مدبولي: اكتمال تشكيل البرلمان إيذان بمرحلة جديدة من التعاون التشريعي والحكومي.. صور    محافظ البحيرة تتابع سير العملية الانتخابية من غرفة التحكم والسيطرة    رئيس غرفة عمليات حزب المؤتمر: لم نرصد تجاوزات بالانتخابات حتى الآن    التفتيش على 974 منشأة خلال 6 أيام لتطبيق قانون العمل الجديد    السكة الحديد تعلن متوسط تأخيرات القطارات على الوجهين القبلي والبحري    الاحتلال يسلم جثامين 15 أسيرا فلسطينيا ضمن صفقة التبادل    تخطى حاجز ال 300، عدد أهداف الدوري الإنجليزي بعد 11 جولة    اليوم.. انطلاق معسكر منتخب مصر استعدادًا لكأس العين الدولية الودية    نورة عصام ابنة جامعة القناة تحصد 3 برونزيات في دورة ألعاب التضامن الإسلامي    انتخابات مجلس النواب، إصابة رئيس لجنة في حادث تصادم بأسوان    براءة ربة منزل من تهمة ممارسة الأعمال المنافية للآداب في التجمع    تحرير 1248 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    الليلة، "واحد من الناس" يستعيد ذكريات زكي رستم وشكوكو وسيد زيان    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره المالي    اعرف الأسعار فى أسواق الخضار والفاكهة اليوم الإثنين 10-11-2025 فى المنوفية    زيادة عالمية جديدة.. سعر الذهب اليوم الاثنين 10-11-2025 وعيار 21 الآن في محال الصاغة    استقرار أسعار العملات العربية في بداية تعاملات اليوم 10 نوفمبر 2025    كأس العالم للناشئين.. موعد مباراة مصر وإنجلترا| والقنوات الناقلة    جهاز الإحصاء: ارتفاع معدل التضخم الشهرى 1.3% لشهر اكتوبر 2025    انطلاق أعمال التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمهندسين    زيلينسكي: الملك تشارلز لعب دورا في تشجيع ترامب على دعم أوكرانيا    حالة الطقس.. منخفض جوي بارد يؤثر على البلاد اعتبارا من الخميس المقبل    خطوات وموعد تسجيل استمارة التقدم لامتحانات الشهادة الإعدادية 2025    عاجل- بدء سداد رسوم حج القرعة لموسم 2026 بالبنوك الوطنية ومكاتب البريد    الرئيس الأمريكي يصدر عفوا عن عشرات المتهمين بالتدخل في انتخابات 2020    في ذكرى رحيل معالي زايد.. رحلتها من الفن التشكيلي إلى عالم السينما    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    «الصحة»: التحول الرقمي محور النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان    السيدات يتصدرن المشهد أمام لجان انتخابات مجلس النواب بدائرة الهرم والعمرانية    مازن المتجول: أجزاء فيلم «ولاد رزق» مثل أبنائي.. ولا يوجد تأكيد لجزء رابع    وزارة الرياضة تقوم بحملات رقابية على مراكز الشباب بمحافظة البحيرة    بعد 40 يوما .. مجلس الشيوخ الأمريكي يقر مشروع قانون تمويل الحكومة لإنهاء الإغلاق الحكومى    ب أماكن لكبار السن وذوى الهمم.. الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد لاستقبال الناخبين للتصويت في انتخابات مجلس النواب    أمريكا: اختبارات تكشف الجرثومة المسببة لتسمم حليب باي هارت    نقل محمد صبحي للعناية المركزة بعد إغماء مفاجئ.. والفنان يستعيد وعيه تدريجيًا    «أنا مش بخاف ومش هسكت على الغلط».. رسائل نارية من مصطفى يونس بعد انتهاء إيقافه    واشنطن تضغط على إسرائيل لبدء المرحلة