الموسوعة الإلكترونية بمثابة مكتبة ضخمة على «الإنترنت»، تشمل جميع المعلومات فى كل المجالات، وتعتمد على التحرير التعاونى، وتتيح لأى فرد الإسهام فى تحرير أو تصحيح أو تعديل أى معلومة، لذا أصبحت محل شك فيما تقدمه من معلومات، قد يكتبها البعض بغرض التضليل والتحريف. قال الدكتور شريف درويش اللبان، أستاذ الصحافة وتكنولوجيا الاتصال ب«إعلام القاهرة»، إن كل الموسوعات المعرفية الحرة المتاحة بها مفاهيم ومعلومات مغلوطة، لأن هناك العديد من المتطفلين يحاولون الدخول للإفساد والتضليل فى المعلومات الموجودة لغرض ما، سواء لتزييف حقائق تاريخية أو تحسين صورة مؤسسات مشبوهة. وأضاف إن «المخابرات الأمريكية تضع معلومات مغلوطة حول السياسة الأمريكية، للترويج لها وتحقيق دعم وتأييد عالمى لأمريكا». «ويكيبيديا» أكبر موسوعة عربية حرة، أعلنت فى العام الماضى تكوين فريق من المحررين لمراجعة كل التدوينات التى يدخلها المستخدمون، ورغم ذلك تعترف على صفحات موقعها بعدم مصداقية معلوماتها وتؤكد أنها قد تحتوى على بيانات غير موضوعية أو غير موثقة، وأكدت عدم وجود لجنة تحرير مركزية، ولا تتم بالضرورة مراجعة المعلومات قبل طرحها، وأن الموضوعات والمعلومات المنشورة لا تكتب نتيجة قرار من «ويكيبيديا» أو أحد موظفيها، وأنها تكتب بشكل كامل بواسطة متطوعين من جميع أنحاء العالم، وأن ما يحدث أمر متبع فى كل الموسوعات المعرفية الإلكترونية. لا يوجد حتى الآن موسوعة عربية متكاملة حرة تحظى بنسبة مطالعة أو تدوين سوى بعض التجارب القليلة مثل «موسوعة المعرفة» التى يتأخر ترتيبها مقارنة بالموسوعات الأكثر مشاهدة، الأمر الذى دفع الدكتور «نايل الشافعى» مؤسس موسوعة المعرفة فى 2007 إلى أن يسعى لدعوة المستخدمين العرب للتدوين فى الموسوعة من أجل زيادة تفاعلها. وهناك موسوعات أخرى أسسها العرب، لكنها لم ترق للشكل ولا المحتوى المقبول، منها موسوعة «زهلول» التى لا تتعدى 3 آلاف مقال وغيرها من الموسوعات الحرة التى مازالت تحبو فى سبيل تحقيق معدل تدوينات كبير. «عليك أن تحترس فى التعامل مع هذه الموسوعات، وتعرف مصدر معلوماتها الأصلى ومراجعته للتأكد فى صحتها».. هذا ما نبه عليه الدكتور شريف اللبان، وأكد ضرورة «الاطلاع على مصدر المعلومات إذا كنت من طالبى المعرفة، وأن تتحلى بالصدق والدقة إذا كنت من المدونين حتى لا تضلل من يريدها». رغم أن الموسوعات الورقية أكثر مصداقية وتوثيقا فإن «الإنترنت» أصبح وسيلة البحث الأولى عن المعلومات فى العالم، واعتمد عليه ملايين البشر فى الوصول لمعلوماتهم، لأنه مقارنة بالموسوعات الورقية أصبح من السهل أن تحمل «شريحة ميمورى» تحتوى على مليون كتاب، أفضل من أن تحمل مكتبة بها 100 كتاب، لذا «أصبح تاريخنا وثقافتنا مهددة بالتزييف والتضليل» وفق قول الدكتور أحمد كشك «عميد كلية دار علوم القاهرة». وأضاف: «فيما بعد لن ينظر أحد فى الكتب، وسيكون (الإنترنت) المصدر الوحيد للمعلومات، فإن لم يتدارك العرب خطورة عدم توثيق تاريخهم بشكل جيد، سيضيع تاريخهم وحضارتهم وتندثر ثقافتهم»، وأكد كشك أن الدولة هى المسؤولة عن حفظ تراثنا، وأضاف «إذا أردنا الحفاظ على موروثنا