محمود عبد الستار خليفة في متابعة لما جاء في الصحف المصرية والعربية حول حكم المحكمة بسجن الدكتور أيمن نور 5 سنوات، نقدم لكم ردود أفعال الصحف وما نشرته حول القضية، وكما هو متوقع فقد نشرت الصحف الحكومية الخبر بسعادة بالغة وبدت وكأنها تؤيد الحكم ، وفي الوقت نفسه لم تجرؤ أي صحيفة حكومية على رصد ردود الأفعال المصرية والعالمية الرافضة لحكم المحكمة، حيث تجاهلت تماماً التصريحات الأمريكية المنددة بالحكم ، وكذلك وقفة لجنة الحريات بنقابة الصحفيون .. وغيرها ، وكما نستعرض في هذا التقرير ما جاء بالصحف المستقلة المصرية والعربية. الصحف الحكومية المتصفح للصحف الحكومية الناطقة بلسان الحزب يلاحظ شيئاً مهماً للغاية ومؤسف في نفس الوقت، وهو أن جميع الصحف تنشر نفس المعلومات عن الخبر بل بنفس الكلمات والعبارات، وكأن هناك اتفاق على ما يجب نشره أو أن هناك تعليمات بنشر سيئ موحد ، وفي هذا طبعاً الغاء لشخصية المحرر الذي تابع بنفسه الأحداث ، لكنه لن يجرؤ على وصف ما حدث ، مثال بسيط يؤكد ما أقوله، بعد النطق بالحكم هتف أيمن نور قائلاً "يسقط يسقط حسني مبارك" ، بينما نجد الصحف الحكومية تصف رد فعل أيمن نور بأنه وقف مذهولاً يحلق النظر في الحاضرين !! اتوجه بسؤال إلى محرري هذه الأخبار ، هل كنتم في جلسة محاكمة أيمن نور أم جلسة أخرى؟ ام أنكم كنتم حاضرين ولكنكم كنتم نيام ؟ أم أنكم لا تجرؤا على نشر الحقيقة ؟؟ لن أطيل عليكم ولنبدأ الجولة في الصحف الحكومية التي نشرت نفس المعلومات عن القضية ، وقد ركزت على نقاط محددة؛ أولها : وصف حكم المحكمة وتفاصيله الدقيقة ، وكذلك حيثيات الحكم كما جاء على لسان المحكمة، ثم ركزت الصحف الحكومية على ابعاد الصفة السياسية عن القضية ، فذكرت الجمهورية " قالت المحكمة انها تري في سعي أيمن نور نحو توصيف الجريمة المسندة إليه بأنها سياسية سبيلا مفضوحاً يرمي من ورائه التشبث بمؤسسات الدولة وكبار مسئوليها بغية الإفلات من المساءلة عما اقترفه من جرائم" كما ركزت الصحف الحكومية على الاشار إلى انه اذا كانت لجنة شئون الاحزاب تعلم بتزوير التوكيلات لكان لها رأي أخر في تأسيس الحزب حيث جاء بالأخبار "ونوهت المحكمة الي ان لجنة شئون الاحزاب السياسية بمجلس الشوري لو كانت قد علمت بتزوير تلك المستندات قبل صدور موافقتها بتأسيس حزب الغد ربما كان لها رأي آخر" كذلك تناولت الصحف بالتفصيل حيثيات الحكم الصادرة عن المحكمة، كما نشرت الجمهورية تصريحاً للنائب العام ماهر عبد الواحد يقول فيه "ان قضية أيمن نور في مجملها قضية جنائية وليست سياسية حيث لم يتم اتخاذ أي اجراء استثنائي ضده" وهذا التصريح بالطبع مخالف لما حدث بالفعل حيث تقدم ضابط المباحث بتقرير إلى النائب العام الذي أرسله بدوره إلى وزير العدل ومنه إلى رئيس مجلس الشعب كل ذلك في يوم واحد فقط وهو يوم الجمعية 27 يناير 2005 !!! وربما تكون جريدة المساء قد اختلفت قليلاً عن باقي الصحف الحكومية حيث ركزت على تصريحات أنصار أيمن نور بعض المحاكمة وعزمهم على التقدم بطلب لنقض الحكم في محكمة النقض. الصحف المستقلة المصرية والعربية ونأتي إلى الصحف المستقلة والعربية وفيها نلاحظ الحيادية والشمول في التغطية، وقارئ هذه الصحف قد يعتقد أنها تنشر أخباراً غير صحيحة حيث أن ما جاء بها يختلف تماما عما جاء بالصحف الحكومية سواء من حيث التركيز على الموضوعات أو من حيث أسلوب المعالجة، فنجد أنها أبرزت موجة الاحتجاجات الدولية على حبس أيمن نور وهو ما لم ولن تجرؤ أي صحيفة حكومية على نشره. ونبدأ من صحيفة الشرق الأوسط حيث بدأت بعنوان يقول "انتقادات داخلية وخارجية بعد سجن نور 5 سنوات، الجلسة استغرقت 5 دقائق والنطق بالحكم دقيقتين" ثم تحدثت عن توجيه الولاياتالمتحدة الاميركية انتقادات لاذعة للسلطات المصرية بعد الحكم بالسجن ، وقالت " وفي توبيخ شديد دعت واشنطنالقاهرة الى الافراج عن نور، قائلة ان حكم السجن الذي صدر في حقه يلقي شكوكا على التزام مصر بالإصلاح الديمقراطي وحكم القانون" كما نقلت تصريحات على لسان سكوت ماكليلان المتحدث باسم البيت الابيض يقول فيها "ان الولاياتالمتحدة تشعر بضيق بالغ" ، كذلك أشار الشرق الأوسط إلى الانتقادات الداخلية في مصر تجاه الحكم ، حيث تقول "ادانته المنظمة المصرية لحقوق الانسان، كما ادانته جماعة الاخوان المسلمين المصرية". ويتضح الفرق الكبير بين صحافتنا الحكومية حيث تقول الصحيفة "وهتف نور، 41 عاما، وزوجته، بسقوط النظام، عندما نطق الحكم" وننتقل إلى صحيفة المصريون المستقلة والتي تصدر على الإنترنت، حيث موضوع نور تصدر عنونها الرئيس والذي جاء به "أنصار نور يتعهدون بالتصعيد والمنشقون يستعدون للاستيلاء على الحزب" وفيه أشارت إلى صعوبة أن تقوم الولاياتالمتحدة بتكرار سيناريو سعد الدين إبراهيم مع النظام وتمارس ضغوطا مكثفة على الحكومة المصرية لإطلاق سراح زعيم حزب الغد الدكتور أيمن نور ، مشيرة إلى أن نور لا يحظى بدعم جماعي من الإدارة الأمريكية ، وفي رأيي أن هذا قد يكون مخالفاً للواقع حيث أن التصريح الأمريكي الرسمي الصادر حتى الأن جاء من البيت الأبيض وهو ما يعكس أهمية أيمن نور لدي الإدارة الأمريكية. وركزت المصريون على انتقاد حزب الغد للحكم فتقول "انتقد حزب الغد ما اعتبره محاولة للقضاء على نور خصوصا أن النظام لم يغفر له انتقاداته الشديدة للنظام. وهدد الحزب في بيان ، أنه سيسلك كل السبل للضغط على النظام للإفراج على رئيس حزب الغد" ثم نقلت تصريحات المستشار مرسي الشيخ المنشق والمفصول من الحزب يقول فيها "أن الحكم الذي صدر أمس من محكمة الجنايات ضد الدكتور أيمن نور بحسبه 5 سنوات قد أسدل الستار على النزاع في حزب الغد" ولم يستبعد المستشار مرسي الشيخ إمكانية تشكيل الحزب للجنة قانونية لتقديم نقض للحكم أو مساعدة نور في أزمته متمنيا أن يسمح لنا فريق نور بالعمل على مساعدته على تجاوز هذه الأزمة. وفي مقالة أخرى بالمصريون تحت عنوان "البيت الأبيض "يوبخ" الحكومة المصرية ويطالب بالإفراج الفوري عن نور" وتحدثت عن رد لفعل الأمريكي تجاه القضية، ونقلت تصريحاً لأمير سالم محامي ايمن نور هذه الدائرة (المحكمة) تاريخها اسود في الأحكام القضائية وهذه الدائرة دائما يتم اختيارها لمحاكمة المعارضين السياسيين. وأضاف هذا اختيار سياسي وهذا حكم سياسي سيسقط في مزبلة التاريخ وسنحصل على