أنهيت مقال أمس داعيًا إلى عدم رفع سقف التوقعات المتفائلة إلى حد مناطحة السحاب مستدلاً بالحالة التونسية. لكن سيد الفرجانى، مسئول السياسات فى حزب النهضة التونسى الحاكم، حلق بى مرة أخرى إلى السحاب خلال ساعتين ونصف من المناقشة الممتعة فى دبى يوم الخميس. الفرجانى من أبرز مناضلى التيار الإسلامى التونسى، وأقربهم إلى زعيم حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشى. سجن فى عهد بن على وقاسى أشد أنواع التعذيب، وعندما خرج استقر سنوات طويلة فى لندن بجانب الغنوشى، وعاد إلى تونس بعد 14 يناير 2011 عقب اقتلاع النظام الفاشى الديكتاتورى. قال: اطمئن.. مصر تمضى فى الاتجاه الصحيح.. ستتعافى وبأسرع مما يتوقع أكثر الخبراء تفاؤلا، لكن النخبة ظلمت الشعب المصرى، وبعض الثوار أخطأوا التصرف أحيانًا فى ميدان التحرير من ناحية التعامل مع الجيش. كان الصحيح أن يقولوا له: شكرًا لك لقد أديت واجبك ولا يجب أن تستمر فى السياسة، بدلاً من الطريقة الصدامية التى حدثت. الفرجانى أكد أن ما يقوله ليس للنشر. والحق أن كلامه تضمن أسرارًا كثيرة تتعلق بالتجربة التونسية وما تواجهه من مشاكل، وفيما يلى انطباعات خرجت بها لا يتحمل هو مسئوليتها، فقد تكون استنتاجاتى خاطئة. الترويكا ليست ناجحة تمامًا. وأقيس على هذا أن تجربة شبيهة مستقبلاً فى مصر لن يكتب لها النجاح أيضًا. قطر تقدمت باستثمارات كبيرة يجب الترحيب بها فهى ليست دولة استعمارية. الاستثمار عرف طريقه لتونس والمتوقع أن يتزايد خلال الشهرين القادمين. تونس استقبلت استثمارات تركية وألمانية والأخيرة تستثمر جيدًا فى مجال الصناعات. حكومة الإسلاميين بقيادة الجبالى لم تفشل، تؤدى عملها بنجاح والكلام عن الفشل والاستقالة لا محل له من الإعراب. الحكومة تقوم بعملية تطهير للمؤسسات الشرطية والقضائية وغيرها من "الفلول". فى الداخلية مثلا تخلصت مؤخرًا من شخصيات كانت تتبوأ مراكز قيادية. ما أوردته جريدة "الصباح" عن اجتماع لسفراء أوروبيين ومؤامرة لإسقاط الحكومة ليس صحيحًا. الثورة التونسية تعرف أن أمنها القومى مرتبط باستقرار الأوضاع فى ليبيا. فشل مصر معناه فشل تونس والربيع العربى كله.. وهذا ما نخشاه وما يجب أن نعمل على تجنبه. العلمانيون يهاجمون حكومة النهضة بسبب قضية "المنقبات". يصرون على منع النقاب فى الجامعة، والسلفيون يرفضون ذلك. ازدواجية من القوى العلمانية والليبرالية أن تتحدث عن حرية البكينى والملابس الكاشفة وتمنع حرية ارتداء النقاب. حكومة النهضة ترحب بأن يؤسس السلفيون حزبًا أو أحزابًا. الحكومة قالت للمعتصمين والمضربين عن العمل المطالبين بزيادة الرواتب: لا نستطيع ذلك فالاقتصاد معطل.. من أين أزيد الرواتب وليس هناك إنتاج أو موارد. المنتقدون يقولون إن هذه سلبية تعكس فشل الحكومة. الواقع أننا نريد أن يتفهم الجميع أن زيادة الدخول لا تسقط من السماء.. لابد من العودة للعمل والإنتاج وإعادة السياحة والاستقرار والأمن. [email protected]