التاريخى والثقافى، فيجب أن تتولى الدولة الجهد الأكبر من هذه العملية، لأنها المؤسسة المسؤولة عن تسجيل التراث وحفظه من العبث والتحريف، بعيدا عن ذوى المصالح الشخصية والسياسية». وتابع كشك: «لكن فى نفس الوقت يجب ألا نمنع جهد الأفراد من الإضافة وتسجيل المعلومات، لأن هناك متخصصين فى مجالات معينة، لديهم شمول وتوسع فى مجالاتهم لذا يجب الاستفادة منهم». ودعا الدكتور فتحى صالح، مدير مركز التوثيق الطبيعى والحضارى بمكتبة الإسكندرية، الهيئات الحكومية متمثلة فى الوزارات المعنية بالثقافة والتاريخ والاتصالات والاقتصاد وغيرها، إلى المشاركة فى إنشاء موسوعة معرفية، تقدم فيها محتوى عربيا موثقا عن مصر وتاريخها، وتقدم معلومات متخصصة فى كل المجالات لتحمى ثقافتنا من العبث والتحريف، وأضاف: «يجب ألا نترك الموسوعات الحرة تكتب كما تشاء، ويجب أن يهتم المستخدم العربى المتخصص فى أى مجال بالدخول إلى المعلومات المزيفة ويصححها». وطالب المستخدمين العرب الإلتفاف حول موسوعة عربية واحدة، والعمل على إثرائها بالمحتوى العربى المختلف، لتحقق ثقلاً على (الإنترنت) حتى تكون مصدر معلومات موثوقا به على المستويين المحلى والعالمى». من جانبهم، أطلق وزراء الاتصال العرب خلال 2005 مبادرة وأوصوا من خلالها بإنشاء بوابة عربية لحفظ تاريخ وتراث العرب عبر مشروع «ذاكرة العالم العربى» على أن تشارك كل دولة فى إعداد المحتوى الخاص بها، وبدأ المشروع بالفعل وطالت فترة إعداده.. الموسوعة ستظهر فى يونيو 2011 وستضم تاريخ العرب».. هذا ما أكدته إجلال بهجت مديرة مشروع «ذاكرة العرب العالمية» وأضافت: «التوثيق بالمصادر سيكون أهم شىء فى البوابة، وستشمل تاريخ كل العرب، وستشارك كل دولة بتحرير تاريخها وفقا لقواعد البيانات التى تم الاتفاق عليها، ويتم تجميع المعلومات وإرسالها لإدارة البوابة فى مصر ليتم نشرها، وستكون كل المعلومات موثقة ومنسوبة لمصدرها». وعن أبواب الموسوعة قالت: «ستشمل التاريخ والآثار والمعمار والوثائق والكتب المتنوعة وغيرها من المجالات». وعن فكرة إتاحة البوابة لمشاركة المستخدمين بتحرير بعض الموضوعات، قالت إجلال «البوابة لن تكون متاحة لتدوين المستخدمين، لأنها ستكون مختلفة عن مفهوم الموسوعات الحرة لأننا سنوثق كل معلومة تذكر وسيتم ذكر مصدرها». إسرائيل تزيف التاريخ لحماية تراثها «من أجل ترويج العلم والمعرفة فى إسرائيل».. شعار رفعه المثقفون الإسرائيليون، ودعوا إلى إنشاء جمعية تطوعية لإدخال المحتوى «العبرى» على الإنترنت عن طريق موسوعة ويكيبيديا، وأطلقوا عليها «ويكيبيديا إسرائيل»، وبدأ المتطوعون الإسرائيليون نشاطهم بنشر الثقافة العبرية ودعوا الرئيس التنفيذى لشركة ويكيبيديا لسلسلة من المؤتمرات لدعم محتوى بلدهم على الموسوعة، كما سعوا لتغيير قانون الملكية الفكرية لإتاحة كل ما تنتجه الدولة من مؤلفات على الإنترنت من خلال الموسوعات. وتدس المقالات العبرية على موسوعة «ويكيبيديا إسرائيل» بعض المعلومات المغلوطة عن التاريخ المصرى، منها مقالة عن حرب أكتوبر 1973 ذكر فيها بالنص: «فشلت مصر فشلاً ذريعاً على المستوى العسكرى ولجأت لاتفاقية السلام للحصول على سيناء».