الثانية من خطة ترامب    وزير المالية: بعثة صندوق النقد تصل قريبًا ومؤشراتنا مطمئنة    هاني رمزي: تجاهل زيزو لمصافحة نائب رئيس نادي الزمالك «لقطة ملهاش لازمة»    «لاعب مهمل».. حازم إمام يشن هجومًا ناريًا على نجم الزمالك    الزراعة: تحصينات الحمي القلاعية تحقق نجاحًا بنسبة 100%    السوبرانو فاطمة سعيد: حفل افتتاح المتحف الكبير حدث تاريخي لن يتكرر.. وردود الفعل كانت إيجابية جدًا    الأهلى بطلا لكأس السوبر المصرى للمرة ال16.. فى كاريكاتير اليوم السابع    السقا والرداد وأيتن عامر.. نجوم الفن في عزاء والد محمد رمضان | صور    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 10 نوفمبر    مواجهات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلى شمال القدس المحتلة    تقرير - هل يتراجع المد اليميني المتطرف المعادي للمهاجرين في هولندا بخسائر فيلدرز؟    مساعد وزير الصحة: نستهدف توفير 3 أسرة لكل 1000 نسمة وفق المعايير العالمية    رئيس لجنة كورونا يوضح أعراض الفيروس الجديد ويحذر الفئات الأكثر عرضة    «لا تقاوم».. طريقة عمل الملوخية خطوة بخطوة    محافظ قنا يشارك في احتفالات موسم الشهيد مارجرجس بدير المحروسة ويؤكد قيم الوحدة الوطنية    3 أبراج «مستحيل يقولوا بحبك في الأول».. يخافون من الرفض ولا يعترفون بمشاعرهم بسهولة    3 سيارات إطفاء تسيطر على حريق مخبز بالبدرشين    أداة «غير مضمونة» للتخلص من الشيب.. موضة حقن الشعر الرمادي تثير جدلا    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"ليس عيباُ أن نكون فقراء .. ولكنها جريمة أن نكون متخلفين"
نشر في المصريون يوم 02 - 11 - 2016

الحقيقة تقول أن كثير من شعوب العالم في هذا الكون..مرت بظروف عصيبة وقاسية للغاية بقدر ما عانت أوضاعاً متردية ومزرية لا حوالها، الاقتصادية، والاجتماعية والسياسية، والفكرية وغيرها ولكن رغم ذلك استطاعت أن تنتشل أوضاعها ابان حقبها التاريخية التي عاشتها آنذاك وإن تستعيد حياتها وأمورها إلى المستوى المطلوب في جوانبها المختلفة نتيجة لتعاطيها مع ظروف واقعها بالطريقة المثلى ووفق ما تقتضيه متغيرات الحياة، لكل شعب من هذه الشعوب وذلك بعد أن تمكنت من أخذ زمام الأمور بيدها والخروج من ذلك النفق المظلم الذي كان جاثماً عليها لفترة من الزمن وأن تتحرر من أسر تلك النظم السياسية المستبدة فيها والانطلاق نحو آفاق رحبة جديدة بما يخدم شعوبها ويلبي احتياجاتها المادية، والروحية دون تثبيط لطموحاتها وأفكارها ومفاهيمها الفلسفية والعلمية، والتي أضحت بعدئذ بمثابة البوصلة التي تستنير بها في شتى علومها الإنسانية لأنها فعلاً اعتمدت على عقل الإنسان فيها وحررته من القيود والخزعبلات والخرافات التي كانت تسيطر على حياته ..سابقاً وهذا ما جعلها خلال فترة من الزمن أن تتجاوز أوضاعها المأساوية التي كانت تعيق من مسار تطورها ونهضتها إلى الأمام وهذا ما هو ماثل أمامنا اليوم لتلك الشعوب وما بلغته من ذروة في التطور الاقتصادي، والاجتماعي، والعلمي، والتكنولوجي...وغيره لكون هذه الشعوب لم تستكين على حالها بل أخذت تنمي من قدراتها وتوفر لها كل الاحتياجات الممكنة دون عبث لكرامتها أو حريتها أو فكرها أو رأيها أو لقمة عيشها في هذه الحياة.

