لماذا لا يشعر المواطن المصري بثمار التنمية؟.. رئيس معهد التخطيط القومي يجيب    محافظ الغربية يجتمع بقيادات شركة المياه لمتابعة مشروع شارع الجلاء في المحلة    الاتحاد الأوروبي يُعيِّن الفرنسي كريستوف بيجو ممثلًا لعملية السلام في الشرق الأوسط    عبد المنعم عمارة: المحكمة الرياضة قد تخالف ما اتخذته رابطة الاندية من قرارات    صرف بوسى شلبى من النيابة بعد التحقيق معها فى اتهام أسرة محمود عبد العزيز لها بالتزوير    بالصور.. يسرا وهدى المفتي من كواليس تصوير فيلم الست لما    وزير الصحة يبحث سبل تعزيز التعاون في المجالات الصحية مع وزيري صحة لاتفيا وأوكرانيا    «عبداللطيف» يشهد توقيع بروتوكول مع «التعليم أولًا» لرفع كفاءة العاملين بالمدارس الرسمية لغات    5 فرص عمل للمصريين في مجال دباغة الجلود بالأردن (شروط التقديم)    حملات مكبرة لغلق مغاسل السيارات المخالفة في الغردقة    توريد 544 ألف طن من الذهب الأصفر لشون وصوامع محافظة الشرقية    شقق متوسطى الدخل هتنزل بكرة بالتقسيط على 20 سنة.. ومقدم 100 ألف جنيه    تشديد للوكلاء ومستوردي السيارات الكهربائية على الالتزام بالبروتوكول الأوروبي    وزير الدفاع يشهد تنفيذ مشروع مراكز القيادة التعبوى للمنطقة الغربية العسكرية    محافظة القدس تحذر من دعوات منظمات «الهيكل» المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى    بعد دخول قائد الطائرة الحمام وإغماء مساعده.. رحلة جوية تحلق بدون طيار ل10 دقائق    أندوريل تكشف عن طائرتها القتالية المسيّرة المتطورة «فيوري»    "أونروا": المنظمات الأممية ستتولى توزيع المساعدات الإنسانية في غزة    بالصور- رئيس جامعة أسيوط يتفقد لجان امتحانات كلية الآداب    رونالدو يتقدم قائمة البرتغال رغم عدم مشاركته مع النصر    فرج عامر: يجب إعادة مباراة القمة.. واتحاد الكرة المسؤول عن هذة الأزمة    موعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي والزمالك في دوري سوبر السلة    سالم: نجهز ملف كامل حول أزمة القمة قبل الذهاب للمحكمة الرياضية.. ومتمسكون بعدالله السعيد    باو فيكتور: لم أفكر في مستقبلي مع برشلونة.. وسأتخذ القرار المناسب    جمال العدل: عقوبة الأهلي بعد انسحابه مهزلة.. والدوري المصري أصبح أضحوكة    كلوب يفاجئ الجميع.. أوافق على تدريب هذا الفريق    إصابة 12 شخصًا في سقوط أسانسير بمستشفى جامعة المنوفية    ب48 مصنعاً.. وزير الزراعة: توطين صناعة المبيدات أصبح ضرورة تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية    استمارة التقدم على وظائف المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسى 2026    الأرصاد: طقس غداً الأربعاء حار نهاراً معتدل ليلاً    شوفنا الدم على هدومه.. جيران يكشفون تفاصيل ذبح أب على يد ابنه بأسوان    عامل يشرع في قتل صاحب ورشة بسبب الخلاف على أجرة إصلاح موتوسيكل بسوهاج    وزير التعليم العالي: طفرة كبيرة بالمنظومة التعليمية في عهد السيسي    محافظ بورسعيد: المحافظة ظلمت بسبب إدراجها ضمن المدن الحضرية    ذكرى رحيل سمير صبرى وسمير غانم فى كاريكاتير اليوم السابع    بإطلالة أنيقة.. ياسمين صبري تخطف الأنظار في أحدث ظهور    مدير مكتبه الإسكندرية للنواب: نستقبل 2000 زائر يوميا ونحتاج دعم لتجديد البنية التحتية    الإفتاء توضح فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة.. وغرة الشهر فلكيًا    الأزهر للفتوى يوضح حجم الحجر الأسود وفضل استلامه ومسحه    جامعة القاهرة تستقبل وفدا صينيا بمستشفى قصر العيني الفرنساوي    إنجاز