تستعد الحكومة المصرية خلال الفترة المقبلة، لطرح بعض الشركات المملوكة لها في البورصة، وبالتالي ستتنازل عن ملكيتها لصالح مستثمرين جدد قد يكونوا مصريين أو أجانب ومن ثم فهناك تخوف كبير من خروج هذه الشركات من تحت سيطرة الحكومة بشكل تدريجي واحتكار القطاع الخاص لعدد من القطاعات الحيوية مما سينعكس بالسلب على المواطنين. وأكد خبراء اقتصاديون، أن نجاح طرح الحكومة لعدد من شركات قطاع الأعمال والبنوك في البورصة يتوقف على مدى وضع خطة ناجحة للاستفادة من الأموال الناجمة عن عملية الطرح لإعادة هيكلة وتطوير الشركات للمنافسة في سوق العمل. قال أحمد مبروك، خبير أسواق المال، إن طرح الشركات الحكومية في البورصة سيكون له إيجابيات على البرنامج الاقتصادي الحكومة طويل الأجل، فسوف يقوم بإعادة تنشيط البورصة التي عانت من نقص الكيانات العملاقة لجذب استثمارات خارجية, ومن ثم طرح شركات بترول وبنوك سيعمل على تنوع القطاعات يجذب مستثمرين جدد. وأضاف في تصريح إلى "المصريون": "الحكومة ستقوم بتمويل هيكلة شركات القطاع العام، وعدم الاقتصار على البيع فقط، وإعادة الشركات المتوقفة عن التصنيع مثل شركات الحديد والصلب وقطاعات الغزل والألمونيوم". وتابع: "لو كان الطرح بنسبة 100% سيكون خروجًا واضحًا من الحكومة وسيكون تأثيره سلبيًا على الشعب المصري لكن طرح نسبة تتراوح من10 إلى 49 % سيكون أمرًا جيدًا، وسيضمن للحكومة السيطرة ومن ثم الاستفادة من الإدارة الجيدة وتحقيق الأرباح بعد الطرح". من جانبه، قال محمد الدشناوي، الرئيس التنفيذي لشركة جذور لتداول الأوراق المالية, إن طرح الشركات الحكومية في البورصة يمكن الحكومة من إجراء إصلاح مالي في السوق, وتوزيع الأعباء ما بين القطاعين العام والخاص, عن طريق تخفيض مديونية الدولة وتغطية جزء من عجز الموازنة العامة, والحد من فوائد الدين. وأضاف أن مصر لا تعاني من مشاكل في طرح شركات بشكل عام، إلا أن الفساد الموجود يخلق عوائق كثيرة وهالة سيئة أمام الاستثمار أو طرح شركات حكومية في البورصة.
وأوضح أن طرح شركات حكومية في البورصة سيكون له صدى كبير لدى المستثمرين وأكثر ثقة خاصة في تقييم القيمة العادلة، والتى كانت سببًا في فشل الطروحات التى حدثت العام الماضي رغم تغطيتها بالكامل, لكن المغالاة في التقييم أدت إلى هبوط الأسهم لما بين 50% و60% من قيمة الطرح، مما أدى إلى فقد الثقة في طرح شركات جديدة في سوق الإصدار والذي هو أقل مخاطر من السوق الثانوية. وأشار إلى أن طروحات الحكومة لشركاتها سيعيد الثقة في سوق الإصدار ويعطي مصداقية أكبر لدى المستثمرين، بالإضافة إلى أنه سيجذب شرائح جديدة من المتعاملين في السوق، ولكن إنعاش السوق سيكون بشكل مؤقت, ولكي يواصل الانتعاش فيجب طرح حلول مستديمة تتمثل في الانتهاء من تعديل قانون الاستثمار ووضع تشريعات جديدة تحث على دخول المستثمرين الأجانب في الطروحات الحكومية مع المصريين. وتابع: "الحوكمة والمصداقية والشفافية لدى الشركات المطروحة ستضمن استمرار ضخ استثمارات في البورصة, وتنقية السوق حتى لا تكون السوق مرتعًا للمضاربات والتلاعبات". من جانبه، قال الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، إن عملية بيع بعض الأصول لا بد أن تقوم على مبدأ البيع من أجل التطوير، والحصول على مصادر تمويل، وليس البيع من أجل البيع فقط، كما تم في الماضي منذ حكومة عاطف عبيد. وأوضح عبده ل"المصريون"، أن طرح حصص من شركات قطاع الأعمال بالبورصة، لا يعد أمرًا خطيرًا أو عيبا على الدولة، فهذا يعد من ضمن الوسائل التي تلجأ إليها الدول، للحصول على مصادر للتمويل، والتي تتضمن الاقتراض من البنوك، وطرح سندات، وبيع بعض الأراضي غير المستغلة، أو طرح حصص للبيع من شركات قطاع الأعمال.
وأشار عبده إلى أن الدولة عليها قبل القيام بهذه الخطوة، أن تضع برنامجا، واستراتيجية توضح من خلالها الشركات التي ستطرح جزءًا منها للبيع، وأسباب قيامها بذلك، وتبين العائد من وراء البيع، هل هناك استفادة من طرح حصص للبيع أم لا . استطرد رشاد قائلا: "بأن طرح حصص من شركات القطاع العام للبيع، يعد صورة من صور الخصخصة، لذا يجب على الدولة ألا تبرر وتقول بأن ذلك ليست عملية خصخصة، مضيفا أن المواطنين أصبحوا لديهم الوعي، والقدرة على تفهم كل هذه الأمور، بشرط أن توضح لهم أن ذلك سيتم بشروط، وضمانات وأنه لن يتم على حساب العمال، وسيكون الهدف إنشاء شركات جديدة، وكل ذلك لا بد أن يتم بشفافية أمام المواطنين. وعن احتمال شراء بعض المستثمرين الأجانب هذه الحصص، قال رشاد، إن من حق الدولة أن تضع المعايير، والضوابط التي تحافظ على أمنها القومي، فإذا أرادت أن تضع شرطًا يكون البيع للمصريين فقط فلها الحق في ذلك، موضحا أن المستثمرين الأجانب ليسوا كلهم "بعبع". وأضاف أن الدولة عليها الاستعانة بلجنة خبراء، تضع السيرة الذاتية لكل عضو منها أمام المواطنين، يكون اختصاص هذه اللجنة هو تحديد الشركات، التي يمكن طرح بعض الحصص منها بالبورصة والعائد من وراء طرحها، والأوجه التي سيتم إنفاق هذه الأموال فيها.