الاغتراب الداخلي،
بينما نحن كشعوب عربية لازلنا نعيش في حالة من الاغتراب الداخلي، وكأننا بعيدون عن واقعنا ويعود ذلك لتلك النظم السياسية السابقة التي عملت على تكريس الظلم والاستبداد وعدم إبداء، أو إطلاق الحريات العامة لشعوبها.. حتى تتمكن من ممارسة حقها في المشاركة المجتمعية سواءً من حيث حرية الفكر أو الرأي أو إبداء الحقيقة فيما ينبغي قوله ولكن أمراً كهذا لم يكن مسموحاً به إلا فيما ندر.. وبالذات حال ما تكون هنالك فترة أو حقبة تاريخية معينة
حرية الإنسان تبدأ بحرية التفكير ، تلك الحرية التي تجد مشروعيتها الواقعية في حرية التعبير .
الإنسان بلا حرية يتحوّل إلى (شيء) ، أي يفقد جوهر إنسانيته . وهذا أمر واضح وبدهي ، أمر وعته الإنسانية منذ فجر تاريخها ؛ إذ كانت العبودية ، كما تجلت في عبودية الرق (وهي انعدام الحرية بالكامل) ، تعني تحوّل الكائن الإنساني إلى (شيء) يُباع ويُشترى كما تباع وتشترى الأشياء .
ولابد أن يكون العقل محور اهتمامنا ومآل اشتغالنا ، منه نبدأ وإليه نعود ؛ لأنه هو مصدر كل معنى ، بما فيه معنى الإنسان ، أي حتى ذلك المعنى المرتبط وجودياً بهذا الإنسان .
وقديماً ، وصف الفيلسوف اليوناني : هرقليطس ، الجماهير بأشد الأوصاف احتقارا ؛ لأنهم (كما في وصفه) ينساقون وراء غيرهم من المشاهير كالأنعام . وهو ذات التوصيف القرآني لمن لا يستخدمون عقولهم على نحو مستقل ؛ بعيدا عن السائد النمطي الذي قد ينتهي بتأليه الأشياء ، بعد تأليه الأشخاص والمقولات ...... .

(الإنسان عدوُّ ما يجهل)
لابد فى هذا الصدد أن نقول بالفم المليان لا يكفي القول العربي المأثور (الإنسان عدوُّ ما يجهل) ليعبّر عن وجه آخر من الحقيقة، وجه يكون فيه ليس المجهول وحده العدو وإنما الجهل بحد ذاته هو العدو.
الجهل بهذا الحال هو تعطيل العقل، وهو الاستسلام لتغييب العقل.
بالجهل نخسر أغنى ما تملك، بالجهل نضيّع أفضل الفرص المتاحة، وبه يهدر كل مجهود نبذله من أجل نجاح.
الأمم والأفراد يتكافئون في هذا؛ فالأمة التي تفرّط بالحكمة والعقل تخسر أخيراً كلَّ شيء، وما أكثر الأمم التي اغترت بالقوة فاستغنت عن العقل فانتهت إلى أسوأ مصير.
الأمم العظيمة هي التي يتوازن فيها العقل والقوة، لكن الأمم الأعظم هي التي تُعلي من شأن العقل من دون أن تفرّط بعناصر القوة الأخرى.
العقل هو وحده قوة. في عالمنا المعاصر استغنت أمم كثيرة عن القوة أو أُرغمت على ذلك فاستنهضت قوة عقلها، وبما جعل من هذه القوة العقلية عاملَ توازن مهم مع قوة الآخرين، عرفتْ هي به قدْر امكاناتها واحترم الآخرون الطبيعةَ النوعية لقوتها، فتوازنت القوة والعقل.
لكن غياب العقل من شأنه أن يدمِّر أية قوة أخرى لدى الفرد أو الأمة.
حتى أن ما تكسبه أمةٌ بالحرب والمعارك من الممكن أن تخسره، إذا ما تعطل العقل، بالجهل.
ولا آفة أشرس بقدرتها على التدمير من آفة الجهل.
