الأزهر: لا يتفق مع الشرع.. طبيبة نفسية: عادة سيئة تؤثر على الفتاة وزواجها.. والمجلس القومى للمرأة: الدستور لم ينصف المرأة "الشرف"، "أنا لوسبتها كدا عفتها هتروح منها فى الزمن ده"، "وأنا هعملها عند أكبر دكتور"، بهذه الكلمات وصفت "ج.ن" إحدى الفتيات التى تعرضن للختان, مبررات الأهالى لإجراء العملية, التى اعتبروها شرفًا وعفة للبنت. وتتابع, قائلة "ظلت حالتى النفسية بعد الختان سيئة للغاية, وتبدلت أحوالى وتصرفاتى فأصبحت أخشى كل شىء, وأهرب من الناس, وظللت على هذا الوضع حتى تزوجت". و"ختان الإناث", هى تلك العادة التى توطنت بعقول آلاف المصريين منذ أقدم العصور, وارتبطت لديهم بشرف الفتاة, معتقدين أن الختان يقلل من شهوة الفتاة ويجعلها أكثر عفة وشرفًا, دون أن يعلمون أنها عادة تسبب الكثير من المخاطر الجسدية والنفسية للبنات, وبالفعل أودى الختان بحياة الكثيرات من الفتيات, على الرغم من محاربة الدولة له وتجريمه, إلا أنه مستمر حتى وقتنا هذا وكانت آخر ضحية بنت السابعة عشر ميار. ارتبط ختان الإناث فى قرى الصعيد والأرياف بشكل أقوى من المدنية, حيث التعنت والتشدد فى الصعيد والفلاحين, فهناك الفتاة لابد أن يجرى لها تلك العملية لمجرد اقترابها من سن البلوغ. أما فى القاهرة وبقية محافظات مصر, تندر تلك العادة نتيجة زيادة الوعى لدى البعض منهم. 60 عامًا على محاربة الختان ومازال مستمرًا ظلت مصر تحارب ظاهرة ختان الإناث لأكثر من ستين عامًا, ففى عام 1956, أصدرت وزارة الصحة قرارًا, بمنع الأطباء من ممارسة ختان الإناث، ومن بعدها اهتمت الصحافة بمناقشة هذا الموضوع، وفى نهاية السبعينيات أجرى أول بحث ميدانى حول ختان الإناث. ولكن البداية الحقيقية لمحاربة الختان كانت فى التسعينيات, وتبنتها سوزان مبارك زوجة الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك بنفسها, وذهبت إلى قرى الصعيد مع جهاز طبى لتوعية المواطنين, بمخاطر الختان على الإناث. وأقامت مكتبات القراءة للجميع, لتوعية الفتيات والأمهات بمخاطر الإناث, بالفعل نجحت, فى إقناع بعض القرى بأسوان بالتخلى عن هذه الفكرة, ووقعت وثيقة تخلى أسوان عن ختان بناتها. وبعد ذلك بفترات متقاربة, جرمت الدولة ختان الإناث وأصدرت قانونًا بعقاب الأهل والطبيب فى حالة قيامهم بهذه العادة. وكان ذلك عام 2008، حيث جرمت مصر الختان بتعديل تشريعى فى المادة "242 ", من قانون العقوبات لتغليظ العقوبة على ختان الإناث للطبيب والأهل فى نفس الوقت. حيث تنص المادة " 242" من قانون العقوبات:« على إنه الطبيب الذى يقوم بهذا الأمر هو والأهل يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تجاوز سنتين أو بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه». أشهر ضحايا ختان الإناث كان لختان الإناث, بنات دفعن ثمن تفكير أمهاتهن وآبائهن الخاطئ, وكانت طفلة المنيا بدور من أبرز الضحايا عام 2007, وبعد وافتها استيقظ الضمير المصرى, وأصبح يوم 14 يونيو من كل عام يومًا وطنياً لمناهضة ختان الإناث, التى كانت تحلم أن تكون أكبر طبيبة فى مصر. وفى نفس العام وقعت حادثة أخرى, وهى وفاة الطفلة كريمة رحيم بمحافظة الغربية. وفى عام 2012, توفت الطفلة نرمين الحداد فى المنوفية, نتيجة نزيف حاد حدث لها بسبب الختان بطريقة خاطئة. ميار آخر ضحايا ختان الإناث ميار المراهقة الصغيرة بنت السابعة عشر عامًا، كانت آخر ضحايا ختان الإناث بالسويس. ميار أدخلوها لإجراء عملية ختان إناث هى وشقيقتها التوأم فى إحدى المستشفيات الخاصة بالسويس, فتوفت ميار ونجت