تنتشر إعلانات التبرعات للجمعيات والمؤسسات الخيرية على شاشات الفضائيات في رمضان، والتي تقوم على محاولة استدرار عطف المواطنين في هذا الشهر الكريم، وتطلعهم للإنفاق في شتى وجوه وأبواب الخير، فيما أطلق عليه الكثيرون ما يعرف بإعلانات "الشحاتة" أو "التسول". ومن بين عشرات الإعلانات التي عرضت "إعلانات التبرعات" التي وصفتها جمعية حماية المشاهدين والمستمعون لها ب "إعلانات التسول" وهي: "إعلان تحيا مصر"، والمعروف على مواقع التواصل ب"حلق الحاجة زينب" وإعلانات التبرع لمرضى الكبد وسرطان الأطفال ومستشفى مجدي يعقوب وبنك الطعام والجمعيات الخيرية كجمعية رسالة ومصر الخير وغيرهما من التي ترعى الأيتام. لا شك أن الأمر يحمل أبعادًا مختلفة تؤثر على المتلقي للرسالة الإعلانية وتدفعه للتبرع لتلك المؤسسات والجمعيات التي تنفق ملايين الجنيهات لجذب المتبرعين, وأيضًا من خلال استعانتها ببعض المرضى وعدد من البسطاء والمساكين تحاول إثبات أنها هي الأجدر بتبرعاتهم وأموالهم، الأمر الذي أثار حفيظة الكثيرين من مشاهدي تلك الإعلانات. وقال الدكتور حسن عماد مكاوي, عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة السابق, ووكيل المجلس الأعلى للصحافة, إن عددًا من المؤسسات الخيرية تعتمد على شهر رمضان الكريم باعتباره شهر روحانيات في الترويج لإعلانات التسول و"الشحاتة"، الأمر الذي يؤثر بالسلب على المصريين. ووصف الأمر بأنه "يعد ظاهرة مستهجنة؛ لأن الإنفاق في أبواب الخير ليس مرتبطًا بشهر معين وهو ما وصفه بأنه مخالف للواقع الذي نعيشه". وأضاف مكاوي ل"المصريون"، أن "تلك المؤسسات تحصل على أرقام ومبالغ ضخمة من التبرعات"، مشددًا على ضرورة أن تخضع تلك المؤسسات والجمعيات الخيرية لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، وذلك لمعرفة الوجوه التي تنفق فيها تلك المبالغ التي تجنيها من الإعلانات. وأوضح أن "استغلال البسطاء من الفقراء والمرضى للترويج للمؤسسات الخيرية مقابل الدفع لهم يتنافي تمامًا وأخلاقيات العمل الإعلاني ومقتضيات الرسالة الإعلامية بل يعد انتهاكًا لخصوصياتهم، بالإضافة إلى حرمة هذا الاستغلال في مواثيق الشرف الإعلانية المحلية والدولية". وتابع: "الفقراء والمرضى الذين تستغل تلك المؤسسات مرضهم واحتياجهم في الترويج لها يجهلون البعد النفسي والاجتماعي لتلك الإعلانات، ومن بينهم مَن لا يتم الاتفاق معه على بث تلك اللقطات التي يظهرون فيها على الهواء، كما أن منهم من يجبره احتياجه للمال لقبول ذلك". ويرى محمد الخولي، الخبير في الإعلام الدولي, أن "استخدام الفقراء وأصحاب الأمراض المزمنة في جذب الناس للتبرع للمؤسسات الخيرية والجمعيات يعد "شحاتة منظمة وممنهجة"، فيما وصفه بأنه "بعيد تمامًا عن أخلاقيات الإعلان المتعارف عليها". وأضاف الخولي ل"المصريون"، أنه "لابد من وجود الرقابة على تلك المؤسسات والجمعيات لمعرفة أوجه إنفاقها لتلك الأموال التي تجمعها من الجمهور"، ملقيًا اللوم على الدولة في تحميل الجمهور عبء بناء المستشفيات والتبرع للنهوض بالدولة. وأشار إلى أنه لا يوجد مواثيق للشرف الإعلاني في مصر بالمعنى الصحيح المتعارف عليه بين معظم الدول الملتزمة بأخلاقيات العمل الإعلاني فهي مجرد حبر على ورق، مؤكدًا دور البرلمان في وقف ما أسماه بالابتذال والفوضى الإعلانية التي تستغل الشهر الكريم والبسطاء في الترويج لها والتبرع لصالحها.