أشار تقرير صادر عن مصرف "الإماراتدبي الوطني"، اليوم الاثنين، إلى أن أنشطة شركات القطاع الخاص المصري تواصل تدهورها وانكماشها، على نحو متسارع، بالرغم من تعويم الجنيه، حتى وصل لأدنى مستوياته منذ يوليو 2013. وأظهر تقرير "مؤشر مديري المشتريات" بمصر، تراجعا كبيرا من 47 نقطة في أغسطس من العام الجاري، إلى 42 نقطة في تشرين أول/أكتوبر الذي يليه، ثم 41.8 نقطة في نوفمبر الشهر الماضي، وهو أدنى قراءة له منذ يوليو 2013، بحسب التقرير. وأشار إلى أن معدل تدهور الظروف التجارية "شهد تسارعا في الأشهر الأربعة الماضية"، مشيرا إلى أن "ضغوط التكلفة الكبيرة الناتجة عن ضعف العملة، خاصة أمام الدولار الأمريكي، كان لها تأثير حاد على العمليات". وأوضح التقرير أن أسعار المواد الخام ارتفعت بنسب كبيرة، كما كان هناك عجز في العرض، مما ساهم في استمرار التراجعات الحادة في الإنتاج والمشتريات. وفي الوقت ذاته، شهدت الطلبات الجديدة أيضا تراجعا حادا، وقامت بعض الشركات بتمرير ارتفاع التكاليف إلى أسعار المنتجات، وفقا للتقرير. وذكر أن بعض الشركات لجأت إلى تقليل أعداد موظفيها في محاولة لخفض التكاليف. وفي تعليقه على التقرير، قال "جان بول بيجات" الباحث الاقتصادي الأول في بنك الإماراتدبي الوطني، في تقرير ذاته، "الهبوط المستمر في نتائج المؤشر لشهر نوفمبر يشير بوضوح إلى أنه لن يكون هناك أي حلول سريعة للتحديات التي تواجه الاقتصاد المصري حتى بعد الإعلان عن خفض قيمة الجنيه في بداية الشهر الماضي. وفي ظل هذه الظروف، فمن الأهمية بمكان أن تلتزم الحكومة المصرية ببرنامج الإصلاح المدعوم من قبل صندوق النقد الدولي، وذلك بهدف ترسيخ ثقة المستثمرين"، بحسب قوله. وتدهورت الحال في العديد من الشركات العملاقة التي تتبع قطاع الأعمال في السنوات الماضية، واندثار علامات تجارية لهذه الشركات والمحال العملاقة مثل "عمر أفندي"، "صيدناوي" و"شيكوريل"، "بنزيون"، و"هانو"، الأمر الذي انعكس على شركات القطاع الخاص بالعموم، حيث تعاني من تدهور مشابه، وتقلص أعمالها. وحذر خبراء اقتصاد من أن تعويم الجنيه المصري من شأنه أن يؤثر سلبا على النتائج المالية للشركات العاملة في مصر، وذلك حتى تعتاد على الوضع الجديد ويتم تصفية فارق الخسارة الناتجة عن هذه الخطوة الكبيرة. وعقب التعويم أعلنت عدة شركات تقليل أعمالها وتوقف بعض خطوط انتاجها بسبب ارتفاع اسعار المواد الخام المستوردة، وذكرت مجموعة "صافولا" السعودية والتي تستثمر في قطاع الأغذية والبيع بالتجزئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، أعلنت أنها ستتكبد خسائر تصل إلى 171 مليون ريال سعودي خلال الربع الرابع من هذه السنة الجارية. وبسبب اعتماد العديد من الشركات في عمليات الإنتاج على المواد المستوردة من الخارج فمن الضروري أعلنت خططا لرفع أسعار منتجاتها وإلا فإنها ستخسر الكثير ولن تحقق الأرباح، منها شركات "إيديتا" للصناعات الغذائية في مصر، و"جهينة". وطالب عاملون برفع رواتبهم لتعويض ارتفاع الأسعار، ما تسبب في مشاكل أخرى للشركات، حيث لجأ بعضها للاستجابة لمطالب العمال والبعض الآخر لتقليص العمالة. وتعاني مصر من شح في سيولة النقد الأجنبي بالبلاد، خاصة الدولار الأمريكي، تزامناً مع تراجع احتياطات النقد الأجنبي من 35 مليار دولار قبل 2011، إلى 19 ملياراً في الوقت الحالي، وتراجع الإيرادات المالية المقومة بالدولار (إيرادات قناة السويس، والسياحة). وتعاني مصر من نقص العملة الصعبة منذ عام 2011، بسبب تراجع السياحة والمستثمرين الأجانب، الأمر الذي أجبر المصرف المركزي على بيع الدولار في عطاءات يومية ثم أسبوعية بقيمة 120 مليون دولار كل ثلاثاء، وصولا إلى قرار تحرير سعر صرف الجنيه ورفع أسعار الفائدة بواقع 300 نقطة أساس لاستعادة التوازن بأسواق العملة وأعاد العمل بسوق العملة فيما بين البنوك، بحسب ما جاء في قرار المصرف المركزي.