كشفت مصادر دبلوماسية أن الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس المصري حسني مبارك أمس إلى الرياض ومباحثاته مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز استهدفت تنسيق الجهود لتحرك مشترك يستهدف إقناع سوريا بالتعاون الكامل مع لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري ، مقابل الحصول على ضمانات من واشنطن وباريس بتجميد أي خطط للإطاحة بالنظام الحاكم في دمشق ، خاصة بعد انشقاق عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري وقيامه بتوجيه انتقادات عنيفة للرئيس بشار الأسد ونظامه . وتأتي زيارة مبارك للرياض بعد أقل من 24 ساعة من طلب لجنة التحقيق في اغتيال الحريري مقابلة الرئيس السوري بشار الأسد ووزير خارجيته فاروق الشرع إضافة إلى عبد الحليم خدام . وأكدت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى أن مصر قد طالبت الرياض بضرورة استغلال علاقاتها الوثيقة مع واشنطن لتخفيف الضغوط الدولية المتنامية على سوريا ، مشيرة إلي أن القاهرة أوضحت للرياض ضرورة تدخل واشنطن لمنع اللجنة الدولية من استجواب الرئيس الأسد والبحث عن أي حلول بديلة للأزمة. وأوضحت المصادر أن القيادة السياسية تريد تجنيب سوريا لأي ضغوط دولية جديدة لعلمها بأن دمشق سيرفض بشكل جاد خضوع الرئيس الأسد لأي مساءلة فيما يخص قضية اغتيال الحريري كونه خطوة كهذه ستعرض النظام السوري لمخاطر عديدة تهدد بقائه وهو ما ترفضه القاهرة شكلا ومضمونا لعديد من الأسباب في مقدمتها أن هذا الأمر سيكون سابقة في حالة قبول سوريا بها ويمكن أن يتكرر مع أي رئيس عربي ، لذا فإن القاهرة ستطرق العديد من العواصم العربية ذات العلاقة الوثيقة بواشنطن للبحث عن حلول لهذه الأزمة بشكل يحفظ ماء الوجه للنظام السوري. في سياق متصل ، أكدت المصادر أن القاهرة ستسعى في المرحلة القادمة لتطبيع العلاقات بين دمشق وبيروت وردم الهوة التي تحكم علاقات الطرفين التي يمكن أن تستغلها قوى دولية للإضرار بالطرفين معا خصوصا أن تنامي الضغوط على سوريا ستكون له أثاره السلبية على الأوضاع الأمنية والسياسية في لبنان وأن من مصلحة الجميع ضبط النفس والكف عن أي إجراءات انفعالية يكون عواقبها وخيمة. من جانبه ، أشار السفير عبد الله الأشعل الدبلوماسي والمحلل السياسي إلى أن القاهرة تسعى لتخفيف حدة الضغوط الأمريكية والأوروبية على سوريا التي شهدت تصاعدا في الفترة الأخيرة بعد انشقاق خدام لإحساسها بخطورة الموقف الشديد والمحرج التي يتعرض له نظام بشار خصوصا بعد طلب لجنة التحقيق في مقتل الحرير الاستماع له ولوزير خارجيته ، مشددا على أن البرود الذي يحكم العلاقات مع واشنطن حاليا إضافة لعدد من الأسباب ، هو الذي جعلها تلجأ إلى الرياض وعواصم أخرى لتخفيف الضغوط عن سوريا. أضاف أن القاهرة تدرك أن تعرض نظام بشار لأي أزمات سيقود المنطقة إلى الهاوية وسيهدد استقرار جميع الأنظمة وسيتواكب معه قلق شعبي رهيب على مستقبل الأوضاع في المنطقة في ظل تنامي الراغبات الأمريكية لإخضاع جميع الأنظمة لإرادتها. وتشعر كل من مصر والسعودية بالقلق من العواقب المحتملة للتصلب السوري ، حيث هدد قرار مجلس الأمن الصادر في أكتوبر الماضي باتخاذ مزيد من الإجراءات ضد دمشق إذا لم تتعاون بشكل كامل مع التحقيق في قضية الحريري ويمكن أن يؤدي ذلك إلى فرض عقوبات ضد الأفراد أو ضد سوريا بشكل كامل. وقال خدام في مقابلة مع قناة العربية الفضائية الأسبوع الماضي أن الأسد وجه كلمات قاسية جدا للحريري قبل اغتياله. وردا على سؤال عن احتمال معرفة الرئيس السوري مسبقا بعملية الاغتيال ، قال خدام "من حيث المبدأ لا يستطيع أي جهاز امني أو غير امني في الدولة السورية أن يتخذ مثل هذا القرار وحيدا". وكان تقرير قدمه رئيس لجنة التحقيق ديتلف ميليس إلى مجلس الأمن في أكتوبر قد أكد أن الشرع أدلى "بمعلومات كاذبة" للجنة حين وصف ما دار في اجتماع بين الأسد والحريري بأنه كان وديا على عكس ما ذكره عدد من الشهود اللبنانيين الذين قالوا إن الرئيس السوري هدد الحريري. ونفت سوريا بشدة أي علاقة لها باغتيال الحريري كما رفضت نتائج تحقيق اللجنة واعتبرتها ذات دوافع سياسية. وأثار اغتيال الحريري إدانة دولية أجبرت دمشق على سحب قواتها من لبنان في ابريل نيسان. وكثفت الولاياتالمتحدة أيضا من الضغوط على حكومة الأسد للتعاون مع تحقيق الأممالمتحدة. وتتهم واشنطندمشق أيضا بعدم بذل ما يكفي من الجهود لوقف عبور المقاتلين الأجانب إلى العراق ودعم نشطاء فلسطينيين ولبنانيين .