وافقت الجمعية الوطنية الفرنسية ،اليوم الأربعاء ، على تمديد حالة الطوارئ في البلاد 6 أشهر، في أعقاب هجوم الأسبوع الماضي في مدينة نيس، وهو ثالث هجوم عنيف في غضون 18 شهراً يعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مسؤوليته عنه. ووافقت الجمعية الوطنية على تمديد سلطات التفتيش والاعتقال التي منحت للشرطة بأغلبية 489 صوتاً مقابل 26 صوتاً قبيل فجر اليوم. لكن الحكومة الاشتراكية بقيادة الرئيس فرانسوا هولاند ما زالت تحت ضغط بشأن المعايير الأمنية، فيما طالب رئيس الحكومة الإقليمية في منطقة نيس الجنوبية بالتحقيق في أداء الشرطة ليلة الهجوم الذي نفذ بشاحنة. قاد التونسي محمد لحويج بوهلال الشاحنة ودهس حشوداً من المحتفلين بالعيد الوطني في 14 يوليو بمدينة نيس، ما أودى بحياة 84 شخصاً قبل أن تقتله الشرطة بالرصاص. ونحو 38 من قتلى الهجوم أجانب. أجواء مشحونة ووجهت حشود في مراسم تأبين الضحايا ملاحظات ساخرة لرئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس يوم الاثنين وتعرض لانتقادات من خصوم سياسيين بسبب الهجوم. ودعا فالس أثناء تقديمه مشروع قانون حالة الطوارئ الليلة الماضية إلى الوحدة الوطنية. وقال: "يجب أن نبقى متحدين وأن نركز اهتمامنا لأننا يجب أن نكون أقوياء في مواجهة هذا التهديد". وأضاف: "إن الشعبوية تعيقنا وهي مستعدة للانقضاض على أي فرصة لتأجيج نيران الفرقة وزيادة الانقسامات في حين يجعلنا كل انقسام جديد أكثر ضعفاً". وكانت مناقشات النواب مساء الثلاثاء حادة جداً (كما ستكون جلسة الأربعاء أمام مجلس الشيوخ)، إذ إن المعارضة اليمينية لا تكفّ منذ اعتداء نيس في 14 يوليو عن انتقاد السلطة التنفيذية الاشتراكية. واتهم رئيس الوزراء فالس خصومه السياسيين باستغلال الأحداث حتى قبل دفن القتلى. وجدد كريستيان استروسي، رئيس الحكومة الإقليمية في المنطقة المحيطة بنيس، اتهاماته بوجود إخفاقات أمنية جسيمة. وقال في مقابلة مع صحيفة "نيس ماتان" إن "فالس ووزير الداخلية برنار كازنوف قدّما عددين مختلفين لأفراد الشرطة المنتشرين في نيس ليلة الهجوم، إذ تحدث فالس عن نشر 185 شرطياً، في حين قال كازنوف إن 64 شرطياً فقط كانوا في المدينة". وطالب استروسي بفتح تحقيق عام، وقال: "هذه الأعداد أكاذيب". وقال رئيس الوزراء الفرنسي في كلمة أمام النواب إن على بلاده أن تتوقع "اعتداءات أخرى ومقتل أبرياء آخرين". وأوضح فالس: "رغم صعوبة قول هذه الكلمات فمن واجبي أن أفعل ذلك. سيكون هناك اعتداءات أخرى، وسيقتل أبرياء آخرون. علينا، ألا نعتاد على الأمر بل أن نتعايش مع هذا التهديد. التعايش معه ومواجهته". واستجابة لمطالب حزب الجمهوريين، وهو حزب المعارضة اليميني الرئيسي، تمت الموافقة على تمديد حالة الطوارئ 6 أشهر حتى أواخر يناير 2017 وليس 3 أشهر كما طالبت حكومة هولاند. ومن المقرر أن يناقش مجلس الشيوخ نظام الطوارئ، اليوم الأربعاء، قبل أن يصبح قانوناً. ويسمح المشروع للشرطة بتفتيش المنازل والاعتقال دون الحصول على موافقة مسبقة من القضاء. كما يسمح لها بتعقب الاتصالات الإلكترونية والهاتفية بحرية أكبر. وحالة الطوارئ سارية في فرنسا منذ هجمات باريس في نوفمبر عندما قتل إسلاميون متشددون 130 شخصاً. ووقع الهجوم بعد اعتداء آخر في يناير 2015، حيث قتل مسلحون صحفيين يعملون في صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة بعد نشرهم رسوماً كاريكاتيرية مسيئة للإسلام. وقبل 9 أشهر من الاقتراع الرئاسي يزداد التوتر في الأوساط السياسية في فرنسا. وتتهم المعارضة من اليمين واليمين المتطرف السلطات بعدم اتخاذ تدابير كافية لتفادي وقوع هجمات جديدة.