إن استقرار الأسعار أمر في غاية الأهمية، إذ نجده موضوع كل سياسة نقدية، حيث يعتبر أمراً ضرورياً لتحقيق العدالة في توزيع الدخل نظراً لما يجلبه عدم استقرار الأسعار من أثر سيء في توزيع الدخل والثروة، وانعكاساته السلبية على الدائنين لانخفاض قيمة ديونهم ولهذا منح الاقتصاد الإسلامي للاستقرار النقدي أهمية بالغة حيث "يعتبر الاستقرار في قيمة النقود هدفا إسلاميا مهما، ذلك أن الإسلام يعلق أهمية قصوى على الأمانة والعدل في جميع المعاملات، في حين أن التضخم يضر بالعدالة الاجتماعية والرفاهية العامة ويقلل من فاعلية النظام النقدي ويزيد من التفاوت في الدخل بل هناك من " يعتبر استقرار القيمة الحقيقية للنقود أن توقيت خفض الجنيه أو تعويمه، يخضع لحسابات دقيقة على مستوى كافة الجهات الاقتصادية المعنية، تراعى حسابات مستوى التضخم، ومعدلات استيراد السلع الأساسية والإستراتيجية والاحتياطي الاستراتيجي منها، مرجحة أن يتم تعويم الجنيه قبل نهاية العام الجاري، أو خلال شهرين من الآن، على حسب السيناريو الذي سيتم الاستقرار عليه، خاصة أنه من المتوقع أن تتم الموافقة على قرض صندوق النقد الدولي خلال أسابيع قليلة من الآن، إلى جانب صرف الشريحة الأولى من القرض بقيمة 2 مليار دولار على الأقل خلال شهرين بعد الموافقة على منح مصر التمويل، ودعم خليجي بمليار دولار من الإمارات تمثل الشريحة الثانية من الوديعة الإماراتية لمصر، بعد وصول مليار دولار فى يوليو 2016، إلى جانب الدعم السعودي المتوقع لمصر. بخفض جزئي لقيمة الجنيه أو تعويم كلي للعملة المحلية مقابل الدولار يعقبه ارتفاع كبير في معدلات التضخم وزيادة الأسعار بشكل عشوائي لا يتحمله المواطنين مما يترتب عليه زيادة معدلات الفقر واضطراب الأوضاع السياسية والاجتماعية والذي بدوره لا يصب في صالح الاقتصاد بأي شكل من الأشكال. فإن قرار التعويم مشروط بقدرة الحكومة على تأمين أربعة أشهر على الأقل من الفاتورة الاستيرادية للبلاد "20 مليار دولار"، وهو ما يمكن تحقيقه بعد الحصول على 2 مليار دولار، كقرض من الصين، و2 مليار دولار كقرض من المملكة العربية السعودية، و500 مليون دولار، كدفعة ثانية من قرض البنك الإفريقي للتنمية ، والبالغ في مُجمله 1.5 مليار دولار، و2.5 - 3 مليارات دولار كشريحة أولى من قرض صندوق النقد الدولي، والبالغ في مجمله 12 مليار دولار، كل ذلك بالإضافة إلى السندات الدولارية والتي تبلغ 3 مليارات دولار. وسجلت احتياطيات مصر من النقد الأجنبي 16.56 مليار جنيه بنهاية أغسطس الماضي. ويتحكم البنك المركزي المصري في أسعار صرف العملات الأجنبية، ويحدد هذه الأسعار في عطاءاته الرسمية، التي تُطرح كل ثلاثاء، ولا يتحرك سعر الجنيه وفقًا لآليات العرض والطلب، بل يتغير فقط في حال قيام "المركزي" بتغيير السعر في مزادات العملة الرسمية، سواء كانت دورية أو استثنائية. ان مصدر التضخم يكمن في ارتفاع الطلب بسرعة أو انخفاض العرض بنفس الدرجة أو في كلاهما, فعندما يتجاوز نمو الأجور نسبة زيادة الإنتاجية أو عندما ترتفع تكلفة استيراد المواد الأولية كالنفط أو عوامل الإنتاج كرأس المال فان مؤشر التضخم يرتفع بسرعة. فهذه الظاهرة لها إذا صلة كبيرة بالاستهلاك و الإنتاج من جهة و بالسياسة النقدية من جهة أخرى. فالتضخم كما رأينا يؤدي إلى ارتفاع الأسعار ولكن هل كل ارتفاع في الأسعار يشكل تضخما؟. الجواب بالنفي, وذلك لأن مفهوم ارتفاع الأسعار بحيث تصبح تشكل تضخما هو مفهوم نسبي, فالأسعار إذا بلغ ارتفاعها مستوى معين فانه يصبح تضخميا, بأن يكون مثلا ارتفاع الأسعار على المستوى المحلي أسرع ممّا هو على المستوى العالمي, أو عندما يستمر