كمال حبيب المعتقلون هم وصمة عار في جبين كل القوي الوطنية المصرية التي تعيش وتحيا دون أن يطرف لها جفن بشأن بقاء أكثر من 15 ألف معتقل في السجون المصرية ، بعضهم نشرنا مأساته هنا في هذه الزاوية مرات عديدة خاصة أولئك الموجودون في سجن المرج والذين يتعرضون للتعذيب والإهمال الطبي ومنع أسرهم من زيارتهم . العديد من الناشطين السياسيين المصريين اليوم من كل الاتجاهات تعرضوا للسجن وذاقوا مرارته وأنا أولهم ، فقد تعرضت لسنوات طويلة مريرة في السجن والتعذيب من 1981م وحتي 1991 م ، عشر حجج طويلة وكاملة ، تركت فيها أولادي وأسرتي وزوجتي وأبي وأمي ومستقبلي وحياتي ولولا لطف الله بي وبهم جميعا لكنت الآن في قبضة الجلاد ولكن الله سلم . هؤلاء الذين ذاقوا مرارة السجن وويلاته لماذا لم يفكروا حتي اليوم في تكوين لجنة أو هيئة للدفاع عن كل المعتقلين المسجونين ، فأنا أعرف في العالم الغربي قصص لبشر تعرضوا لمشاكل في حياتهم ولما أنقذهم الله منها وهبوا قدراً كبيراً من نشاطهم في خدمة أولئك الذين تعرضوا لمثل ظروفهم ، و أذكر أنني كنت أول المشاركين في لجنة سجناء الرأي التي يترأسها الزميل محمد عبد القدوس وتركتها غير آسف عليها حين كنت أحاول الضغط لتضمين النشرة التي كانت تصدرها اللجنة أسماء من تيارات جهادية بينما كان يصر محمد عبد القدوس علي أن هؤلاء ليسوا سجناء للرأي ، ولا نعرف من هو سجين الرأي وفق للمنطق العجيب الذي كان يحمله الأخ محمد عبد القدوس . أي مسجون أو معتقل سياسي هو سجين للرأي ومعتقل للرأي خاصة في ظل دولة قمعية متخلفة كتلك التي نواجهها ، كل المعتقلين السياسيين هم سجناء للرأي لأن مواقفهم السياسية والفكرية هي التي قادتهم للسجن . إذا كان للجنة سجناء الرأي من دور اليوم فعليها أن تفتح أبوابها لكل المعتقلين السابقين والسجناء في قضايا الرأي والسياسة وأن يكون نشاطها مركزا لتدشين حملة لا تتوقف من أجل الإفراج عن المعتقلين السياسيين من كافة الاتجاهات . أتمني من كل من تعرض من قبل للاعتقال من النشطاء السياسيين أن يخصص جزءاً من وقته للكتابة أو التضامن أو الاشتراك لعمل إيجابي من أجل الإفراج عن المعتقلين السياسيين ، ووصلا بالمقال الذي كتبته الأمس فكثير من نشطاء الإخوان تعرضوا للاعتقال ولايزال مئات منهم معتقلين ، أتمني أن ندشن حملة قومية للإفراج عن المعتقلين يكون جزءا منها تقديم الاستجوابات وطلبات الإحاطة والكتابة والتظاهر والضغط من أجل طرح قضية المعتقلين علي الرأي العام وعلي الصحافة وعلي الرأي العام المحلي والدولي . لا أظن خيراً بالنظام أو الرئيس الذي حكم علي الدكتور أيمن نور بخمس سنوات جنائية وهذه كارثة فعلاً مستخدمين الدولة وأدواتها المرعبة في تصفية حسابات مع الخصوم ، نحن نعرف أن الدولة المصرية تم استخدامها لتتحول محاكمها إلي عسكرية للحكم بالإعدام علي مايقرب من مئة من الشباب الجهادي في التسعينيات وأذكر أنني كنت معتقلا عام 1993 في يناير لمدة 48 يوما حسوما لم أغادر فيها مبني وزارة الداخلية ( لاظوغلي ) وعرفت أن أول محكمة عسكرية في قضية العائدون من أفغانستان حكمت علي شاب اسمه شريف " لم يكن له علاقة بأي شئ سوي أنه كان معه كتاب اسمه " العمدة في إعداد العدة " ، واعتبر القاضي ذلك دليلا علي أنه في تنظيم الجهاد ، وحكم عليه بالإعدام ، ياقوة الله ، إعدام مرة واحدة وإزهاق نفس حرم الله إزهاقها إلا بالحق ، وهذا هو أشر أنواع القتل لأنه إطلاق الرصاص علي الناس من الدولة بحيث يكون القضاة العسكريون ومحاكمهم هي الأداة . نريد لمصر أن تعود دولة طبيعية بدون قانون للطوارئ وبدون محاكم عسكرية أو استثنائية وبدون اعتقالات وبدون إهدار للقانون وبدون حزب واحد يختصر الدولة في بطنه وكرشه ، وبدون رئيس يختصر الحياة الدستورية في شخصه ، وبدون دستور لا يعمل أو لايعبر عن تطورات حياتنا فأصبح كأنه ثوباً ضيقاً علي جسد اتسع ، نريد مصر دولة بدون تعذيب وبدون سجون تحت هيمنة وزارة الداخلية نريد للسجون أن تكون تحت رقابة وزارة العدل ،نريد مصر دولة فيها صحافة حرة الصحفي يراقب ويحصل علي المعلومة بدون خوف أو ضغط أو تبعية ، نريد لمصر برلمان قوي ونواباً لا يخشون في الله لومة لائم يراقبون ويحاسبون وأعينهم علي مصالح مواطنيهم ، نريد مساواة في كل شئ . مالم يحدث إصلاح حقيقي بعد الانتخابات الرئاسية التعددية ومالم ينهض المجتمع كله لمطالبة الرئيس بتطبيق برنامجه وإعادة الحياة لمصر كدولة طبيعية فيها محاسبة ومسئولية وقانون فيها الفساد يخاف ويرتعب والمواطن يحميه القانون فنحن مقبلون علي كارثة وقانا الله وبلدنا شرها . [email protected]