أكد عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية، ضرورة كسر الحصار الإسرائيلى المفروض على قطاع غزة، وقال فى مؤتمر صحفى قصير عقده فى الجانب الفلسطينى من معبر رفح البرى، فى أول زيارة له إلى القطاع أمس: «الحصار يجب أن يكسر ويقهر لأن الشعب الفلسطينى يستحق وقوف العرب والعالم كله معه». وشدد موسى على أن المصالحة الفلسطينية «إرادة سياسية وليس مجرد توقيع»، وقال إن المصالحة أمر أساسى ورئيسى وهى موقف يترجم بالاتفاق على مختلف الأمور التفصيلية، مشيرا إلى أن «التاريخ سيقف أمام الإرادة الفلسطينية». ودخل عمرو موسى إلى الجانب الفلسطينى من رفح والوفد المرافق له بسياراتهم المصرية فى العاشرة من صباح أمس، وجاءت الزيارة قبل يوم من الذكرى الرابعة لسيطرة حماس على القطاع فى 14 يونيو 2007، وبدا لافتاً عدم ركوب الوفد سيارات البروتوكول التى تخصصها حكومة حماس المقالة فى غزة للوفود الرسمية، فيما سيطر الأمن المصرى المرافق لموسى على ترتيبات الأمن وتفاصيل الزيارة التى استمرت 9 ساعات، التقى خلالها ممثلين عن أهالى الشهداء والأسرى والعديد من الشخصيات العامة الفلسطينية المستقلة وممثلى المنظمات الأهلية. وحرص عمرو موسى على أن ينأى بنفسه عن التورط فى أى حساسيات سياسية، واختار أن يعقد لقاءه مع رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية المقالة، إسماعيل هنية، فى منزله، وتعمد صبغ الزيارة بالطابع التضامنى والإنسانى، واقتصرت مراسم استقباله على عدد محدود من الشخصيات الرسمية المحسوبة على حماس، كان على رأسهم الدكتور أحمد يوسف، وكيل وزارة الشؤون الخارجية فى الحكومة المقالة، ورئيس تجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة الدكتور ياسر الوادية، وعدد من شخصيات الحكومة المقالة. وفيما ابتعد موسى عن الطابع الرسمى للزيارة، منحه أهالى شهداء عائلتى السمونى والداية، اللتين فقدتا أكثر من 30 من أبنائهما أثناء العدوان الإسرائيلى الأخير على قطاع غزة، ألقاباً جديدة، وخاطبه إبراهيم السمونى «عميد العائلة» بلقبى الدكتور والرئيس عمرو موسى، وكذلك كانت كتابات معظم اللافتات التى علقت فى بيت السمونى ومدرسة الفاخورة شمال قطاع غزة، حيث ألقى خطابا وسط تجمع لعائلات الشهداء والأسرى الفلسطينيين. ووضح مظاهر الانقسام الفلسطينى فى الزيارة، عندما حدث خلاف بين جمعيات الأسرى الحمساوية والفتحاوية المتجمعة فى مدرسة الفاخورة، حول أولوية من سيلقى الكلمات، وفى لافتة هى الأولى من نوعها منذ سيطرة حماس على القطاع، رفعت مؤسسات أهلية تابعة لفتح صور شهداء وأسرى الحركة، وبدا أن إنهاء حالة الانفصال الفلسطينى هو المطلب الأول لأهالى القطاع الذين قاطعوا كلمة عمرو موسى مراراً وهم يهتفون للوحدة الوطنية، وعقب موسى بقوله: «الوحدة لن تتحقق بالهتافات ولكنها تحتاج أن ترفعوا صوتكم لإنهاء حالة الانقسام»، وردد الأهالى فى عدة مداخلات: «نريد سفن لإنهاء الانقسام قبل سفن فك الحصار». وركز الأمين العام لجامعة الدول العربية حديثه قبل لقائه هنية على تقديم العزاء لعائلات الشهداء والأسرى، وفى مدرسة الفاخورة التى شهدت مجزرة استشهاد 40 من العائلات الفلسطينية التى لجأت إليها فى الحرب الأخيرة، قال عمرو موسى: «أحيى صمودكم ولا يمكن استمرار الوضع على هذا الشكل، ومسألة الحصار غمة وستزول»، وأكد أن جامعة الدول العربية هى بيت العرب ولها دور رسمى فى القضية الفلسطينية إلى جانب دورها الشعبى كما وصفه موسى. وطالب موسى فى خطابه بفك الحصار الفورى عن قطاع غزة، ووعد بالبدء فوراً فى إعادة الإعمار، وأكد أن الأموال العربية المخصصة لذلك جاهزة فى البنوك العربية والإسلامية، وقال: «مصرون على سرعة وصولها للغرض المخصصة له»، لكنه عاد وشدد على الدعوة لنبذ الخلاف الفلسطينى، وقال للجمع الحاضر عقب الهتاف له: «الوحدة الفلسطينية لازمة وبأيديكم أن تحققوها». وتابع: «أعترف بأنى متشوق للقاء المواطنين الفلسطينيين بكل ما يمثلونه من اتجاهات وصمود أمام الحصار الضارى»، معربًا عن سعادته للوقفة الوحدوية من مختلف التوجهات الفلسطينية، وقال: «ذلك أمر يسعدنى كما يسعد كل عربى، أن يرى الجميع معًا لهدف واحد، نراهم كإخوة ونحييهم كإخوة فى مجموعهم وهو ما نريده». وأعرب موسى عن شوقه فى السير على أرض فلسطين عبر زيارته إلى قطاع غزة ولقاء المواطنين الفلسطينيين من كل انتماءاتهم للوقوف على حقيقة الأوضاع فى القطاع الساحلى. ووصف وزير الصحة فى الحكومة المقالة باسم نعيم، خلال المؤتمر، زيارة موسى إلى غزة بأنها يوم تاريخى للشعب الفلسطينى، معتبرًا أنها كسرت حالة الفجوة بين غزة والأمة العربية وأعادت دفء العمق العربى الاستراتيجى للقضية الفلسطينية، ودعا نعيم إلى أن تكون لزيارة موسى خطوات جادة وعملية لكسر حصار غزة وتحقيق المصالحة الفلسطينية. وقال السفير محمد صبيح، الأمين المساعد لشؤون فلسطين إن زيارة الأمين العام للجامعة العربية لقطاع غزة هى رسالة للتأكيد على أن الدول العربية قررت بشكل عملى إنهاء الحصار والعمل بكل قوة على إنهائه وفقاً لقرار مجلس وزراء الخارجية العرب، الذين قرروا عدم التعامل مع أى إشارات أو أى شىء يطيل الحصار أو يبقى عليه، وأن زيارة الأمين العام هى تجسيد للتضامن العربى مع أهل غزة بكل شرائحه وكل الفصائل والمجتمع المدنى ورجال الأعمال. وبالتزامن مع زيارة عمرو موسى أعلنت إسرائيل اليوم السماح بدخول 3 أصناف وبضائع هى «الكاتشب والمايونيز ورباط الأحذية»، فيما لاتزال تمنع دخول أكثر من 4 آلاف سلعة رئيسية إلى قطاع غزة.