الارتفاع بصورة دائمة, أو عندما لا يوازي نمو الأجور و الرواتب ارتفاع الأسعار فتضعف بالتالي قدرة الشراء. إذا كانت تقلبات قيمة النقود تفقدها دورها كمقياس للقيم، فإن ذلك يفقدها أيضاً لدورها كوسيط في التبادل. وإذا كانت وظيفة مقياس القيم من أهم وظائف النقود، فتظل هذه الوظيفة ذهنية وحسابية، تقوم في ذهن المتعامل لإجراء الحساب، أما الوظيفة العملية للنقود فهي أنها وسيط التبادل. فقد مضى العصر الذي كانت تتم فيه المبادلات عن طريق المقايضة، وانقسمت هذه المقايضة – إلى عمليتين للبيع والشراء. وفي كل مرة يتنازل البائع عن سلعته مقابل النقود فإنه يقصد إعادة استخدامها في شراء سلع أخرى. فالنقود من هذه الزاوية ليس لها منفعة ذاتية، وإنما منفعتها مستمدة من القدرة على تحويلها إلى سلع. ولذلك يقال أن النقود قوة شرائية عامة. بمعنى أن من يحمل النقود يستطيع – في كل وقت – أن يحولها إلى سلع دون أن يفقد شيئاً من قيمتها. ولذلك فإن أساس قيام النقود بوظيفتها كوسيط في التبادل – هو احتفاظها بقيمتها أي بقوتها الشرائية. أما إذا كانت النقود تفقد باستمرار من قيمتها وتتضاءل قوتها الشرائية مع الزمن فإن ذلك يدفع الناس إلى البعد عن استخدام النقود، واكتناز السلع والأصول العينية. ومن المهم أن نلاحظ هنا أن فشل النقود في قيامها بدورها كوسيط في المبادلات قد يؤدي إلى انهيار نظام المبادلات النقدية والسقوط من جديد إلى نظام المقايضة، وهو ما يعني التراجع إلى أحد النظم الاقتصادية البدائية والتي لا تتفق مع احتياجات العصر. وكما أن فقدان الاستقرار في قيمة النقود يحرمها من القيام بدورها كمقياس للقيم وكوسيط في المبادلات، فإن الأمر لا يختلف بالنسبة لوظيفة النقود كمخزن للقيم، فالنقود هي الوسيلة الرئيسية للأفراد للاحتفاظ بثرواتهم من فترة إلى أخرى. فإذا كانت النقود تفقد قيمتها باستمرار فإن ذلك يمثل إشارة إلى الأفراد بالتخلص من النقود واكتناز السلع بدلاً منها، حيث أن الاحتفاظ بالنقود يمثل خسارة مع مرور الوقت وبطبيعة الحال فإن زوال دور النقود لمخزن للقيم لن يلبث أن ينعكس على سلوك الأفراد بالنسبة للادخار والاستثمار. فأداة الادخار والاستثمار الأساسية هي النقود، ومع استمرار تدهور قيمتها، تتبدد القدرة على الحساب الاقتصادي وينصرف الناس تماماً عن التفكير في المستقبل وتتآكل المدخرات وبذلك ينهار أساس التقدم الاقتصادي. أما إذا هدفت الدولة إلى تخفيض كمية النقود تقوم ببيع السندات إلى الأفراد مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السندات كما أن بيع السندات إلى الأفراد سيؤدي إلى انخفاض الودائع البنكية و بالتالي يرتفع سعر الفائدة و يقل حجم الإقراض. ومن ضمن أهم السياسات النقدية (سياسة نسبة الاحتياطي القانوني ) حيث تعد هذه السياسة واسعة الانتشار في الدول النامية نظراً لغياب أو لضعف الأسواق المالية المتطورة .!! فإذا هدفت الدولة إلى زيادة عرض النقود تقوم بتخفيض نسبة الاحتياطي القانوني مما يؤدي إلى زيادة إمكانات البنوك التجارية في تقديم القروض. أما إذا هدفت الدولة إلى تخفيض عرض النقود تقوم بزيادة نسبة الاحتياطي القانوني مما يؤدي إلى تقييد إمكانات البنوك التجارية في تقديم القروض. ولعلاج الركود الاقتصادي تقوم الدولة بتطبيق سياسة نقدية توسعية بحيث تزيد عرض النقود الذي سيؤدي إلى انخفاض سعر الفائدة مما يؤدي إلى زيادة الاستثمار و بالتالي يزيد الطلب الكلي. أما لعلاج التضخم فتقوم الدولة بتطبيق سياسة نقدية انكماشية، بحيث تؤدى إلى خفض عرض النقود و الذي يؤدي إلى ارتفاع سعر الفائدة مما يستتبع إ انخفاض الاستثمار و بالتالي ينخفض الطلب الكلي.