كشفت حيثيات المرافعة في قضية إلغاء ترسيم الحدود مع السعودية، والتي تنظرها الدائرة الأولى لفحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، العديد من المفاجئات والدوافع التي ساقتها الحكومة لتبرير اتجاهها للتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية. واستشهد محامي الحكومة للتدليل على أن الاتفاقية من أعمال السيادة، باتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص في عام 2014، والتي مرّت دون جدل مما يؤكد وجود دوافع مسبقًا لتمرير مثل هذه الاتفاقية والتي سبقتها رغم علمهم بعدم صحتها، وفقًا لخبراء سياسيين. وتأجل نظر طعن هيئة قضايا الدولة على حكم القضاء الإداري ببطلان توقيع ممثل الحكومة على اتفاقية "تيران وصنافير" إلى 22 أكتوبر المقبل، وذلك بعدما استمعت إلى مرافعات نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، والمحامي خالد علي عن الفريق الطاعن ضد الاتفاقية. وتقدمت هيئة قضايا الدولة بحافظة مستندات بها مذكرتين مرسلتين من وزارة الخارجية المصرية إلى السفارتين الأمريكية والبريطانية بتاريخ 30 يناير و28 فبراير 1950، على التوالي، لإحاطتهما بأن مصر قد قامت باحتلال الجزيرتين بالاتفاق مع السعودية. كما تقدم محامي الحكومة بمجموعة من الكتب الصادرة من وزارة الدفاع المصرية تخص الجزيرتين وبها ما يثبت سعوديتهما، بحسب زعم الحكومة المصرية، بالإضافة إلى ثلاث مذكرات من هيئة أركان الجيش المصري، وكذلك المخاطبات المتبادلة بين عصمت عبد المجيد وزير الخارجية المصري الأسبق وسعود الفيصل وزير الخارجية السعودي خلال فترة التسعينيات لبحث تسليم الجزيرتين بناء على طلب رئيس مجلس الوزراء عاطف صدقي في تلك الآونة. وطلب محامي الحكومة الاستعانة بلجنة خبراء للبت في المستندات المقدمة أمام هيئة المحكمة من الطرفين، وكذلك تأجيل الدعوى لتقديم المستندات التي ذكرها. وقال السفير معصوم مرزوق مساعد وزير الخارجية الأسبق، والقيادي بحزب "الكرامة"، إن "استناد دفاع الحكومة إلى اتفاقية ترسيم الحدود مع قبرص أمر غير منطقي ويدل على إفلاس الكحومة وعدم امتلاكها دلائل تثبت صحة ما قامت به في اتفاقية تيران وصنافير". وأضاف ل"المصريون": "محكمة القضاء الإداري حكمت بعدم الاختصاص في نظر اتفاقية ترسيم الحدود مع قبرص واليونان، واعتبرته عملاً من أعمال السيادة، علمًا بأن هذا الدفع تم تقديمه أمام محكمة القضاء الإداري التي فندته، كما أن ترسيم الحدود مع قبرص واليونان لم يكن به أراضي مصرية تم التنازل عنها، والتي حظرها الدستور في المادة 131 الفقرة الثالثة، وهذا يفرق بين الاتفاقيتين من حيث أعمال السيادة والتي لا يجوز لها التنازل عن أي مساحة من الأرض المصرية". وأوضح أن "ما حدث في اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية يعد تنازلاَ عن الأرض وبالتالي يكون مخالفًا لنص الدستور، ومن ثم يبطل تصرف الحكومة وهو ما أكدته المحكمة"، متوقعًا أن "تستغني المحكمة عن دفاع الحكومة المتعلق بتمرير الاتفاقية مع قبرص لكونه تم تفنيده في الحكم السابق". وتابع مرزوق: "أخبرني بعض الأصدقاء أن ترسيم الحدود مع قبرص به خطأ كبير، وذلك أثناء توقيعها، لكني لم أصدق ذلك بحكم عملي كمدير لإدارة المعاهدات في وزارة الخارجية في السابق، وأعلم أن الترسيم سيخرج بعد مراجعة دقيقة وقانونية ولجنة للبحار، ومن ثم فالخطأ غير وارد، إلا أن توقيع الحكومة على اتفاقية التنازل عن تيران وصنافير أوضح لي حقيقة الأمر، خاصة وأنني أمتلك جميع الوثائق والخرائط التي أكدت ملكية مصر للجزيرتين بنسبة 150% مما جعلني أتشكك مرة أخرى في اتفاق الترسيم مع قبرص". واستدرك: "ومن ثم فيجب مراجعة الاتفاقيات التي تمت مع قبرص واليونان وإظهارها للرأي العام في ظل عدم وجود برلمان حقيقي، إذ إن البرلمان الحالي يعمل كظهير للحكومة, كما يجب النظر أيضًا إلى عدد من الأمور أهمها استغلال إسرائيل لثلاثة آبار من الغاز اثنان منها داخل المياه الإقليمية المصرية، طبقًا لبعض القياسات التي تؤيد وقوعها في المياه الإقليمية الخاصة لمصر وكيف تستغلها إسرائيل رغم عدم ترسيم الحدود البحرية معها". وأكد أنه "سيتم فتح ملف اتفاقية ترسيم الحدود مع قبرص واليونان فور الانتهاء من قضية تيران وصنافير وإثبات خطأ الحكومة في تسليمها للسعودية". وتابع: "هناك 12ميلاً في المياه الإقليمية بعدها 2 ميل تسمى المنطقة الاقتصادية الخاصة تقاس من خطوط الأساس طبقًا لاتفاقية قانون البحار التى وقعت 1982، ومن ثم أي تحرك لخطوط الأساس قد تجعل من بئر الغاز الواقع في الحدود المصرية خارجها والعكس". وشدد على ضرورة "مراجعة هذه القياسات، والنظر لماذا تقاعست مصر عن هذه المطالبات خاصة وأن إسرائيل تبيع بنحو 100 مليار دولار غاز سنويًا من أحد الآبار القريبة من ميناء دمياط والتي تسعي إلي بيع إنتاجه لمصر". من جانبه، قال مجدي حمدان، نائب رئيس حزب "الجبهة الديمقراطي"، إن "السيسي منذ أتى كرئيس للدولة وهو لديه أجندة تتمثل في تمرير بعض الاتفاقيات، ومما يعزز ذلك قوله في اجتماعه مع النخب بخصوص اتفاقية تيران وصنافير، أنه منذ الشهر الثاني لتولية الحكم طلب هذا الملف ليتخذ قرار بشأنه، مما يؤكد أن اتفاقية ترسيم الحدود والجزر هي مقدمة لما هو آت، ألا وهو الاستغناء عن مساحة من سيناء لإيجاد دولة لفلسطين والصمت من الشعب وانبطاح البرلمان سيؤدى إلى مزيد من التنازلات". وأضاف ل"المصريون"، أنه "بحسب الدستور في مادته رقم 151 لايمكن لرئيس الجمهورية التنازل عن جزء من إقليم الوطن إلا بعد الرجوع للشعب والحصول على موافقة باستفتاء شعبي، فسيادة الرئيس تقف عند سيادة الوطن، ولسيادة في التنازل عن شبر من أرض مصر". وأشار إلى أن "توقف المظاهرات والقضاء على الحياة الحزبية والانقضاض على الثورة والاستيلاء على الإعلام هو مخطط مدروس لإدارة البلاد والتفريط فيها بموجب أجندة جاري تنفيذها"، لافتًا إلى أن "الحسابات كان ستختلف إذا ما تم رفض اتفاقية الترسيم مع قبرص منذ البداية".