أشعر بمتعة حقيقية خلال متابعتى لمنافسات وأخبار المونديال من العاصمة روما من خلال شاشات التليفزيون الحكومى (راى) الذى تعاقد على بث 26 مباراة على الهواء مباشرة فضلاً عن ملخصات وأهداف كل المباريات بينما احتكرت شاشات شبكة «سكاى» المشفرة بث جميع المباريات حصرياً بسعر إجمالى خرافى وصل إلى 120 مليون يورو بسبب جشع الاتحاد الدولى «فيفا» الذى حقق أرباحاً من بيع حقوق البث التليفزيونى وصلت إلى 1.75 مليار يورو تمثل نسبه 54% زيادة على ما حققه فى مونديال ألمانيا 2006. ورغم الاهتمام الكبير لكل وسائل الإعلام الإيطالية بالحدث فإنها لم تنس التعرض للمشاكل التى تواجهها البلاد سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وتتابع عن قرب هفوات وأخطاء الحكومة البير لسكلونية وتنتقد تصرفاتها وأخطاءها المتكررة فضلاً عن تغطية الإضرابات والاعتصامات احتجاجاً على الخطة الاقتصادية التى تدعو إلى التقشف وربط الأحزمة فى الميزانية الجديدة التى ستبدأ بنهاية الشهر الجارى مطالبة بالحد من الإسراف الحكومى وتخفيض ميزانية البرلمان بشقيه مجلسى الشيوخ والنواب التى وصلت فى العام الماضى إلى أكثر من 2.5 مليار دولار مع تخفيض رواتب ومعاشات وامتيازات الوزراء ونواب المجلسين بالإضافة إلى مقدمى البرامج التليفزيونية ولاعبى الكرة المحترفين فى الأندية الأوروبية والإيطالية الذى يأتى على رأسهم البرتغالى كرستيانو رونالدو الذى وصل راتبه السنوى إلى 13 مليون يورو خالصة الضرائب، يليه إبراهيموفيتش برصيد 12 مليون والكاميرونى إيتو والأرجنتينى ميسى والبرازيلى كاكا برصيد 10 ملايين، وعلى المستوى المحلى يتصدر الحارس بوفون وبيرلو وجاتوزو القائمة بعد أن وصلت رواتب كل منهم إلى 5 ملايين يورو بالإضافة إلى مكافآت الفوز بالمسابقات المحلية والأوروبية، مراعاة للفقراء الذين وصلوا بناء على الإحصائيات الرسمية إلى أكثر من 8 ملايين إيطالى يعيشون تحت خط الفقر ويمثلون نسبة 13% من عدد السكان (60) مليون نسمة. أما عندنا فبالرغم من أن فقراء المحروسة قد وصلوا إلى رقم قياسى فمازال اتحاد الكرة يفكر ويفكر فى وضع سقف أو حد أقصى لأسعار ورواتب اللاعبين وفى الوقت نفسه مازالت الأندية الغنية وبمعنى أوضح أندية الوزارات والبترول والقوات المسلحة والشرطة تتبارى فى إنفاق المال العام على شراء اللاعبين سواء من الأفارقة أو المحليين ووصلت الأرقام إلى 8 ملايين جنيه لأبوالسعود ووليد سليمان وحسنى عبدربه بالإضافة إلى الرواتب والمكافآت المستفزة التى يتقاضاها بعض نجوم الأهلى والزمالك وعلى رأسهم عمرو زكى ونجوم التليفزيون الحكومى والفضائيات من الدعاة ومقدمى البرامج ناهيك عن نواب مجلسى الشعب والشورى وفنانى الدرجة الثالثة ومحترفى تسقيع الأراضى ونهب المال العام ونجوم الفساد المنتشرين الذين وصل دخلهم إلى أرقام فلكية لا يحلم بها الموظفون وخريجو الجامعات فقط بل العلماء والمثقفون وأساتذة الجامعات وخبراء الطاقة الذرية. اعذرنى عزيزى القارئ إن كنت قد خلطت السياسة بالرياضة وهى فى الواقع متشابكة فى بلدنا بعد أن اختلط «الحابل بالنابل» فالحقيقة يجب ذكرها حتى لو كانت شديدة المرارة والمشاكل وهى معروفة للجميع يجب أن يتكاتف الجميع شعباً وحكومة من أجل وضع حلول لها وخاصة إعادة توزيع الدخل القومى بعدالة وشفافية، وأعتذر أيضاً على المواجع التى أثرتها الآن والتى لا يجب إلهاء الناس بها خلال المونديال الذى سينتهى بعد أقل من شهر لنصحو جميعاً على نفس الكابوس وسنبقى دائماً أسرى النفق المظلم الذى نعيش فيه منذ سنوات.