جامع عمرو بن العاص، يقع بالفسطاط بحى مصر القديمة، وهو أول جامع بنى بمصر بعد أن منّ الله تعالى على عمرو بن العاص قائد الجيوش العربية، بفتح مصر سنة 20 للهجرة الموافق سنة 641 ميلاديا. وقد بنى هذا الجامع سنة 21 هجريا 641 ميلاديا وكان أول إنشائه مركزا للحكم ونواة للدعوة للدين الإسلامى بمصر، ومن ثم بنيت حوله مدينة الفسطاط التى هى أول عواصم مصر الإسلامية، ولقد كان الموقع الذى اختاره عمرو بن العاص لبناء هذا الجامع ملكا لأحد الأشخاص يدعى "قيسبة" وكان فى ذلك الوقت يطل على النيل كما كان يشرف حصن بابليون الذى يقع بجواره عليه، ولأن هذا الجامع هو أول الجوامع التى بنيت فى مصر فقد عرف بعدة أسماء منها الجامع العتيق وتاج الجوامع. كان التخطيط المعمارى الأصلى للجامع يتكون من مساحة مستطيلة طولها خمسون ذراعا وعرضها ثلاثون ذراعا، وقد أحيط الجامع من جهاته الأربع بطريق كان عرضه سبعة أذرع، ولقد كانت أرضية الجامع مفروشة بالحصباء، أما سقفه فمغطى بسعف النخيل الذى كان محمولا على ساريات من جذوع النخيل المغطى بالطين، كما أنه لم يكن له صحن ولا محراب مجوف ولا مئذنة وكان به منبرا وقد بنيت جدران الجامع الخارجية من الطوب اللبن وكانت خالية من الزخارف وكان للجامع ستة أبواب فى جدرانه ما عدا جدار القبلة فإنه لم يكن به أية فتحات، أما ارتفاع الجامع من الداخل فمن المرجح أنه كان حوالى ثلاثة أمتار مثل المسجد النبوي، وعلى الرغم من اشتراك ثمانين صحابيًا فى تحديد قبلة الصلاة به إلا أنها جاءت منحرفة قليلا نحو الشرق.
وقد بنى عمرو بن العاص لنفسه دارًا شرقى الجامع سميت بدار عمرو الكبرى، وكان يجاورها من الشمال دارا كانت لابنه عبد الله كانت تسمى بدار عمرو الصغرى، ثم بنيت دار ثالثة للصحابى الجليل الزبير بن العوام.
وقد أجريت على جامع عمرو بن العاص عدة زيادات وإضافات خلال عصور إسلامية مختلفة وحتى عصرنا الحالي، وكان أول هذه التغييرات والتجديدات بالجامع فى العصر الأموي، حيث زيد فى مسطح الجامع سنة 53ه/672م، وعمل له صحن نظرا لزيادة عدد المصلين به. كما بنى له أربع صوامع فوق أركانه الأربعة مشابهة للأبراج التى كانت فى أركان المعبد الرومانى بدمشق فى ذلك الوقت، وكان المؤذنون يصعدون إليها بدرج من خارج الجامع لإقامة الصلاة وكانت هذه الصوامع بذلك أول نموذج للمآذن بمصر. فى رمضان يقصده الكثيرون لصلاة القيام والتهجد.. ويبلغ عدد المصلين فيه مليون مصل فى كل ليلة تقريبا.