بعد خمس جولات من الهدنة بين رجل الأعمال نجيب ساويرس المالك لمجموعة شركات أوراسكوم وشركة بلتون القابضة المالية, وبين جهات سوق المال الرقابية والمنظمة والممثلة في الهيئة العامة للرقابة المالية وإدارة البورصة المصرية, فشلت صفقة الاستحواذ على كامل أسهم شركة "سي آي كابيتال" الذراع الاستثماري للبنك التجاري الدولي, بعد أن أعلنت شركة بلتون القابضة انسحابها. وأبدت "بلتون" في بيان لها اليوم رغبتها في عدم تجديد عقد البيع الموقع مع البنك التجاري الدولي، ورد الدفعة المقدمة وذلك بناء على اتفاق الطرفين، مؤكدة ترحيبها بإعادة فتح ملف الصفقة فور إزالة كافة المعوقات التي تحول حاليًا دون إتمامها، وذلك إيمانًا منها بقوة الكيان الذي سينتج عن عملية الاستحواذ. من جانبه، أعلن البنك التجاري الدولي، عدم تجديد مدة سريان عقد البيع الموقع بين البنك وشركة بلتون المالية القابضة بتاريخ 28 فبراير الماضي، ورد الدفعة المقدمة إلى الشركة، وذلك في ظل طول الفترة الزمنية لحصول شركة أوراسكوم للاتصالات والإعلام والتكنولوجيا المالكية لشركة بلتون على عدم الممانعة على الصفقة من قبل الهيئة العامة للرقابة المالية. وبدأت معوقات تنفيذ الصفقة عقب توجيه طارق عامر محافظ البنك المركزي البنوك لعدم تمويل الصفقة التي كانت ستمول من بنك مصر وأحد البنوك الخاصة بعد إشارته إلى عدم تمتع رجل الأعمال نجيب ساويرس بالخبرة في إدارة كبري بنوك الاستثمار التي تقبع تحت مظلة الجهاز المصرفي، ما أدى إلى امتناع جميع البنوك عن التمويل وإعلان رجل الأعمال التمويل ذاتيًا. كما أن رفض البنك التجاري الدولي لعرض البنك الأهلي لشراء "سي آي كابيتال" وعدم منحة فترة للفحص النافي للجهالة كان له أثر كبير على عدم إتمام الصفقة لصالح ساويرس. الأمر الثالث الذي دعم رفض الصفقة، هو أنه في حالة إتمامها لصالح شركة بلتون القابضة المالية سيتم اندماجهما ليصبحا شركة قابضة تستحوذ على نحو 25% من سوق الأوراق المالية في مصر، ما يسمح لرجل الأعمال التحكم في مجريات السوق وتطويعها وفقًا لمصالحة الاستثمارية مما دفع هيئة الرقابة المالية وإدارة البورصة لاختلاق العوائق لتعطيل تنفيذ الصفقة بتعليمات من جهاد سيادية, ترغب في كبح طموح رجل الأعمال الاقتصادية والسياسية. ورأى أحمد العطيفي خبير أسواق المال, أنه في حال تم الاستحواذ على "سي آي كابيتال" مع الاستحواذ على بلتون, كان ساويرس سيقترب من تحقيق معايير الاحتكار لتكون أول خطوه نحو احتكارات قادمة في سوق المال. وأوضح ل"المصريون"، أن ساويرس كان سيقوم يبيع بلتون و"سي آي كابيتال" بعد الاندماج لأي مؤسسة خارجية تقدم سعر أعلى من قيمة شرائه لصفقة الشركتين معا, وهذه الشركات تقوم الآن بإدارة بعض استثمارات الدولة نفسها، بعضها نعرفه والبعض غير معروف, ومن الخطورة أن تضع يدك في فم غريب"، بحسب وصفه. وأضاف أن "تأثير نهاية فيلم الاستحواذ على "سى آى كابيتال" على السوق سيكون سلبيًا حيث سيحدث خوف وهلع بين مستثمري شركة أورسكوم للاتصالات في ظل الأداء الضعيف للسهم". وأشار إلى أنه لن يتم إلغاء أية عمليات أخرى علي سهم بلتون وسيتحرك مع فزع فشل الصفقة وان كان السهم في الأصل في يد صناديق استثمار وأحجام تداوله ضعيفة. وقال محمد عسران، العضو المنتدب لشركة إيفا لتداول الأوراق المالية, إن "تعامل إدارة البورصة وهيئة الرقابة المالية دلل من البداية أن الصفقة لن تكتمل، حيث دأبوا على وضع العراقيل التي تمنع تنفيذ الصفقة، عبر إظهار مخالفات قديمة وحجج غير منطقية بالنسبة لكيان كبير مثل بلتون القابضة, بالإضافة إلى إعطاء تعليمات من قبل البنك المركزي لجميع البنوك بعدم تمويل الصفقة رغبة في إفشالها بسبب بعد سياسي واقتصادي". وأوضح عسران، أن "عدم إتمام الصفقة جاء نتيجة لعدة أسباب أولها, أن "مجلس إدارة بلتون الجديد، والذي يحتوى على نحو ثلاثة وزراء ورئيسين سابقين للبورصة اتخذ قرارًا بزيادة رأس المال, وكان قرار إدارة البورصة التأجيل بحجة عدم عرض الأمر على لجنة القيد, في إشارة غير منطقية ربما تحصل نادرًا مع شركات صغيرة, مما يؤكد وجود تعليمات بعرقلة زيادة رأس المال لعدم إتمام صفقة "سى آى كابيتال", كما أن هناك صراعًا طفا على السطح بين رجل الأعمال نجيب ساويرس ومحافظ البنك المركزي طارق عامر، يظهر عدم رغبة الأخير فى خروج «سى آى كابيتال» من تحت عباءة الجهاز المصرفي". وتابع: "الرقابة المالية نفذت تعليمات سياسية بوضع عراقيل أمام الصفقة,خاصة أن ما أظهرته الهيئة من مخالفات قائمة في أوراسكوم أو بلتون كانت قائمة من قبل إتمام استحواذ أوراسكوم على بلتون القابضة". واستدرك: "كما أن عرقلة تنفيذ الصفقات تمت من قبل عندما طلب بنك قطر الوطني الاستحواذ على بنك الاستثمار هيرميس في وقت ساءت فيه العلاقات مع دولة قطر مما دفع الدولة لعرقلة الصفقة التي كانت تمثل صفقة العمر بالنسبة لإدارة هيرميس في ذلك الوقت وربما لن تتكرر بحجة تداعيات الأمن القومي", محذرًا من أن "هذه الأفعال تؤثر على سمعة الاستثمار في مصر, وتظهر عدم وجود حرية".