كشفت بيانات الموازنة العامة للعام المالي 2016_2017، عن ارتفاع متعمد من قبل الحكومة في أجور القضاة وضباط الشرطة والأموال المخصصة لهم كتعويضات، وذلك في الوقت الذي تشتكي فيه الحكومة من ارتفاع قيمة الأجور والتعويضات في الموازنة العامة في السنوات الأخيرة، لتصل إلى نحو ربع المصروفات بنسبة 23.5% وأنها تستهدف السيطرة على تفاقم الأجور لتحقيق الاستقرار المالي ضمن برنامج الإصلاح الذي بدأت الحكومة تنفيذه. وبلغت نسبة الزيادة في أجور وتعويضات العاملين بقطاعي المحاكم وخدمات الشرطة في الموازنة الحالية 13.8% أكثر من 4 أضعاف نسبة زيادة أجور وتعويضات قطاعي الصحة والتعليم 3.3 %. وقدرت الزيادة للمبالغ الإجمالية المخصصة لقطاع المحاكم بالموازنة العامة للعام المالي الحالي 2016-2017 بقيمة 2.938 مليار جنيه بنسبة زيادة 23%، حيث بلغت القيمة المخصصة لقطاع المحاكم 15.7 مليار جنيه مقابل 12.8 مليار جنيه في موازنة 2015-2016 . ويضم قطاع المحاكم في الموازنة العامة كلاً من ديوان عام وزارة العدل، والمحكمة الدستورية العليا، والقضاء والنيابة العامة (لهما النصيب الأكبر من موازنة القطاع)، ودار الإفتاء المصرية، ومجلس الدولة، وهيئة قضايا الدولة، وهيئة النيابة الإدارية، والهيئة العامة لصندوق أبنية دور المحاكم والشهر العقاري، وصندوق السجل العيني. وبلغت قيمة الأجور والتعويضات المخصصة للعاملين بقطاع المحاكم خلال موازنة العام المالي الحالي 14.2 مليار جنيه مقابل 11.4 مليار جنيه للأجور والتعويضات بموازنة العام الماضي بزيادة 2.728 مليار جنيه بنسبة زيادة 23.8 %. وبلغت الزيادة للمبالغ الإجمالية المخصصة لقطاع خدمات الشرطة بالموازنة العامة للعام المالي الحالي 2016-2017 بقيمة 3.213 مليار جنيه بنسبة زيادة 10.6 %، حيث بلغت القيمة المخصصة للقطاع 33.4 مليار جنيه مقابل 30.2 مليار جنيه في موازنة 2015-2016 ، حيث يضم القطاع ديوان عام وزارة الداخلية، ومصلحة الأمن والشرطة. وبلغت قيمة الأجور والتعويضات المخصصة للعاملين بقطاع خدمات الشرطة خلال موازنة العام المالي الحالي 26.9 مليار جنيه مقابل 24.7 مليار جنيه للأجور والتعويضات بموازنة العام الماضي بزيادة 2.248 مليار جنيه بنسبة زيادة 9.1 %. وتصل نسبة زيادة الأجور لقطاعي المحاكم وخدمات الشرطة، اللذين ينتميان إلى قطاع النظام العام وشؤون السلامة العامة، إلى 46.8% من إجمالي زيادة الأجور على مستوى إجمالي موازنة الدولة البالغة 10.6 مليار جنيه ليصل إجمالي الأجور والتعويضات إلى 228.7 مليار جنيه خلال السنة المالية الحالية. قال مدحت نافع الخبير الاقتصادي وأستاذ التمويل والاستثمار، إن الحكومة غير جادة في توزيع الأعباء المالية بعدالة تماماً، كما أن توزيع الدخول والثروات يشوبه خلل متزايد. وأضاف ل"المصريون"، أن الموازنة الجديدة ينخفض بها بند الأجور لأول مرة عن بند الفوائد، وهذا وحده دليل على غياب العدالة عن توزيع الأعباء بين الأجيال، حيث يمثل تضخم الدين العام إلى ما فوق 100٪ من الناتج المحلي الإجمالي عبئاً كبيراً على الأجيال القادمة. أما عن تضخم أجور فئات معينة من الشعب، فيرى أستاذ التمويل والاستثمار، أن ظاهرة خروج عدد كبير من المسئولين الحكوميين من مكاتبهم إلى النيابات بتهم مختلفة، يجعل الحكومة تعمل لمستقبلها وتحاول تقوية مركزها المالي على حساب أفراد الشعب البسطاء، وتستمر في التغني بالمشكلات التي هي أحد أهم الأسباب في تضخمها، وهي زيادة ميزانية الأجور في الموازنة العامة، متغافلة أن النسبة الأكبر منها تتعلق بفئات معينة يعلمها الجميع وتتعمد الحكومة بزيادة أجورها بشكل مستمر. من جهته، يرى مجدي حمدان، نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطي، أن ما تقوم به الحكومة من توزيع أموال الشعب على فئات معينة من العاملين بالجهاز الإداري للدولة، يعد أمرًا مخالفًا دستوريًا بشكل صريح، وانتهاكًا تامًا لأحد أسس الحكم في مصر، لكونه يخل بمبدأ العدالة في توزيع الثروة وتوسيع الفوارق المالية والاجتماعية بين أفراد الشعب الواحد واعتباره، مجرد حبر على ورق. وأضاف ل"المصريون"، أن السلطة التنفيذية تعمل على اجتذاب باقي سلطات الدولة وجعلها تعمل من خلال أوامر محددة، وذلك عن طريق إرضائها ماليًا بزيادة رواتبها بشكل مستمر يحقق لها إمكانية دعم الحكومة في جميع قراراتها وإن كانت هذه القرارات ليست في صالح الشعب. وأوضح، أن إظهار الموازنة العامة للدولة زيادة أجور القضاة وضباط الشرطة بجانب التعويضات التي صدرت لهم بأكثر من رواتب الأطباء والمعلمين بنحو أربعة أضعاف يعد حالة جديدة من الرشوة وكسرًا لأي معارضة أو نهجًا يخالف السلطة التنفيذية، وهو مفهوم الحكم الديكتاتوري الذي يترسخ على قتل المعارضة وشراء الولاء. وأشار إلى أن السلطة الحالية وحكومتها لن تجرؤ على المساس برواتب القضاة أو ضباط الشرطة وتخفيضها من أجل حل مشكلة تفاقم الأجور، التي تأكل جزءًا كبيرًا من موارد الدولة، وذلك لضمان ولاء هذه الفئات للحكومة، ولجعلها الدرع المتصدي لأي صوت معارض، عبر إحكام القبضة الأمنية التي من خلالها تسير منظومة الحكم في مصر.