طبي بمستشفى أطفال مصر: إنقاذ رضيعة بتوسيع الصمام الأورطي بالبالون    طريقة عمل القراقيش بالملبن بخطوات بسيطة    هل يجوز الحج عمن مات مستطيعًا للعبادة؟.. دار الإفتاء تُجيب    ماذا تفعل المرأة إذا جاءها الحيض أثناء الحج؟.. أمينة الفتوى ترُد    المغرب: حل الدولتين الأفق الوحيد لتسوية القضية الفلسطينية    مكتب الإعلام الحكومي بغزة: تصريحات يائير جولان إقرار واضح بجريمة الإبادة الجماعية ضد شعبنا    الجيش السوداني: نقترب من السيطرة الكاملة على الخرطوم    قبل امتحانات آخر السنة 2025.. ما هو الاختيار الأفضل لتحلية الحليب لطفلك؟ (أبيض ولا أسود)    نقابة الفنانين السورية تنعي بطلة «باب الحارة»    الحبس 3 سنوات لعاطلين في سرقة مشغولات ذهبية من شقة بمصر الجديدة    أنطلاق فيلم المشروع x بطولة كريم عبد العزيز ويامسين صبري بدور العرض السينمائى    دينزل واشنطن يوبخ مصورا قبل حصوله على السعفة الذهبية الفخرية في مهرجان كان    عاجل- الصحة العالمية تُعلن خلو مصر من انتقال جميع طفيليات الملاريا البشرية    بعد تداول فيديو.. ضبط قائد سيارة حاول الاصطدام بسيدة على محور 30 يونيو    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    جامعة جنوب الوادي تدعو طلابها للمشاركة في "مسرح الحياة" لتعزيز الدمج المجتمعي    المركزي الصيني يخفض أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«بنتين من مصر».. الوجه الآخر ل «فيلم ثقافى»

فى مشهد معبر قبل نهاية الفيلم يتوقف أحد الشباب المهاجرين من مصر بعد أن اجتاز بوابات السفر ليسعل بشدة ثم يبصق فى منديله ويلقيه بكل قرف فى الزبالة!. هذه البصقة هى الذروة الدرامية الأساسية بالنسبة لأحداث «بنتين من مصر»، أو كما يقول العنوان الإنجليزى للفيلم «الجنون المصرى». والجنون هنا ليس بمعنى الجنون العقلى بل هو اللوثة المجتمعية التى نعيشها فى هذا البلد.
فهذا الشاب يبصق على كل شىء «هنا». يجرب المخرج محمد أمين فى هذا الفيلم المعالجة التراجيدية لمجموعة من القضايا الاجتماعية مثل مشكلة العنوسة، لكنه منذ التيترات يطالعنا بمشهد حجرة المحركات فى سفينة يوشك خزانها على الانفجار من شدة الضغط.
وعلى هذه اللقطة تدخل لقطة مزجية عن الواقع السياسى فى الشارع المصرى ممثلا فى عشرات الاضطرابات والمظاهرات ليضعنا من الوهلة الأولى أمام السبب الذى يراه وراء كل مشاكل شخصيات الفيلم وهو فقدان المجتمع إدارة سياسية وحالة الفوضى والفساد التى نعيشها.
بمجرد أن يبدأ الفيلم ندخل فى عملية تلقين بصرى مباشرة جدا لواقع الشخصيات الرئيسية داليا/ صبا، وحنان/زينة، ثم يتسع السرد بصريا ودراميا ليشمل دائرة معارفهما التى تضم فتيات أخريات يعانين نفس ما تعانيانه.
ويعتمد المخرج على صراع ساكن يتطور ببطء ربما لأن السيناريو يحاول إخراج الانفعالات الخاصة للشخصيات، وهو أصعب أنواع الصراع.. حيث لا نتابع حبكة رئيسية تقليدية أو صراعا متصاعدا بين أطراف واضحة، بل نتورط فى مراقبة حبكات صغيرة منسوجة من الواقع الحياتى والانفعالى لهؤلاء الفتيات، وتتفتت الذروة الرئيسية فى ذرى متعددة: «حنان» تدخل فى أكثر من قصة مع أكثر من شاب.
تحاول فى المرة الأولى أن تنسج حول الشاب خيوطا أنثوية رقيقة تناسب المزاج الشرقى للرجل المصرى، لكنها تكتشف أنه يريد فتاة صغيرة فى السن لأنه لم يتمكن من عيش شبابه ولا يريد فتاة تجاوزت الثلاثين مثله. وفى المرة الثانية، وحتى بعد خطبتها، تكتشف أن خطيبها مصاب بعقدة من الفتيات نتيجة حالات الانحراف العديدة التى أصبحت سمة أساسية صار معها التدين والشرف استثناء أو حالة عابرة.
