قال محمد العريان, الخبير الاقتصاد، أن تاريخ العلاقة بين مصر وصندوق النقد الدولى "دائما ما كانت علاقة غير مستقرة"، مشيرًا إلى ما حدث عام 1977 عندما قامت مصر بتخفيض دعم المواد الغذائية فى مقابل الحصول على تمويل من الصندوق، واندلعت الاحتجاجات في المدن الكبرى، وهو ما نتج عنه إلغاء الاتفاق وإعادة الدعم مرة أخرى، مضيفا: "ليس من المستغرب أن يرى كثير من المصريين صندوق النقد متسلطا يسعى لفرض إرادته على الدول دون وضع كل الظروف المحلية في عين الاعتبار، كما أن البعض يراه أداة للهيمنة الغربية، وهذا التصور ليس بسبب ابتعاد الحكومات المصرية السابقة عن دعم الصندوق فقط، وإنما أيضا بسبب تأجيل المشاورات الاقتصادية السنوية المطلوبة بموجب النظام الأساسى للمؤسسة الدولية". واكد خلال مقال له نشره موقع منظمة "بروجيكت سينديكت" الأمريكية" أن اقتصاد مصر يعاني وتضرر نتيجة لعدد من الصدمات الاقتصادية وغير الاقتصادية في السنوات الأخيرة، وتسببت المخاوف الأمنية، في تراجع حاد في السياحة التي تعد أحد أهم مصادر الدخل بالنسبة لمصر، بينما تتداعى تحويلات المصريين العاملين بالخارج بسبب تراجع أسعار النفط، وتراجعت إيرادات قناة السويس بسبب تباطؤ النمو العالمي والتجارة الدولية، وتراجعت الاستثمارات المباشرة في انتظار توضيح الإصلاحات التي تعتزم الحكومة القيام بها"، مشيرًا إلى أن كل هذا "يعد مزيجا صعبًا من التحديات الاقتصادية، ويصعب على أى بلد التعامل معه، لكن بالنسبة لمصر التي كان أداؤها دون الإمكانات الاقتصادية على مدار عقود، فإن الأمر كان أشد صعوبة". وتابع العريان قائلا: "لذلك يبدو الاتفاق مع صندوق النقد مناسبا، فهدف الصندوق في النهاية مساعدة الدول الأعضاء التي تواجه نوع التحدي الذي تواجهه مصر، فهو يوجه المساعدات في عدد من مجالات الإدارة الاقتصادية والمالية، بينما يساعد في تصميم أطر الاقتصاد الكلي، لكن كما أثبت التاريخ، فإن الاستفادة مما يقدمه صندوق النقد ليس سهلا دائما، فالتجارب الماضية للعديد من الدول تشير إلى أن النجاح يعتمد على 6 عوامل رئيسية، وهي: (أولا: برنامج اقتصادي مدروس يتوافق مع الوضع المحلي ويمثل الحقائق الاقتصادية للبلاد. وثانيا: التركيز على معالجة التحديات الاجتماعية التي ربما تظهر، لا سيما حماية الفئات الأكثر ضعفًا من السكان". وأضاف "العريان": "ثالثا: الالتزام السياسي القوي لضمان التنفيذ السليم للبرنامج. ورابعا: التمويل الخارجي الكافي الذي يتم ضخه في الأوقات المناسبة. وخامسا: التواصل الشفاف وفي الوقت المناسب، ليس فقط بين الصندوق والمسئولين المحليين، لكن أيضا مع الجهات المعنية الأخرى، ولا سيما المواطنين. وسادسا: الثقة حتى لو لم تمض الأمور كما هو مخطط لها"