فيما اعتبر رسالة تحذير شديدة اللهجة لإيران، وصفت السعودية ما يحدث في محافظة القطيف بأنه "إرهاب جديد"، واتهمت جهات خارجية بتحريكه، مؤكدة أن رجال الأمن سيواجهونه "بيد من حديد". جاء ذلك في تصريح لمصدر أمني مسئول في وزارة الداخلية السعودية، تعليقا على "خطبة الجمعة" لأحد مشايخ محافظة القطيف والتي تطرق فيها لما يحصل من أحداث ومواجهات متفرقة في المحافظة. ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن هذا المصدر الأمني القول في 20 فبراير:" إن هذه الخطبة المسيسة احتوت على مغالطات عديدة، وإسقاطات غريبة". وأضاف أن الإمام، الذي لم يذكر اسمه، يستنكر ما قام به الشباب المغرر بهم من أهل القطيف من عنف تجاه قوات الأمن، إلا أنه عاد وأنكر على الدولة حقها المشروع في مواجهة هذا العدوان، قائلا :" هو بذلك يتناسى حقيقة أن ما يحدث من قبل هؤلاء القلة هو إرهاب جديد، حق للدولة أن تتصدى له كما تصدت لغيره من قبل، دون تمييز مناطقي أو طائفي". وتابع "رجال الأمن في المملكة سيواجهون مثل هذه الحالات في حال استفحالها بكل حزم وقوة وبيدٍ من حديد، هؤلاء القلة تحركهم أيد خارجية نتيجة لمواقف السعودية الخارجية المشرفة تجاه أمتها العربية والإسلامية"، مؤكدا أن مثل هذه الأعمال لن تثني حكومة المملكة عن القيام بواجبها الوطني تجاه من يسفكون الدماء ويقتلون الآلاف من أبناء شعبهم ظلماً وعدواناً، ممن تجاهلهم وبشكل غريب هذا الشيخ في خطبته"، وذلك في إشارة ضمنية إلى النظام السوري الذي يحظى بدعم واسع من إيران. ورفض المصدر الأمني مقارنة هذا الشيخ بين ما يحدث في دول مجاورة، في إشارة إلى سوريا وبعض المناطق الإيرانية ذات الغالبية السنية بما يحدث في القطيف، قائلا :" إن مقارنته لما يحدث ببعض قرى القطيف بما يحصل بدول أخرى مجاورة سفكت الدماء الحرام بدون وجه حق هي مقارنة باطلة لا أصل لها، قوات الأمن لم تعتد على أحد ولم تقم إلا بالدفاع المشروع عن النفس بما يقتضيه الموقف". وأضاف "رغم سقوط العديد من الجرحى من قبل رجال الأمن نتيجة للأعمال الإرهابية التي قام بها الشباب المغرر بهم من أهل القطيف، فإن قوات الأمن لم تقم إلا بالدفاع عن نفسها'. ودعا المصدر الأمني السعودي في ختام تصريحاته الغالبية الكبرى من عقلاء محافظة القطيف إلى أن يتصدوا لواجبهم التاريخي تجاه هذه الفئة المغرر بها والتي تحركها الأيدي الخارجية بالخفاء، وأن يتعظوا من دروس التاريخ البعيد والقريب، ومن تجارب شعوب المنطقة مع تلك الدول"إيران"، التي أثبتت أنها تستغل الجهلة والصغار كطابور خامس يحقق مآربها ويخفف الضغط عنها. وجاءت التصريحات السابقة بعد أن أعلنت وزارة الداخلية السعودية في 2 يناير الماضي قائمة من المطلوبين تضم 23 شيعيا تتهمهم ب "إثارة الشغب" في محافظة القطيف والمنطقة الشرقية في المملكة. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي حينها إن المطلوبين قاموا بأعمال مشينة وتجمعات غوغائية وحيازة أسلحة نارية وإطلاق النار على المواطنين ورجال الأمن تنفيذا لأجندات خارجية. كما أعلنت وزارة الداخلية السعودية في 4 فبراير عن تسليم ثلاثة من المطلوبين أمنيا أنفسهم للجهات الأمنية في المنطقة الشرقية، والقبض على اثنين آخرين. ورغم إعلان بعض الناشطين الشيعة في القطيف أنهم يسعون لإصلاحات سياسية واجتماعية والإفراج عن معتقلين يقبعون في سجون المملكة منذ سنوات طويلة من دون محاكمات، إلا أنه هناك اتهامات رسمية سعودية متصاعدة لإيران بالتورط في اضطرابات المنطقة الشرقية، بل ولم يستبعد البعض وجود صلة بين حادث إصابة رجلي أمن سعوديين بإطلاق نار من قبل مجهولين في 19 يناير الماضي والحرب الكلامية المتصاعدة بين السعودية وإيران على خلفية تهديدات الأخيرة بإغلاق مضيق هرمز وموقف الرياض المناهض لنظام الأسد. وكان الناطق الإعلامي لشرطة المنطقة الشرقية في السعودية المقدم زياد الرقيقي أعلن في 19 يناير الماضي أن رجلي أمن أصيبا بجروح إثر تعرضهما لإطلاق نار من قبل أشخاص مجهولين أثناء قيامهما بمهامهما المعتادة في امتداد شارع الإمام علي وعند تقاطع الجميمة في محافظة القطيف شرق المملكة. واللافت إلى الانتباه أن الحادث السابق جاء بعد يومين فقط من دعوة وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي السعودية في 17 يناير إلى "إعادة التفكير" في تعهدها بالتعويض عن أي نقص في إمدادات النفط قد ينتج عن فرض مزيد من العقوبات على إيران، واصفا الخطوة السعودية بأنها "غير ودية". وهاجم صالحي في مقابلة مع قناة "العالم" الإيرانية تصريحات وزير النفط السعودي علي النعيمي لشبكة "سي ان ان" والتي قال فيها إنه يمكن رفع إنتاج النفط السعودي بنحو 2،6 مليون برميل يوميا، وهي نفس الكمية التي تصدرها إيران، وإن العالم لن يسمح لطهران بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي. ومن جانبه، قال ممثل إيران لدى منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" محمد علي خطيبي حينها :"في حال أعطت الدول النفطية في الخليج الضوء الأخضر للتعويض عن النفط الإيراني في حال فرض عقوبات وتعاونت مع الدول المغامرة (الغربية) ستكون مسئولة عن حوادث ستحصل وبادرتها لن تكون ودية". وأمام ما سبق، لم يستبعد البعض تورط إيران في حادث 19 يناير وتنفيذها مخططا لتحريك أبناء الطائفة الشيعية في المنطقة الشرقية لإشعال اضطرابات تهز الأمن الداخلي للمملكة، إلا أن بيان الداخلية السعودية في 20 فبراير بعث فيما يبدو برسالة تحذير شديدة اللهجة لطهران بأنها لن تنجح في مخططاتها.