شقيقتها. ووالدة الفتاة تعمل ممرضة فى إحدى المستشفيات, وأجرت العملية لابنتيها على أيدى جراحة شهيرة. وألقى القبض على والدتها بعد أن تبين أنه لا يوجد شيء فى رحم الفتاة والعملية كانت ختان. وكشفت التقارير الطبية, أن سبب الوفاة هو إجراء عملية ختان, تسببت فى صدمة عصبية للطفلة أدت لهبوط حاد فى الدورة الدموية. وادعت والدتها, أنها توجهت للمستشفى لإزالة كيس دهنى موجود برحم ميار, لكنه أخلى سبيل الأم نتيجة حالتها النفسية بعد وفاة ابنتها. الأزهر يجرم الختان حيث أكدت دار الإفتاء المصرية، أن قضية ختان الإناث ليست قضية دينية تعبدية فى أصلها، ولكنها قضية ترجع إلى العادات والتقاليد والموروثات الشعبية، خاصة أن موضوع الختان قد تغير وأصبحت له مضار كثيرة جسدية ونفسية, مما يستوجب معه القول بحرمته والاتفاق على ذلك، دون تفرق للكلمة واختلافٍ لا مبرر له. وأكدت الدار، أن حديث أم عطية الخاص بختان الإناث ضعيف جدًا، ولم يرد به سند صحيح فى السنة النبوية. وأوضحت دار الإفتاء، أن عادة الختان عرفتها بعض القبائل العربية نظرًا لظروف معينة قد تغيرت الآن، وقد تبين أضرارها الطبية والنفسية بإجماع الأطباء والعلماء، مشيرة إلى أن الدليل على أن الختان ليس أمرًا مفروضًا على المرأة أن النبى صل الله عليه وآله وسلم لم يختن بناته رضى الله عنهن. وأشارت الإفتاء، إلى أنها تفاعلت مبكرًا مع البحوث العلمية الطبية الصادرة عن المؤسسات الطبية المعتمدة والمنظمات الصحية العالمية المحايدة، التى أثبتت الأضرار البالغة والنتائج السلبية لختان الإناث, فأصدرت عام 2006 بيانًا يؤكد أن الختان من قبيل العادات لا الشعائر، وأن المطلع على حقيقة الأمر لا يسعه إلا القول بالتحريم. وحذرت الدار, من الانجرار وراء تلك الدعوات التى تصدر من غير المتخصصين، والتى تدعو إلى الختان وتجعله فرض، مؤكدة أن تحريم ختان الإناث فى هذا العصر هو القول الصواب الذى يتفق مع مقاصد الشرع ومصالح الخلق، وبالتالى فإن محاربة هذه العادة هو تطبيق أمين لمراد الله تعالى، وبالإضافة إلى أن ممارسة هذه العادة مخالفة للشريعة الإسلامية فهى مخالفة كذلك للقانون. المجلس القومى للمرأة: الدستور لم ينصف المرأة وفى هذا السياق, قالت الدكتورة ثناء شريف, عضو المجلس القومى لحقوق المرأة, إن مصر حتى هذه اللحظة لم تنته من ظاهرة ختان الإناث, خاصة فى الوجه القلبي, مؤكدة أن الأمهات متمسكن بتلك العادة أكثر من الرجال. وأكدت "شريف", فى تصريحات خاصة ل"المصريون", أن ختان الإناث عادة قديمة توارثها المجتمع المصرى من قديم الأزل, وبالتالى لن تختفى هذه الظاهرة بشكل كلى. وأوضحت, أن هذه العادة تؤثر بشكل سلبى على نفسية وصحة الفتاة المصرية، وتابعت "شريف", أن ختان الإناث من الأشياء التى غفل الدستور المصرى عن تجريمها. فيما قالت سحر الهواري، عضو مجلس النواب عن قائمة "فى حب مصر"، إن هناك بعض المواد فى الدستور المصرى لم تنصف المرأة بشكل قوى كما يجب، ويتمثل ذلك فى العنف ضد المرأة وختان الإناث، خاصة فى المناطق الريفية، والتى لم يجرمها القانون كما يجب. طبيبة نفسية: الختان عادة سيئة تؤثر على الفتاة وزواجها تقول الدكتورة, رشا الجندى أستاذة الصحة النفسية بجامعة بنى سويف, إن الختان يضر بصحة الفتاة النفسية, وله أضرار بالغة عليها قد تظل معها لسنوات عدة, مشيرًا أن لديها حالات من فتيات عدة متأثرين بسبب تلك العادة. وأكدت "الجندى" فى تصريحات خاصة ل"المصريون", أن موضوع الختان لا يؤثر على الفتاة من الناحية النفسية فقط بل الصحية, خاصة فى الزواج.