لعل أبشع ما تواجهه صغيرات اللاجئات السوريات في الشتات هو الزواج في سن مبكرة، والذي يسلب طفولتهن تحت اسم "السترة". مريم (اسم مستعار) إحدى ضحايا الزواج المبكر، دخلت القفص الذهبي بعمر 14 عاماً، تقف الآن على أطلال ما فات من سنين عمرها، مستذكرةً أيام لعبها مع صديقاتها قبل أن تكون زوجة أو أماً. أحلامها البريئة ما زالت حاضرة وهي تلاعب طفلتها الصغيرة التي لا تتعدى 3 شهور. تعيش مريم في شقة متواضعة وقديمة لا تكاد تصلح لعش الزوجية، وتقول دون شكوى: "جئنا إلى الأردن بعدما قُتل والدنا في الحرب، عشنا في مخيم الزعتري، وبعد ذلك انتقلنا للعيش خارجه". وتضيف مريم ل"العربية.نت" أنها قبلت الزواج من أول عريس تقدم لها، للتخفيف عن والدتها مصاريف الحياة الصعبة وما تحمله الأيام من صعوبات لا تكاد أرملة مثل أمها أن تتحمله. فيما لا ترى والدة مريم حرجاً في تزويج ابنتها، معتبرة أن الأمر عُرف متَّبع في سوريا منذ فترة طويلة، إلا أنها أقرت بانخفاض أعمار الفتيات اللواتي يتزوجن بسبب الظروف التي يمر بها اللاجئون في بلدان الشتات، والذي قد يصل إلى 13 عاماً. ريم ليست الوحيدة من بين اللاجئات السوريات في الأردن اللواتي تزوجن مبكراً، فالكثير منهن يعشن تجارب عديدة بعد تزويجهن في سن مبكرة، إلا أن أكثرها تبقى طي الكتمان. قصص وحكايات أخرى ترويها ل"العربية.نت" فتيات قاصرات وقعن ضحية الزواج المبكر، من بينهن ليلي (اسم مستعار)، التي طلقها زوجها بعد أشهر من الزواج. وتقول ليلي إن زوجاها كان خطأ وليس برغبتها، إلا أن ظروف اللجوء أجبرتها على الزواج، مشيرةً إلى أن المعضلة الأساسية هي ضياع حقوق الزوجات في حال حدوث فراق لأي سبب كان، كما جرى معها. وعادة ما يجري الزواج بدون سند قانوني، سواء بين السوريين أنفسهم أو جنسيات أخرى، لغياب جهة رسمية سورية توثّق عقود السوريين، فيما يمنع القانون الأردني زواج القاصر تحت 18 ويجرمه ويعاقب عليه، إلا في حالات معيّنة يُترك تقديرها للقاضي الشرعي. وتدفع الأوضاع الاقتصادية المتردية ونقص المساعدات الكثير من العوائل السورية إلى تزويج بناتها في سن مبكرة وسط حالة من عدم الرضا أحياناً. ويشكل زواج القاصرات بين السوريات قلقاً لدى السلطات الأردنية والمنظمات العاملة في المجال الإنساني، كما بات هذا الزواج مشكلة تدق ناقوس الخطر على مستقبل آلاف القاصرات من اللاجئات السوريات وعلى أطفالهن.