في كثير من الأحيان تكون القوة وبالاً على فرد أو أمة حين لا يكون هناك عقل يحسن التصرف والتدبر بهذه القوة.
ما قيمة أن تكون لدى الأمة قوة بشرية أو تسليحية أو مالية وليس من عقل يضبط هذه القوة؟.
ولا جدال - على المستوى الإنساني - أن أعظم وأبهى وأنبل وأصدق صور الشجاعة هي الشجاعة العقلية ؛ لأن شجاعة الصراع والقتال العضلي شجاعة يشترك فيها الإنسان مع الحيوان ، بل ويتفوق فيها الحيوان المتوحش على الإنسان . .
نقطة في آخر السطر
يقول فيلسوف التنوير الأعظم فولتير : " هناك دائما احتمال بسيط ، وهو أننا نحن الفرنسيين مخطئون ، وأن بقية العالم على صواب " . هذا هو العقل الإنساني الذي يضع نفسه في سياق الإنسانية ، كما يضع نفسه في سياق الاحتمال . ومن ثم ، فهو العقل المنفتح على التفكير في كل الاحتمالات ، العقل الذي يرى التفكير الحر ضرورة ؛ لأن ما لدينا ليس هو اليقين ، وحتى لو تضمن بعض اليقين ، فليس ثمة يقين بالكامل ، ليس ثمة يقين يضع نقطة في آخر السطر ، ويعلن انتهاء مهمة التفكير.
وهكذا جرى تبديد ثروات شعوبٍ توفرت لها الثروات بمصادفات جيوبوليتيكية فغيّبت العقل الذي يتدبر التصرف بالثروة؛ سكرة الثراء هي الجهل الذي لا يحطم الثروة وحدها، وإنما يتعداها ليحطم كل شيء؛ الثروة والثري معاً.
وتدفع القوة إلى الغرور (ولا جهل أبشع من الغرور)، ليتكفل الغرور بتدمير العقل قبل أنواع القوة الأخرى التي تصنع الغرور.
العقل هو فرصة المرء والأمة الوحيدة لضبط القوة ولحسن التحكم بها، وإذا ما توقف أو أُوقف العقل تندفع الشهوات وتستبد المطامح وتتزين الأخطاء وتبدأ الكوارث.
لكن الحال الأتعس من كل هذا هي لحظات التاريخ التي تفتقر فيها أمة من الأمم إلى القوة فيما هي تندفع وتسلم قيادها إلى الجهل وتغييب العقل.
وإذا كان لا بد من خيار فإن المرء ليتضرع لأن يكون من ذوي العقل إن لم يكن الجمع بين الاثنين ممكناً.
ليس عيباُ أن نكون فقراء!!!
يقول العالم الدكتور مصطفى محمود فى إحدى حوارصحفى "ليس عيباُ أن نكون فقراء .. ولكنها جريمة أن نكون متخلفين"".
فعملية التقليد وتغييب العقل ومحاربة النقد البناء آفتين من آفات العصر القديم والحديث معاً وهي احدى الأسباب الرئيسية في رجعية المجتمع وانحداره إلى مستويات غير مقبولة
صعقنا جميعا عندما وجدنا الهجوم الضاروالشرس من قبل أشخاص يقال عنهم أنهم يعملون على وتوعية العقل و يحكمون العقل فإذا بهم يعملون على تغيب العقل للناس عندما قاموا بالهجوم على " نقابة الأطباء في مصر على قرارها بإحالة المشاركين في هذه مهزلة في الترويج لجهاز"فيرس سي"، إلى التحقيق والمحاكمة
وللأسف أن الهجوم تم من قبل صحفيين وتم على شاشات التلفزيون الخاص والحكومى وكنت اتوقع من نقابة الصحفيين وإتحاد الإذاعة والتلفزيون والجامعات في محاسبة من شاركوا في ترويج أكبر فضيحة علمية عصفت بالوسط العلمي والإعلامي في مصر وسعت عمدا إلى تغييب الرأي العام ؟وأن تخطوا خطوة نقابة الأطباء
"و السؤال تم محاسبة أعضاء البرلمان والمدعين بإنهم خبراء الذين شاركوا في الترويج لهذه الأكاذيب التي أضرت بسمعة مصر
هل لا يعلم "السادة الكرام من المضللين للرأي العام، ألا تعلمون أنكم بنشركم للجهل والنفاق أنتم أكبر دعاية للتطرف والإرهاب الذي تزعمون محاربته ؟".
