كمال حبيب السجون المصرية من أكثر السجون في العالم بؤساً ، فهي لا تخضع لأي معايير في البناء الصحي أو الإنساني ، وأذكر أن العنابر الجديدة التي أقيمت في ليمان طره ، وهي ثلاثة عنابر صغيرة افتتحت عام 1986 م بانتقال عناصر التيار الجهادي إليها ، وكنت شاهدا علي ذلك ، كانت العنابر بالكامل أسمنتية ، تخيلوا العنبر كله عبارة عن كتلة أسمنتية واحدة تكون ناراً موقدة في الصيف وزمهريراً مرعبا في الشتاء ، ولم يكن فيها أي فتحة سوي ذلك الثقب الصغير في الباب الحديدي الذي تدخل منه الجراية إلي المسجون السياسي وفي داخل كل زنزانة تخيلوا عملوا 3 مصاطب أسمنتية من الأسمنت الخالص بحيث ينام المسجون علي مصطبة أسمنتية علي الأرض وفي المنتصف أي في الدور الثاني ( تكنولوجيا ) وفي الدور الثالث الذي لا يبعد عن السقف سوي سنتيمترات توجد مصطبة ثالثة وتخيلوا المشهد كله كوميدي ، من فكر في هذه المسرحية الإجرامية لكي يضع ثلاثة بني آدميين أيا كانوا في مساحة صغيرة وضيقة ربما لا يزيد عرضها عن مترين وبداخلها دورة المياة حتي لا يفتح الباب ويبقي المسجون داخلها الأربع وعشرين ساعة كاملة بداخلها فقط يقف ليأخذ الجراية من الفتحة الصغيرة في الباب الحديدي . حين أغلق الباب عام 1986 م علي ثلاثة من الشباب دفعة واحدة داخل هذه المساحة الصغيرة التي لا توجد بها أي منافذ للتهوية اختنق الجميع وتحولوا إلي المستشفي فوراً بسبب الاختناق وضيق التنفس ، ، تم بناء هذه الصفائح الأسمنتية الكبيرة بدون أية رقابة أو مسئولية وفي سياق فساد ينتفع منه الجميع ، وللوزارة بناؤوها من الجنرالات السابقين والعاملين السابقين بها ، وبدون أية رقابة يوضع المواطن السجين ليواجه مصيره الذي ربما يكون الموت خنقاً في ظل غياب الرقابة من قبل النيابة أو جهات قضائية لها صفة الحياد . أذكر أن ضجة أثيرت حول شروط الأبنية في السجون الجديدة والعنابر الأسمنتية وجاءت جهات رقابية من الخارج لتري وتفتش وكانت النتيجة هي عدم مواصفات تلك المباني للمواصفات التي تمثل حداً أدني كشروط للحياة . المعتقل السياسي يواجه مصيراً صعباً ومظلما في ظل غياب أي رقابة علي السجون ، فهو في يد جلادين يمكنهم أن يحيلوا حياته جحيما ، وأذكر أنه يواجه عدة جهات أمنية في وقت واحد هي مباحث السجون والأمن المركزي والمباحث الجنائية وأمن الدولة والقوات الخاصة حين يحدث تفتيش ويتعرض للضرب بالعصي الكهربائية إذا لم يقف خاشعاً ذليلاً خائفاً مرعوباً . المشكلة اليوم أن جميع من بقبضة مصلحة السجون هم معتقلون لا يجوز التعرض لهم بأي تفتيش أو إهانة في الزيارات حيث يحرم المعتقل من زيارة أهله وحده بل يكون معه في الزيارة مخبر يسمع ويري ويضايق ويهين ، ويتعرض الأهل للمضايقة في التفتيش والمنع من الزيارة . كل من بأيديكم من المفروض أن يكونوا أحراراً ، أنتم ترتكبون بحقهم وحق أسرهم جرائم مريعة ، المنع من الحرية ، المنع من ممارسة الحياة الإنسانية ، ويمكن للمعتقل أن يهان وتسحب منه في الشتاء وسائل التدفئة مثل السخان الكهربائي الصغير الذي يدفئ الحجرة ويكون وسيلة لإنضاج بعض الطعام ، أو تسحب البطاطين بينما ينام كل المعتقلين علي الأرض لا توجد سرائر ، كل المعتقلين ينامون علي الأرض علي البطاطين ويتغطون بالبطاطين فإذا سحبت البطانية من المعتقل وباشر جسده الأسفلت أو البلاط فإنه يواجه أسوأ مصير وعذاب فلا يغمض له جفن بسبب لدغات البرد القارصة والمرعبة ولازلت أذكر أنني واجهت موقفاً كهذا لبعض الأيام ولا تزال هذه اللحظات القاسية نتذكرها رغم ما واجهنا من محن في السجون . والرعاية الصحية هي الأخري قصة لا بد من فتح ملفاتها فكم صمت أطباء مصلحة السجون عن التعذيب أو كتابة تقارير بشأن الحالة الصحية لكثير من المعتقلين أو المساندة في التعذيب عبر منح النصائح والإرشادات والعلاج حتي لا تظهر آثار التعذيب ، أعرف العديد من المعتقلين تعرضوا للإهانة والإذلال بسبب احتياجاتهم الصحية ، فبعضهم يعاني من الآلام المزمنة ومن الأمراض الجلدية ومن الحاجة لطقم الأسنان وغيرها الكثير والكثير . لا بد من حملة وطنية لإيقاف التعذيب في السجون المصرية ، ولابد من وقفة رجل واحد لحماية المعتقلين في السجون ومنحهم الثقة في أن قضيتهم كبشر وبني آدمين مطروحة علي الرأي العام وأن مواقفهم الفكرية أيا كانت ليست سببا ً في التخلي عنهم أو السكوت علي مايواجهونه من عذابات . نريد حملة قومية بعنوان " أوقفوا التعذيب في السجون المصرية " [email protected]