أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى، قرارًا جمهوريًا بتشكيل لجنة برئاسة رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب، مساعد الرئيس للمشروعات القومية والإستراتيجية، لحصر أملاك هيئة الأوقاف المصرية من المباني والأراضي والمشروعات والمساهمات القائمة في الشركات، وأثار القرار جدلاً واسعًا. ويرى البعض أن القرار يقحم السلطة التنفيذية في فرض سيطرتها على أموال وأعيان الوقف في مصر، مبررًا وجود انتهاكات ومشاكل أدت إلى الاستيلاء على هذه الأراضي، مؤكدين أن القرار مخالف لقانون هيئة الأوقاف رقم 80 لسنة 1971، ويتعارض مع فكرة إنشاء الوقف وتوجيه مصارفه الشرعية إلى مستحقيه، وبالتالي لا يجوز قطعًا التصرف في وقف من أوقاف الدولة بما يخالف شرط صاحب الوقف نفسه مستندًا في ذلك إلى القاعدة الشرعية التي تقول: "شرط الواقف كنص الشارع". في المقابل يرى البعض الآخر، أنه يحق للرئيس التصرف في الأوقاف الموجودة بالدولة معللا ذلك بأنه ولى أمر المواطنين وليس المسلمين فقط، باعتبار أن مصر دولة مواطنة وذلك بما سيعود بالنفع على المواطنين، مطالبين الرئيس بإصدار حزم من القرارات بتشكيل لجان تقوم بحصر أملاك بعض الهيئات الأخرى التي تمثل قوة اقتصادية في الدولة مثل هيئة البريد وهيئة السكة الحديد وهيئة الخدمات الحكومية، حيث إن هذه الهيئات أيضًا لديها ثروة يمكن استغلالها على المد البعيد.
وأكد الدكتور محمد عبد العاطي عباس, رئيس قسم الدراسات الإسلامية والعربية فرع البنين جامعة الأزهر القاهرة, أنه لايجوز التصرف في الوقف في غير المخصص له إلا بإذن من الواقف أو صاحب الوقف نفسه.
وأضاف عباس ل"المصريون" أنه إذا كان الوقف مقصورًا على الإنفاق على اليتامى والمساكين أو لأجل رعاية المعاقين مثلا فلا يجوز استغلاله للإنفاق في غير هذه الأوجه التي تم وقفه لأجلها. وأشار رئيس قسم الدراسات الإسلامية والعربية إلى أنه لرئيس الدولة حق التصرف في الأوقاف الموجودة بالدولة معللا ذلك بأنه ولى أمر المواطنين وليس المسلمين فقط باعتبار أن مصر دولة مواطنة وذلك بما يرى أنه سيعود بالنفع على المواطنين. وقال الشيخ أشرف سعد الداعية الإسلامي، إنه لا يجوز قطعًا التصرف في وقف من أوقاف الدولة بما يخالف شرط صاحب الوقف نفسه، مستندًا في ذلك إلى القاعدة الشرعية التي تقول: "شرط الواقف كنص الشارع". وأضاف "سعد" في تصريحات ل"المصريون" أنه إذا كان الوقف مخصصًا لعمل خيري محدد كالإنفاق على اليتامى فإنه لابد من تنفيذ شرط صاحبه قائلاً: "كلام الواقف هنا زى كلام ربنا"، مشيرًا إلى أنه إذا كان الوقف مقصورًا على عمل الخير بشكل عام وبما يعود بالنفع على الجميع فيجوز استخدامه من قبل الدولة في الاستثمار الذي يؤدى إلى الكسب والربح للناس كافة. وأردف: "أما إذا كان الوقف مخصصًا للإنفاق في وجه محدد من وجوه الخير وباب معين من أبوابه فإنه لا يجوز لأحد تسخيره في غير الإطار الذي يحقق الغرض الذي تم وقفه لأجله". وتابع الداعية الإسلامي قائلاً: "هناك أوقاف لا تعود بالنفع على الدولة لأن المنتفعين منها قد استأجروها