في حفل إفطار "المصريون" يوم أمس الأول 26/6/2016، التقيت مع مفكر مرموق، وناقشني في مقالاتي الأخيرة المتعلقة بالمصالحة مع الإخوان.. وأكد لي أن أطرافًا من السلطة، استشارته بشأن المصالحة، وقال لي إن المستشار مجدي العجاتي، وزير الشئون القانونية ومجلس النواب، اتصل به بنفسه وناقشه في هذا الموضوع.. وأن الأخير قال له بالنص: إن ما كان مطروحًا منذ أربع سنوات مضت لا يصلح ليطرح الآن. قلت له صحيح.. وأن العجاتي ربما كان صادقًا، وشرع في إجراء اتصالاته ببراءة، وأن نيته سليمة، وبالتأكيد فإنه تلقى تعليمات من السلطة بطرح فكرة المصالحة. ولكن المشكلة ليست في نية "العجاتي".. وإنما فيما عقدته السلطة من نية، وما إذا كانت تريد المصالحة حقًا أم إقامة الحجة على الجماعة، متوقعة نتائج محددة، استنادًا إلى خبراتها مع رد فعل الإخوان، على مثل تلك المصالحات أو التسويات، منذ عبد الناصر وإلى السيسي. وذكّرته، بتجربة ما بعد الإطاحة بمرسي، حين وافقت الدولة على استقبال وسطاء غربيين على رأسهم قيادات رفيعة في الاتحاد الأوروبي؛ وذلك للوساطة بين الجماعة وسلطة 3 يوليو. الإخوان فسرت هذه الموافقة، على أنها تعبر عن "ضعف" النظام، واحتياجه إلى من ينقذه من أزمته.. فاستدعى الوسطاء الغربيين لهذه المهمة. هذه القراءة، شجعت الإخوان على رفض أية تسوية مع السلطة، لا تتضمن عودة الرئيس الأسبق محمد مرسي.. وتشددت في مطالبها، وأغلقت في الوجوه أية فرصة للحل السلمي. لم تنتبه الإخوان آنذاك إلى أن السلطة راق لها هذا التشدد، وغلقه لأي باب للتفاهم بشروط تراعي الوضع الجديد الذي أعقب خروج مرسي من السلطة.. لم تنتبه إلى أن الدولة استدعت الوسطاء الغربيين، ليس لحل الأزمة، لأنها كانت تتوقع رفض الإخوان.. وإنما استدعتهم ك"شهداء" على الرفض الإخواني، وتحميل الأخيرة مسئولية ما ستتعرض له لاحقًا، بسبب تشددها.. والنتيجة كانت مذبحة مروعة للإخوان في رابعة وفي النهضة ورمسيس ومسجد الفتح، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من المعتقلين والمفقودين.. وأحكام قضائية بإعدام 1799 إخوانيًا.. فيما عزز بعدها الغرب من تطبيع علاقاته بنظام حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي. وذكّرت صديقي "المفكر المرموق"، بهذه التجربة، وقلت له ننتظر رد فعل الإخوان على ما طرحه مجدي العجاتي.. وعلى ضوئها يمكن استشراف المستقبل القريب، وسيناريوهات اليوم التالي. في صباح أمس 27/6/2016 أصدرت الجماعة بيانًا ردًا على المبادرة الحكومية للمصالحة، كالت فيه السباب والشتائم للنظام مؤكدة أنه: "لا تصالح ولا تفاوض ولا مساومات مع السلطة الحالية".. وأضافت: "أن مبادئها واضحة وهي "لن نتخلى عن رئيسنا وعن مكتسباتنا، ولن نضحي بمعتقلينا ومصابينا، ولن نتنازل عن دماء شهدائنا بحال من الأحوال". وقال الدكتور طلعت فهمي، المتحدث باسم جماعة الإخوان (جبهة محمود عزت) حول ما يثار عن مصالحة وشيكة بين الجماعة والنظام: "إننا لن نتصالح مع قتلة أيديهم ملوثة بالدماء".. و"أن مراجعاتنا تؤكد أنه لن يجدي معهم إلا القصاص العادل الذي يضع حبل المشنقة في رقاب القتلة منهم". انتهى وبعدما انتهيت من قراءة البيان.. قلت في نفسي "مفيش فايدة" نفس الأخطاء تنقل من جيل لآخر "كوبي شف".. وربنا يستر.. إذ لا ندري شكل المحنة المتوقعة. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.