كذلك الحال بالنسبة ل«داليا»: مرة تكتشف أن حبيبها خائن للقضية التى يدافع عنها، ومرة تدخل فى علاقة عبر الإنترنت مع شاب سوداوى المزاج- يبدو كأنه الصوت الشخصى للمؤلف- ومرة مع شاب يضطر للهرب خارج مصر نتيجة مشكلة قرض بنكى.. هذه القصة هى التى منحت المخرج فرصة لتفتيت الحبكة وصياغة أكبر قدر من النقد الاجتماعى المباشر والحانق جدا على المجتمع، لكنه مع الأسف لم يتمكن من تجاوز «المباشرة» التى فرضتها قوة الموضوع، بالإضافة إلى تراجيدية المعالجة.. وهى المرة الأولى التى يقدم فيها تراجيديا صريحة بعد الكوميديا الاجتماعية فى «فيلم ثقافى» والفانتازيا السياسية فى «ليلة سقوط بغداد».
محمد أمين سيناريست قوى.. لكنه ليس مخرجا بالقوة نفسها، وكنا نتصور أن زخم هذه المادة الدرامية يحتاج إلى مخرج يروض السيناريست الذى يعمل معه، لكن «أمين- المخرج» ترك ل«أمين- السيناريست» مساحة أوسع من اللازم طغت على الصورة فى معظم الأحيان، فافتقدت الكادرات الجمل البصرية المعبرة والتكوينات المميزة، كما أن وجود اثنين من مديرى التصوير لم يفلح فى التعبير بالإضاءة عن كثير من المواقف، حتى إن الإضاءة كانت تبدو أحيانا زائدة عن الحاجة الدرامية والبصرية كما فى مشاهد الليل فى حجرات الفتيات.
بينما أفلتت مشاهد قليلة وقدمت لمحات جمالية مثل مشهد جلوس حنان وزميلها فى ملعب المعسكر ليلا وهى تحاول أن تستدرجه ليفاتحها فى الارتباط، إذ بدا المكان مضاء بينما بديا مجرد شبحين مظللين بنية كل منهما الخفية، كما أن هناك مقاطع طويلة وجلسات حوارية متعددة أرهقت إيقاع الفيلم- الطويل أساسا- رغم أن أمين حاول أن يخلق جوا مناسبا أحيانا لتلك المقاطع، مثل جلسات الفضفضة النفسية التى تحضرها حنان، وهو حل درامى منطقى وتطور واقعى، لكنه ظل غير مريح بصريا حيث يختنق المتفرج لفترة طويلة فى مكان ضيق مثقل بمشاعر كئيبة لفتيات حزينات.
لكن ذلك لا يمنع من أن اختيار مجموعة الممثلين جاء ناضجا جدا وفى كل الأدوار تقريبا، وقدمت زينة واحدا من أجمل أدوار الشخصيات النسائية فى السينما خلال الفترة الأخيرة، وبدت مسيطرة انفعاليا وجسمانيا على شخصية «حنان» دون إغفال توجيه محمد أمين بالطبع.
أما «صبا مبارك» فقد تأرجح أداؤها بين الانفعال السينمائى- مثل مشهد ارتعاشها وهى تمارس حالة زوجية متخيلة مع صديقها أحمد وفيق على الإنترنت- وبين الأداء المسرحى فى مشاهد أخرى، وهو أيضا أمر يحاسب عليه أمين ولو جزئيا، أما أحمد وفيق فقد أمتعنا بحالة كوميدية سوداء فى مشاهده القليلة رغم بعض المباشرة دراميا وبصريا، إذ بدا بيته الخالى من الأثاث والمزين بلوحات غريبة.. دلالة خارجة على أسلوب الفيلم الواقعى.. تماما مثل التوازى المونتاجى بين ما يحدث للفتيات وبين «مرجل» العبارة الذى ينفجر فى النهاية ك«استعارة بصرية» واضحة لمبدأ الضغط الذى يولد الانفجار، وإن كان له دلالة واقعية، إذ نكتشف أنها عبارة الموت التى كان سافر عليها شقيق داليا وصديقه.
يمكن اعتبار «بنتين من مصر» الوجه الآخر ل«فيلم ثقافى» خاصة مع تركيزه على قضية أضرار الكبت الجنسى الناتج عن تأخر سن الزواج. لكن الرؤية هنا أوسع رغم المباشرة فى الحديث- مثلا- عن «حزب الحكومة».
فى المقابل هناك جرأة فى الوصول بالمتفرج إلى ذروة واقعية جدا لم يصل إليها «عسل اسود» رغم أنه يعالج قضية شبيهة، هى بصقة شاب مسافر على واقع «عفن» كما وصفه الفيلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.