الزيارة الأولى كانت لمكتب استشارى هندسى ضخم »Bjark«، وهو المسؤول عن وضع تصميم المسجد الجامع فى كوبنهاجن، وشارك فى اللقاء رئيس اتحاد الجامعات الإسلامية، والشيخ عبد الواحد بيترسون، مسؤول العلاقات الخارجية فى المجلس. بدأ مصمم المسجد بالحديث عن مشروعه بالقول إنه حصل على تصميمات عديدة للمساجد فى الدول الأوروبية وتركيا، ومن المسلمين الذى يعيشون فى الدنمارك، ولكن تصميمه يتناسب مع العمارة المحلية فى كوبنهاجن، والمكان بشكل عام، وطبيعة الطقس فى غيوم السماء وثلوجها ومطرها طوال أيام السنة، لافتاً إلى أن الكنائس فى كوبنهاجن مصممة بشكل يجعلها جزءاً من طبيعة المكان، وهو ما سيكون عليه المسجد الجديد، بعد إعادة تصميم المنطقة حوله لتتناغم كل المكونات معًا وتصنع معماراً متألقاً. ونوه بأن المشروع سيتكلف نحو 40 مليون دولار، وتدخل عبدالواحد بيترسون بالقول إنهم بصدد فتح باب التبرعات، ولكن سيكون فى ذهن القائمين على هذا الأمر الابتعاد تماماً عن السياسة وعن خلافات الأنظمة فى كل بلد إسلامى، مشيراً إلى أن كوبنهاجن وبقية المدن الدنماركية بها مساجد صغيرة هى أقرب إلى المصليات، وأن سفارتى تركيا وإيران وعدداً من السفارات المغاربية تمول هذه المساجد. يذكر أن بناء المسجد، الذى اقترح البعض أن تم تسميته امسجد سيدنا محمد«، يستحوذ على اهتمام بالغ على الساحة السياسية الدنماركية، وعلى الرغم من أن هذا المشروع عمره 28 عاماً تقريباً، فإن السلطات المحلية تعاملت معه بواقعية كبيرة، خاصة بعد اتساع تأثير الجالية الإسلامية، كأحد تداعيات قضية الرسوم المسيئة للرسول، وتتعاطى أحزاب كبيرة، أبرزها حزب الشعب الاشتراكى، بإيجابية مع قضية بناء المسجد، خاصة شكل مئذنته، ورفع الأذان فى وسط العاصمة، كما تتفهم قيادات كنسية وإعلامية هذا المشروع، لكنه يلقى معارضة واسعة من جانب حزب الشعب الدنماركى اليمينى، الذى يذهب فى رفضه لكل ما هو إسلامى إلى ضرورة مراقبة المدارس الإسلامية الخاصة. وفى تصريح لاالمصرى اليوم« قال عبدالواحد بيترسون إن رئيسة الحزب بياكاسجورد تضمر عداء مخيفًا ومتأصلاً للإسلام، وأضاف: »بعض نواب حزبها فى البرلمان ادعوا أن الرجال المسلمين فى الدنمارك يغتصبون بناتهم ثم يذهبون إلى الصلاةب، وتابع: »هم يقارنون بين الرموز الإسلامية والصليب المعقوف لهتلر«، وأشار إلى أن رئيس الحكومة من اليمين الليبرالى لكنه لا يملك الأغلبية فى البرلمان لذلك فهو متحالف مع حزب الشعب المتطرف. وأوضح بيترسون أنه من الناحية العملية، فإن الليبراليين أغلبية فى البرلمان ويحددون قراراته، وإذا كان »التمويل الرسمى« من الحكومة الدنماركية غائباً عن مشروع المسجد، فإنه موجود وبنسبة عالية، من خلال أول جريدة ناطقة بالعربية فى كوبنهاجن، وهى جريدة أخبار الدنمارك التى تصدر عن بيت الإعلام العربى. وقال محمد حمزة، رئيس تحرير الصحيفة، وهو عراقى هاجر للدنمارك قبل ربع قرن تقريباً: »نحن كدنماركيين ندفع ضريبة للدولة، وفى المقابل فإن الصحف هنا تحصل على مساعدات من الدولة، خاصة إذا كانت مادتها جادة ومتميزة«. وأضاف حمزة، خلال زيارتنا لمقر الصحيفة، وهو عبارة عن شقة بسيطة وضيقة: »إصدارنا عمره عام، لكن كان لنا موقع إلكترونى متميز، وبعد 3 أعداد طلبنا دعم الحكومة، والآن 66% من ميزانيتنا يتم تمويله من دعم الدولة«، وأشار إلى أن 87 ألف عربى يعيشون فى الدنمارك، والصحيفة توزع 5 آلاف نسخة فى أنحاء البلاد، وخطها الرسمى هو الحفاظ على الحياد وعدم الانحياز للحكومة على الرغم من تمويلها للجريدة. وأوضح أن من أهداف الجريدة التركيز على تحفيز العرب، ودفعهم إلى التعامل مع القضايا العامة »لأن العرب فى غالبيتهم هنا سلبيون«، لافتا إلى أن الصحف الدنماركية لا تهتم بقضايا الجالية العربية بشكل خاص لكنها تركز على »الأقليات« بشكل عام، وفى معظم الوقت فإن الصحف الدنماركية تهتم بالقضايا السلبية للعرب فقط. وقال نضال أبوعريف، سكرتير تحرير الصحيفة: »لدينا كتاب دنماركيون يكتبون لنا المقالات والموضوعات الصحفية، إضافة إلى ترجمتنا المقالات والتقارير المختارة من الصحف الدنماركية الكبرى للعرب غير الناطقين بالدنماركية«. وحول مشروع بناء المسجد الكبير، اتفق محمد حمزة ونضال أبوعريف على عدم جدواه فى الوقت الراهن »لأن الدنمارك بها نحو 115 مصلىً ومسجداً كبيراًب.