدالفتاح السيسي لمجلس النواب بضرورة الانتهاء من سرعة إقرار قوانين التقاضي، ما دفع رئيس اللجنة التشريعية بالبرلمان إلى الإعلان عن الانتهاء من القانون قبل 15 يومًا. وطرح هذا الأمر العديد من التساؤلات حول إعادة محاكمة المتهمين من أعضاء "الإخوان المسلمين" بالسجون حاليًا أمام القضاء العسكري. وقال الدكتور مصطفى السعداوي، أستاذ القانون الجنائي بجامعة حلوان ل "المصريون"، إنه "بعد استشهاد النائب العام السابق المستشار هشام بركات، تعالت الأصوات منتقدة تأخير الفصل في الدعاوى من جهة وعدم ردع العقوبات من جهة أخرى آنذاك، فتعهد المستشار أحمد الزند، وزير العدل آنذاك، أمام رئيس الدولة، بسن تشريع تواجه الإرهاب وتدحضه، فجاء القانون 94 لسنة 2015، يشدد العقوبات على جرائم الإرهاب بشتى صورها وفرض الحماية اللازمة للقائمين على تطبيق القانون، بجانب إنشاء القانون دوائر متخصصة لنظر هذه الدعاوى والفصل فيها على وجه السرعة". واستدرك: "من ثم فإن التشريعات الموجودة كافية لمواجهة جرائم الإرهاب وتحقيق القضاء الناجز، ولسنا في حاجة لسن قانون أو تعديل قانون مع كل حادثة إرهابية، ولسنا في حاجة لتعديل قانون الإجراءات الجنائية". وأضاف: "القانون الحالي يعاقب مرتكب الجريمة ولا يحول دون وقوعها، وبالتالي فنحن لسنا في حاجة إلى تعديل كما طالب الرئيس، مؤكداً أن المطالبات بتحويل المتهمين إلى محاكم عسكرية لا يجوز مطلقًا، لأن الدستور حظر هذا، بجانب تعارض ذلك مع الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر". وأوضح الفقيه الدستوري، أن "المتهمين الموجدين في السجون حاليًا لا يجوز تحويلهم إلى محاكم عسكرية كما يعتقد البعض، وحتى لو افتراضنا أن هذا سيتم تطبيقه من قبل النظام، فهذا لا ينطبق على المتهمين بالسجون من الإرهابيين أو الإخوان، لأن الأحكام قد صدرت ونفذت، وبالتالي لا يجوز إعادة محاكماتهم مرة أخرى". وأكد السعداوى، أن "هناك بندًا في الدستور يتيح تدخل القضاء العسكري في قضايا الإرهاب بشرط إعلان حالة الطوارئ"، لافتًا إلى أن الرئيس الراحل أنور السادات قام بتحويل قضية إرهاب للقضاء العسكري خلال فترة رئاسته، مما يتطلب من السيسي إعلان الطوارئ ليقوم بتطبيق المحاكم العسكرية. من جانبه، رأى الدكتور محمد طلعت، أستاذ القانون الجنائي بجامعة طنطا، أن "الإرهاب عادة ما يمارس بواسطة جماعات متمردة أو ثورية أو متطرفة أو إجرامية داخل الدولة أو خارجها، ومعظم الحكومات ترى أنه لا يمكن مواجهة الإرهاب الدولي الحديث من خلال النظام الجنائي العادي، نظرًا لنقص الأدلة الكافية لتقديم المشتبه فيهم إلى المحاكمة ورأت أن الإجراءات المتبعة وجمع الأدلة يبدو بطيئًا وثقيلاً، من هنا كان قرار الرئيس بنظر قضايا المتورطين في جرائم إرهابية أمام القضاء العسكري، كونه يتسم بسرعة المحاكمات وسرعة الفصل في القضايا المنظورة أمامه". وأضاف طلعت ل"المصريون"، أن "الحديث عن عدم جواز محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، غير صحيح، لأنه يجوز وفقًا لنصوص الدستور الحالي لا سيما المادتين 204 و237 أن يصدر رئيس الجمهورية قوانين يحدد فيها نوع الجرائم التي يمكن أن ينظرها القضاء العسكري". وتابع: "مصر لديها ترسانة قوانين عقابية قادرة على مواجهة الجرائم الإرهابية، لا سيما القانون الأخير الصادر بالقرار بقانون رقم 94 لسنة 2015 الذي توسع في تحديد الجريمة الإرهابية". واستدرك: أن "المتهمين الإرهابيين السابقين لا ينطبق عليهم القانون، لأن المحاكمات العسكرية أمر غير جائز لهم، طبقاً للمبادئ العامة في قانون العقوبات، لافتًا إلى أن الإرهابي يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها، وبالتالي فلا يجوز تطبيق القانون الجديد بأثر رجعي".