هل تنجح خطة حزب الحرية والعدالة فى تشكيل حكومة ائتلافية برئاسة إخوانية مع توزيع عدد من الحقائب الوزارية على الأحزاب الممثلة فى مجلس الشعب؟...إذا كان السؤال السابق سهلا فى صياغته لكن إجابته ليست كذلك..ولنقرأ القصة منذ بدايتها عندما فاجأ بعض كبار قادة جماعة الإخوان المسلمين الرأى العام منذ عدة أيام بطرح ما أسموه مبادرة للخروج من المأزق السياسى الراهن تعتمد على إقالة حكومة الجنزورى وتشكيل حكومة جديدة بقيادة إخوانية,وكان هذا الطرح الإخوانى بمثابة طلقة إن لم تصب هدفًا فإنها سوف (تدوش) والدوشة فى السياسة الآن تجلب نفعًا..وحتى نصل إلى إجابة سؤال البداية عندى ملاحظتان هما: 1-يعلم قادة الإخوان قبل غيرهم أن الإعلان الدستورى يحدد نظام الحكم الآن بأنه نظام رئاسى,مما يعنى أن قرار تشكيل الحكومات وإقالتها يملكه رئيس الجمهورية والذى هو حاليا المجلس العسكرى ومن ثم فإن مبادرة الإخوان تشكيل حكومة جديدة سوف يتعارض مع الإعلان الدستورى. 2-فى الجلستين الثالثة والرابعة لمجلس الشعب,حضر رئيس الحكومة إلى البرلمان وألقى بيانه الذى نال استحسان غالبية النواب حيث قاطعوه بالتصفيق 4 مرات مما يعنى مباشرة موافقتهم على بيان الحكومة ودعمها سياسيا,كما أن هذا البرلمان وعقب مجزرة بورسعيد لم يسحب الثقة من الحكومة أو بعبارة أدق لم يطلب من المجلس العسكرى (رئيس الجمهورية حاليا) إقالة حكومة الجنزورى..مما يعنى عدم اعتراضه على مجمل أدائها. السؤال إذن بعد الملاحظتين السابقتين:ما الذى جرى ودفع قادة الجماعة وحزبها إلى الإدلاء باقتراح تشكيل حكومة إنقاذ وطنى, ظنى أن الإخوان قد دفعهم إلى ذلك أكثر من سبب,ويمكن إيجازها فيما يلى: 1-محاولة ممارسة ضغط ما على المجلس العسكرى خاصة أن الإضراب العام كان على الأبواب وربما سعوا لتحقيق مكسب ما. 2-محاولة إرضاء قواعدهم الشعبية بأنهم لن يكتفوا بالبرلمان فقط الذى حققوا فيه أكثرية بل يسعون إلى تشكيل الحكومة أيضًا. 3-ممارسة محسوبة فى استعراض القوة السياسية ورسالة إلى مختلف اللاعبين فى الساحة الآن بالتذكير بأن الإخوان هم الذين يتصدرون المشهد السياسى بالإرادة الشعبية. 4-أن الإخوان وبعد 30يونيو القادم سوف يشكلون الحكومة الجديدة بحكم أكثريتهم فى البرلمان وربما رأوا أن الأحوال الاقتصادية سوف تكون أكثر سوءا فقرروا تسلم الحكومة مبكرًا. 5-إذا لم يتم الاستجابة إلى دعوتهم ورغبتهم فى تشكيل الحكومة فالمؤكد أن رسالتهم ستكون قد وصلت للحكومة الحالية وسوف يعمل رئيس الحكومة الحالية حسابًا للإخوان وفى هذا الإطار تأتى زيارة قيادة إخوانية لمكتب الجنزورى ولقائه بها دون إفصاح عن التفاصيل. المناورات الأخيرة للإخوان استدعت تدخلا فوريًا من المجلس العسكرى حيث صرح أحد أعضائه بأن حكومة الجنزورى لن تتم إقالتها كما أنها باقية فى السلطة حتى موعد 30يونيو القادم ولاتوجد نية لإقالتها,وبالتالى خفت مطالبة الإخوان بتشكيل الحكومة الجديدة,لكن تقديرى أن الأيام والأسابيع القليلة القادمة ربما تحمل جديدا فى هذا الموضوع لأن السياسة ليست قرارات جامدة أو صماء لكنها تخضع لما تشهده الساحة السياسية. أعرف أن كثيرين رفضوا تولى رئاسة الحكومة الحالية قبل أن يتولاها الدكتور الجنزورى,وكان معلوما للكافة رفض الدكتور محمد البرادعى رئاسة الحكومة عقب استقالة حكومة شرف وربما لايعرف البعض أن السياسى منصور حسن قد رفض أيضًا رئاسة الحكومة ربما إدراكا منه لصعوبة المهمة,إلى أن جرى تكليف الدكتور كمال الجنزورى بتلك المهمة. الأسبوع الماضى كنت قد علمت -من مصادرى الموثوق بها- عن نية حزب الحرية والعدالة تشكيل حكومة سموها (حكومة إنقاذ وطنى) وأجريت مداخلة مع الإعلامى معتز الدمرداش فى برنامجه مصر الجديدة وأثناء المداخلة أعلنت عن هذا الخبر ولم تمر دقائق معدودة إلا وقد اتصل الإخوانيان عصام العريان وسعد الحسينى بالبرنامج ونفيا الخبر ثم جرى اتصال من قيادات إخوانية بالزميل خيرى رمضان على فضائية سى بى سى لنفى الخبر وكذلك فعل الدكتور محمد البلتاجى الإخوانى المعروف على فضائية المحور كما جرى نفى الخبر على كافة المواقع الإخبارية,وقتها اطمأننت على قوة الآلة الإعلامية الجبارة للإخوان,حيث جرى هذا النفى الشديد لمجرد خبر كان يكفى نفيه على لسان قيادة إخوانية واحدة,المهم أنه لم يمر سوى يومين اثنين فقط إلا وقد خرج نائب المرشد العام المهندس خيرت الشاطر على قناة الجزيرة ليؤكد صحة ما قلته لمعتز الدمرداش,وتبعه تأكيد من رئيس الحزب د.محمد مرسى ثم المتحدث الرسمى للجماعة محمود غزلان. ربما أصاب الجماعة بعض الارتباك من إذاعة الخبر مبكرًا لكن جرت فى ذهنى مقارنة بين أداء حزب الحرية والعدالة بأداء الحزب الوطنى السابق حول طريقة نفى الأخبار والتى يتضح صحتها فيما بعد,ونأمل ألا تكون تلك هى طريقة حزب الإخوان تجاه تعاملهم مع الأخبار المتعلقة بهم,والسؤال لهم الآن:لقد أعلن الإخوان التزامهم بخطوات الفترة الانتقالية والتى من بينها استمرار حكومة الجنزورى لأن نظام الحكم رئاسى,فماذ جرى ودعاهم إلى الانقلاب عليها..فى انتظار إجابتكم.