من الأوقاف بمبالغ ضئيلة جدًا منذ سنوات طويلة وعلى الأوقاف أن تتحرر من تلك القيود لأنها مربوطة بملاليم مع هؤلاء المستأجرين". ومن الناحية القانونية، يرى الخبير القانوني عمرو عبدالسلام، أن القرار يقحم السلطة التنفيذية في فرض سيطرتها على أموال وأعيان الوقف في مصر، موضحًا أن هدف النظام وهو نزع ملكية تلك الأعيان من مالكيها والجهة المشرفة على إدارتها وإضافتها إلى ممتلكات الدولة وهو ما يتعارض مع فكرة إنشاء الوقف وتوجيه مصارفه الشرعية إلى مستحقيه. وأضاف عبد السلام ل"المصريون"، أن الوقف يعتبر القاعدة الصلبة التي تكفل استقلالية مؤسسات المجتمع المدني والأهلي وتطويره، فالأوقاف تكفلت منذ عدة عقود بتوجيه الربح الناتج عنها إلى بناء وتمويل الجمعيات الأهلية والمؤسسات المدنية من مدارس وملاجئ ومستوصفات خيرية ودور أيتام ومكتبات عامة ومساجد ومعاهد التعليم الدينى والأزهر الشريف ذاته، مضيفًا أن القرار الصادر بتشكيل اللجنة المنصوص عليها بالقرار، مخالف لقانون هيئة الأوقاف رقم 80 لسنة 1971. وتابع الفقيه الدستوري قائلاً: "المادة الثانية من قانون هيئة الأوقاف حصرت الجهة المنوط بإدارة واستثمار أموال الأوقاف دون غيرها هى هيئة عامة لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة وتتبع وزير الأوقاف ومن ثم فلا يجوز أن تنزع اختصاصها بإدارة واستثمار الأموال لتنقل إلى لجنة أخرى إلا بموجب قانون يصدر عن السلطة التشريعية وأن يتم التعديل هذا القانون، وليس بإصدار قرار جمهوري، لأن هذا يخالف ما نصت عليه القوانين التشريعية.
كما أشار إلى أن نص القرار باستغلال أموال الأوقاف في دعم الاقتصاد القومي، يعد انتزاعًا لتلك الأموال من أصحابها الأصلين ونقلها إلى ملكية الدولة فهو يعد بمثابة نزع ملكية لتلك الأموال لأن أصل أموال الأوقاف هى مملوكة للمستحقين من أصحابها ورثة الواقفين ومهمة هيئة الأوقاف، تنحصر فقط في حراستها وإدارتها مقابل نسبة تحصل عليها من الريع الناتج عنها، مقابل تلك الإدارة والصيانة لا تتجاوز ال25% من إجمالي تلك الإيرادات أما باقي حصيلة تلك الإيرادات فيوجه إلى مصارفه الشرعية ومستحقيه كما نصت حجج الوقف الصادرة من أصحابها. وفى السياق نفسه أكد الخطيب محمد، الفقيه الدستوري، أن القرار الذي إصداره الرئيس عبد الفتاح بتشكيل لجنة برئاسة «محلب» لحصر أملاك الأوقاف وبحث استغلالها اقتصاديًا، يعتبر من أفضل القرارات التي صدرت في هذا الوقت، حيث إن هيئة الأوقاف من أهم الهيئات التي لها أملاك سواء أراضى أو عقارات في جميع أنحاء الدولة وعلى الرغم من ذلك غير مستغله مثل باقي الهيئات آخر. وأضاف محمد ل"المصريون"، أن القرار صحيح وليس هناك مخالفة دستورية كما يروج البعض، متمنين من الرئيس إصدار حزم من القرارات بتشكيل لجان لتقوم بحصر أملاك بعض الهيئات الأخرى التي تمثل قوة اقتصادية في الدولة مثل هيئة البريد وهيئة السكة الحديد وهيئة الخدمات الحكومية حيث إن هذه الهيئات أيضًا لديها ثروة عقارية ليست بالقليلة والتي يمكن استثمارها واستغلالها اقتصاديًا بما يعود بالنفع على اقتصاد الدولة.