فاجأت القوات المسلحة التركية العالم أجمع أمس بدخولها إلى مدينة جرابلس بمحافظة حلب السورية، والواقعة على الحدود الجنوبية التركية والشمالية السورية، بدخول وحدات من القوات الخاصة التركية إلى المدينة بمعاونة قوات من التحالف الدولي لمحاربة داعش وذلك من بهدف تطهير المدينة من عناصر التنظيم. كثيرًا من الأحيان ترددت في الأفق كلمة "المنطقة الآمنة" ومنذ أعوام تتصدر هذه المنطقة أولويات النظام التركي الحاكم وهى هدف تركي تسعي الحكومة التركية إلي تحقيقه منذ عدة سنوات وتعني المنطقة الآمنة أن تكون تلك المنطقة منطقة منزوعة السلاح ومحظور الطيران فوقها وتوفير كل السبل من أجل منح الاستقرار حتي تنعم بالهدوء والاستقرار وستساهم في عودة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين إلي بلادهم وهو بدوره سيخفف العبء من على كاهل الحكومة التركية, ويستطيع السوريون اللجوء إلى المنطقة الآمنة بهدف الأمن والسلامة وتوفير المساعدات الإنسانية بدون مغادرة الأراضي السورية وتكون خالية من أي تهديد يهدد أرواح المواطنين السوريين. القوى الدولية الكبرى والمتمثلة في الولاياتالمتحدةالأمريكية وروسيا عارضتا قيام تركيا بإنشاء المنطقة رافضين إعطاء أية أذونات إلى أنقرة من أجل الشروع في إنشاء تلك المنطقة, وقالت واشنطن في الرد على عدم السماح لتركيا بإقامة مثل هذه المنطقة معللة رفضها أن الأمر يحتاج إلى موافقة من مجلس الأمن وبسبب الفيتو الروسي سيتم إلغاء هذا القرار, وقد أعرب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في عدة مناسبات عن رفضه قيام بفرض تلك المنطقة الآمنة. وتغيرت المعادلة التي طالما رسمتها القوى الدولية مع إطلاق عملية "درع الفرات" ودخول القوات التركية إلى مدينة جرابلس والسيطرة عليها وطرد عناصر تنظيم داعش منها, والآن الوقت قد حان من أجل الشروع في المنطقة الآمنة والتي تمتد من منطقتي "أعزاز ومارع" غربا ومنطقتي "منبج وجرابلس" وكانت أولي الخطوات التي اتخذتها أنقرة من أجل ذلك دخول القوات التركية أمس إلى جرابلس. يري بعض المراقبين أن هذا التدخل التركي بدوره سيكون له تأثيرات إيجابية عديدة في العديد من النواحي أولها تأمين الحدود الجنوبية التركية والتي شهدت عدة هجمات صاروخية من قبل عناصر من تنظيم داعش والحفاظ على أرواح المواطنين الأتراك المدنيين الذين يسكنون محافظات الجنوب التركي والتي تشهد عدة هجمات صاروخية وتحصد أرواح الكثيرين. ووقف تدفق اللاجئين السوريين إلى تركيا والعمل على إعادة السوريين إلي موطنهم وبحسب مراقبون فإن المنطقة الآمنة من الممكن أن تشتمل على مليون ونصف المليون لاجئ, وأحد أهم الإجراءات التي ستقوم بها المنطقة الآمنة هي وقف نزيف الدماء السورية ووقف الغارات الروسية علي منطقة شمال سوريا والتي تشهد موجة نشطة من الغارات الروسية علي الشمال السوري. وستشهد الأيام المقبلة العديد من التطورات بين الجانبين السوري والتركي علي خلفية التدخل التركي في الأراضي السورية وربما يختلف ميزان العمليات العسكرية الروسية في سوريا بعد التدخل التركي وستشهد الساحة السورية المزيد من العبث الذي تقوم به القوي الدولية وهو ما ستفسره الأيام المقبلة.