أرى وقد أكون مخطئا أن نشر الجهل وتغييب العقول على مدى عقود هو السبب الحقيقي فيما حدث فى مصر والفشل في تحقيق تطوير، حان الوقت أن نعي جميعا أن عند تغيب العقل الذى هو العماد الحقيقي لدولة تحفظ كرامة كل المصريين فهنا تكون الكارثة ؟؟؟"
ثورة أخلاقية !!
ما أحوجنا الآن إلى ثورة أخلاقية في مجتمعنا لنصحح أخلاقنا على أخلاق النبي أو على قدرنا على أخلاق أصحاب النبي رضي الله عنهم أجمعين نمنع من بيننا قول الزور ونمنع الألفاظ التي تشير إلى الخنا والفجور ونمنع الكذب والغيبة والنميمة ونمنع شهادة الزور ونمنع السب والشتم واللعن بين المؤمنين ونكون جميعاً من المعنيين بقول الله {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ }الحج24
الرسول صلي الله عليه وسلم يقول {إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رُضْوَانِ اللَّهِ لا يُلْقِي لَهَا بَالا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لا يُلْقِي لَهَا بَالا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ}[
عزيزي القارئ إعمال عقلك بتسخير إمكانياته في كل أمرك وفق الضوابط الشرعية " الصحيحة والمنصوص عليها في الكتاب والسنة " واجب دنيوي واخروي، وبه تنهض وينهض المجتمع، واعلم أن التبعية لا تؤدي إلا إلى المهالك، وأن رسالة البشر ليست كرسالة الأنبياء والرسل معصومة، انما هي معرضه للخطأ والصواب وأصحابها مثلك تماماً لهم أهواء وهفوات وميل للحق ولغيره، وتذكر أن عقلك ما أوجده الله لك إلا لتختار، لا ليُختار لك واحذر أن تكون ممن ذكرهم سبحانه في الآية الكريمة: { قالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } ‘ سورة: الشعراء
استهداف العواطف وتغييب العقل أسلوب منتشر في محيطاتنا. ليس فقط في العالم العربي إنما في جميع انحاء العالم. تجد البعض جاهز لأي فرصة تتيح له الهجوم على شخص آخر، او شركة او دولة اخرى او منتج صناعي .. الخ لأنه قد غُيَّب عقلة واستهدفت عاطفته في اتهامات تشار إلى الطرف الآخر وقد لاتكون مثبته او حقيقية. قد تكون الحقيقة عكس توقعات المستهدف عاطفياً. وللهجوم اشكال كثيرة. منها نشر الاشاعات ومحاولة اثراء محتوى تشويه السمعة (بإضافة المزيد من المعلومات الخاطئة التي تفيد الاشاعة)، ومنهم من يتخذ تلك الاشاعة لضيف لها جملة جوهرية تستهلك العاطفة اكثر وتغيب العقول اكثر. وفي النهاية هناك مستفيد من تغييب العقول وترويج كل اشاعة بشكل عاطفي
المنزل رقم 13
وللسينما المصرية كان لها قولا وتنبئت بما سيحدث لتغيب العقل من خلال التنويم المغناطسى الذى هو المخدر التى سوف يتم اعطاءة الى الشعب عن طريق التنويم اى "تغيب العقل "
فى عام 1952 من القرن الماضى قدم المخرج كمال الشيخ اول افلامة الى السينما المصرية بعنوان المنزل رقم 13 بطولة (فاتن حمامة –عماد حمدى –محمود المليحى –لولا صدقى وغيرهم )التأليف كمال الشيخ وسيناريو وحوار على الزرقانى