البراءة من محكمة النقض" . ثم تعود إلى نقل ما جاء بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية التي شنت في افتتاحيتها هجوماً عنيفاً على الحكومة المصرية بسبب محاكمة الدكتور أيمن نور رئيس، وطالبت الإدارة القيادة المصرية بقطع المساعدات العسكرية والاقتصادية عن مصر ، متهمة نظام الرئيس مبارك صراحة بتلفيق قضية أيمن بسبب مواقفه المعارضة للرئيس مبارك ولتوريث الحكم لنجله الأصغر جمال مبارك، واعتبرت الصحيفة أنه إذا كان التزام بوش بالوقوف إلى جانب المقاتلين من أجل الحرية يعني شيئا فهو أن لا يلوذ بالصمت إزاء هذا العمل الظالم ، لافتة إلى أن تهم التزوير التي وجهت إلى نور ثبت عدم صحتها قبل خمسة أشهر حيث أنكرها أحد الشهود الأساسيين في المحكمة قائلا إنه أرغم من قبل أمن الدولة على الإدلاء بهذه الإفادة. واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول إن سجن نور سيمنح بوش فرصة بل وأمرا للنضال من أجل الديمقراطية في مصر التي تعتبر قلب الشرق الأوسط ، لافتة إلى أن مبارك يعتقد أن بمقدوره أن يقمع غريمه ويفلت بعملته تحت غطاء التعاون المصري مع إسرائيل ودعمها للسلطة الفلسطينية. ثم ننتقل إلى مجموعة من الصحف العربية ومنها جريدة الجزيرة السعودية التي ركزت في خبرها على الغضب الأمريكي تجاه حبس أيمن نور ، ونشرت مقال بعنوان "واشنطن (منزعجة) من الحكم وتطالب بإطلاق سراحه ، الحكم على المعارض المصري أيمن نور بالسجن 5 سنوات " أما جريدة الرياض السعودية فقد أبرزت هتاف نور ضد مبارك، حيث جاء عنوان مقالها "رئيس حزب الغد وزوجته هتفا في المحكمة بسقوط الرئيس المصري" ، ثم نأتي إلى جريدة الخليج الإماراتية التي نشرت معلومات وأخبار جديدة بعض الشيء وتختلف عما تم عرضه أعلاه، فقد جاء عنوانها الرئيسي حول الخبر يقول "السجن 5 سنوات لأيمن نور وواشنطن "منزعجة جداً وتلوّح بعقوبات " والجديد هنا تصريح لمصادر أمريكية تقول فيها "ولوحت مصادر أمريكية ل “الخليج” بتأثير المحاكمة في انضمام مصر الى اتفاقية التجارة الحرة وفي المساعدات الأمريكية لمصر" ، كما نقلت ردود أفعال المنظمة المصرية لحقوق الإنسان التي قالت "إن ملابسات عديدة مثيرة للتناقض أحاطت القضية، ولفتت في بيان إلى أن التحقيق مع نور تم في نيابة أمن الدولة العليا بدلا من النيابة العامة، واختيار هيئة المحكمة بقرار مباشر، بالمخالفة للقواعد المعمول بها التي تحدد الدائرة وفقا لنظام الدور العشوائي" وطالبت المنظمة النائب العام باستخدام صلاحياته القانونية في الإفراج المؤقت عن نور، إلى حين اتخاذه الإجراءات المتعلقة بالطعن على الحكم أمام محكمة النقض، وعزت ذلك إلى ما اعتبرتها أخطارا تهدد حياته حال سجنه. وكذلك رصدت الخليج رد فعل حافظ أبو سعدة أمين عام المنظمة الذي وصف الحكم بأنه “قاس”، وقال ل “الخليج “ إن الهدف الآن هو الحفاظ على حياة نور بسبب تدهور صحته، وشدد على ضرورة اتاحة الفرصة له للطعن على الحكم. كذلك نقلت إدانة جماعة الإخوان المسلمين للحكم على أيمن نور، ونقلت تصريح القيادي عصام العريان الذي قال "إن محكمة النقض ستبرئه، وأضاف ينبغي تسوية الصراع السياسي بشكل حضاري"