شددت المخابرات العامة الإسرائيلية، الحراسة على رئيسة المحكمة العليا، القاضية مريم ناؤور، عقب اتهامها حكومة الاحتلال ب»الاستبداد»، وانتقادها قانون تبييض وشرعنه المستوطنات. وقالت ناؤور، خلال الإعلان عن تعيين قضاة جدد وبحضور وزيرة القضاء المتطرفة أييلت شاكيد : «ليس أي قرار تتخذه الأغلبية هو قرار ديمقراطي بالضرورة». وبينت أن «حكم الأغلبية قد يتحول إلى حكم استبدادي، وأنه على المحكمة العليا أن تحمي حقوق الإنسان الخاصة بالأقلية»، ملمحة إلى موقفها من مشروع قانون تشريع الاستيطان في حال طرحه. وهاجم وزير السياحة الإسرائيلي، ياريف ليفين (الليكود)، ناؤور، وقال لإذاعة جيش الاحتلال إن «بعضاً من القضاة يحاولون فرض أفكارهم». معتبراً تصريحات رئيسة المحكمة العليا «أمرا مرفوضا وتحدياً لقدرة وحق البرلمان والحكومة على العمل». على خلفية تجدد الحملة على المحكمة العليا عززت المخابرات الحراسة حول ناؤور، في ظل احتجاجات المستوطنين واليمين الإسرائيلي ضد قرار المحكمة العليا بإخلاء البؤرة الاستيطانية العشوائية (عمونا). وسرت في إسرائيل أمس أنباء عن أن قوات الأمن الإسرائيلية تنوي إخلاء (عمونا) مساء اليوم السبت، تنفيذاً لقرار المحكمة العليا منذ سنتين، والذي يحاول اليمين المتشدد منع تنفيذه. وكان البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، قد صادق الأربعاء الماضي بالقراءة الأولى على مشروع «قانون التسوية»، الذي يهدف إلى شرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية. وعلى خلفية ذلك، يتواصل الجدل في إسرائيل بين الحكومة وأوساط اليمين، وبين مجموعات من غلاة المستوطنين الذين يرفضون إخلاء حتى شبر واحد من أراضي الاستيطان. وتحاول مكونات الحكومة امتصاص غضب الذين يرفضون نقل منازل مستوطنة (عمونا) القائمة على أراضي قرية سلواد شرقي رام اللهالمحتلة. لكن المشكلة ليست بمستوطنين متشددين تحركهم الأطماع والاعتبارات الغيبية، بل بمجمل الإسرائيليين، وبالحركة الصهيونية التي أقامت إسرائيل على «فكرة عمونا» المتمثلة بسلب الأرض الفلسطينية وتوسيع مساحة المنطقة المستولى عليها بالسطو المسلح، وعبر سياسة الخطوة خطوة والشبر بعد الشبر. ويردد الإسرائيليون بغالبيتهم الساحقة كلمة «عمونا» آلاف المرات كل يوم ويرفضون على سبيل المثال سماع كلمة عن عمواس وأخواتها الثلاث في منطقة اللطرون التي تم تدميرها وتهجير سكانها وسرقة كل أملاكهم عام 1967. كما يتنكرون لما اقترفته أياديهم في نكبة 1948 حينما سووا بالأرض مئات القرى الفلسطينية بعد هدمها، وطرد أهلها. «عمونا» البؤرة الاستيطانية القائمة على أرض فلسطينيين من قرية سلواد ليست يتيمة، ففي 1948 بنيت 525 «مستوطنة» وما زالت قائمة مكانها، على أنقاض بلدات فلسطينية. قبل 69 عاماً بنى الإسرائيليون «عمونا» الكبيرة ووقتها تجاهل العالم عملية أكبر سطو مسلح في التاريخ بل شارك هو بتشريعها بقرار التقسيم في نوفمبر/تشرين الثاني 1947 وبالصمت على القتل والتهجير والإبادة وحتى الاستيلاء على أراض واسعة كانت ضمن حصة الدولة الفلسطينية وفق القرار الأممي، وما لبثت أن قامت إسرائيل على 78 في المئة من وطن الفلسطينيين. آنذاك، تم تشريع «عمونا» الكبيرة بدعم الدول العظمى بما فيها «الاتحاد السوفياتي» وقتها، ومنع اللاجئون الفلسطينيون من العودة لديارهم رغم قرارات الأممالمتحدة. إلى ذلك، وصف رئيس مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، أول أمس الخميس، المشروع الإسرائيلي لتشريع بؤر استيطانية تضم أربعة آلاف وحدة في الضفة الغربيةالمحتلة، بأنه «انتهاك للقانون الدولي»