تدور احداث الفيلم حول شريف الذي يعالج عند طبيب امراض نفسيه وعصبيه والذي يستغل مرضه في ارتكاب جريمة قتل تحت تاثير التنويم المغناطيسي
استغل الدكتور عاصم الانهيار العصبى الذى أصاب مريضه المهندس شريف وأعطاه دواء يزيد من توتره ثم قام بتنويمه مغناطيسيا وأعطاه مسدسا ومفتاح المنزل رقم 13 وطلب منه قتل صاحب المنزل.ذهب شريف للمنزل وفتح الباب وأطلق الرصاص وحول الضحيه مقاومة شريف فأصابه فى يده،وشاهد شريف صوره كبيره لإمرأه معلقه على الحائط،ثم أغلق باب المنزل وكان عاصم فى انتظاره وأخذ منه المسدس ونسى المفتاح ثم أوصله لمنزله. استيقظ شريف فى الصباح منزعجا من الكابوس الذى رآه وزادإنزعاجه عندما رأى الجرح فى يده ووجد المفتاح فى ملابسه. اكتشف البوليس بطاقة شريف بجوار الجثه فقبض على شريف. شهد احد جيران شريف انه رآه مساءاًً ومعه احد الأشخاص. خاف عاصم من الشاهد فذهب الى منزله وقتله وشاهدته ناديه خطيبة شريف فقام بتنويمها مغناطيسيا وأمرها بإلقاء نفسها من فوق كوبرى إمبابة ولكن شريف تمكن من الهرب اثناء ترحيله وأنقذ ناديه وقبض البوليس على عاصم
كمال الشيخ أو هيتشكوك السينما المصرية كما يطلق عليه العديد من النقاد، واحد من أكثر المخرجين الذين تمكنوا ببراعة عالية من تقديم أفلام الحركة والإثارة الممزوجة ببعض المشاهد المرعبة.... فمع اللقطات الاولى لفيلم المنزل رقم 13 تظهر توابل كمال الشيخ التي اعتاد على إضافتها للعمل حيث الإثارة والتشويق باستخدام الإضاءة الخافتة التي تضفي نوع من الانتباه لما سوف يقع من احداث فالقصة تدور حول شخصية شريف (عماد حمدي) الذي يعالج من ضغوط الحياة عند طبيب امراض نفسيه وعصبيه (محمود المليجي) فيستغل ذلك الطبيب مرضه في ارتكاب جريمة قتل تحت تاثير التنويم المغناطيسي....من تلك التوابل استخدام مشاهد الفلاش باك لسرد أحداث القصة التي وضعها كمال الشيخ وأبدع علي الزرقاني في تصوير سيناريو وحوار لها مضيفا بعض الشخصيات لاستكمال الحبكة الدرامية للفيلم مثل قتل الشاهد الوحيد على براءة عماد حمدي من تهمة القتل الموجه إليه ،كما ان استخدام المؤثرات الصوتية الملائمة للمشاهد ومايدور فيها مثل خطوات الأقدام ومستوى الصوت والدخلات الصوتية التي توحي بالترقب والخطر كان لها الأثر الكبير في استمرار التشويق طوال مدة الفيلم مضافا إلى ذلك دقة علي الزرقاني في تحرير عمليات التحقيق والنيابة والمحكمة وكذلك الدفاع مختلطا كل ذلك بعدم التطويل والقفز السريع والتنقل إلى احداث متتالية دون سقوط اي معلومات تخل بمضمون القصة الحقيقة التي تم نشرها بإحدى الجرائد المصرية عن قيام أحد الاشخاص باستخدام علم التنويم المغناطيسي في جريمة قتل، وتمكن عماد حمدي من تأدية دور ذلك المريض النفسي مستخدما تعبيرات وجه عميقة ومتدخلة ليضفي تلك الإثارة على تلك الشخصية.... إن فيلم المنزل رقم 13 يستحق ان يكون من افضل 100 فيلم على الاطلاق
وربما لا يصدق البعض أن كمال الشيخ أنتج 'المنزل رقم 13' مقابل أجره فقط، وبمساعدة مالية بسيطة من مدير التصوير وحيد فريد، ومساعدة أبطال الفيلم الذين وافقوا علي تأجيل أجورهم لما بعد عرض الفيلم جماهيريا، وحقق الفيلم نجاحا كبيرا، وبدأ النقاد يطلقون علي كمال الشيخ اللقب الذي رفضه طوال حياته وهو 'هيتشكوك السينما المصرية
من الاشياء الغريبة التي احاطت بحياة كمال الشيخ الفنية أنه بدأ كمونتير في أفلام الآخرين، وحين أصبح مخرجا، رفض عمل المونتاج لأفلامه، مما جعل البعض يقول انه كان يحلم منذ البداية أن يكون مخرجا، وأن يترك مهنة المونتير للآخرين، وعن هذا التحول الغريب في مساره الفني يقول كمال الشيخ: 'أردت أن تكون هناك عين أخري غيري لمشاهدة أعمالي السينمائية وصناعة المونتاج لها، فأنا من المؤمنين بأن المونتير قادر علي كشف مواطن الضعف في العمل الفني وتقديم انتقادات فعلية وحقيقية، وزوجتي أميرة تحرص علي معايشة أفلامي كمونتيرة سواء في المنزل أو الاستديو، كما أن اسنادي عمل المونتاج لشخص آخر غيري جعلني اتعامل مع مونتيرين موهوبين مثل شقيقي سعيد الشيخ وحلمي حسنوف، ولكل منهم رؤيته الفنية المختلفة التي استفدت منها في أفلامي'.
بهذا الحس السينمائي المتميز، تعامل كمال الشيخ مع أفلامه التي تركها لنا، ففي الوقت الذي كانت فيه السينما المصرية مسجونة بين جدران الاستديوهات والقصور الفاخرة خرج كمال الشيخ لتصوير أفلامه في شوارع القاهرة المزدحمة بالناس، وخاصة في فيلم 'حياة أو موت' والذي استوحاه كمال الشيخ من قصة نشرت في احدي الصحف تحكي عن خطأ صيدلي في صرف دواء لمريض، وهو ما دفعه الي كتابة معالجة للفكرة في 13 صفحة وعرضها علي أكثر من منتج، الا أن الجميع رفض الفكرة وتخوف منها، وحين عرض كمال الشيخ موضوع الفيلم علي المنتجة الراحلة آسيا داغر لم تعترض علي إنتاجه، الا أنها فاجأت كمال الشيخ بطلبها أن يكون بطل الفيلم هو الفنان الكوميدي الراحل اسماعيل يس، ورفض كمال الشيخ، لأنه رأي أن هذا الطلب سيحول الفيلم عن مساره ويجعله فيلما كوميديا، ومع الوقت بدأت آسيا تقتنع بترشيح عماد حمدي لبطولة الفيلم الي جوار الفنانين الراحلين حسين رياض ويوسف وهبي.
خلاصة الكلام " ما اود قولة، قبل أن تنشر فِكْرٌ قد يكون ضال، أو أشاعة قد تكون ظلمٌ لأصحابها، أو معلومة خاطئة. تأكد قليلاً انت أيضاً مسؤولاً عن ما تنشر ومسؤولاً ايضاً عن ما تعيد نشرة. فقط استخدم عقلك وتأكد من صحة ماتريد نشرة". وتذكر دائماً وللأسف (الغالبية يسارعون في نشر الاشاعات السيئة والهجومية) وبعضهم ينشرها بإسم الوطن و الدين. لاتكن من هوؤلاء الغالبية. ولا تشغل التغييب الآلي المحاكي للطيار الالي في عقلك، فقط تأكد من شبهة ماتنشر. وليس شرطاً ان ما يقولونه أغلب الناس يكون صحيحاً. ليس كل ما يسمع يقال، وليس كل ماينشر حقيقة.
أرجو أن أكون قد أوضحت بقدر ما أطلت وهو ما أعتذر عنه للقارئ العزيز والذي لايملك رفاهية الوقت
ابعدونا عن جريمة تزييف الوعى الشعبى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.